خبر : تل ابيب تستعد .. الهبة الفسطينية تنبع من الاسفل وموجة العمليات ستستمر طويلا

الأربعاء 21 أكتوبر 2015 01:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
تل ابيب تستعد .. الهبة الفسطينية تنبع من الاسفل وموجة العمليات ستستمر طويلا



القدس المحتلة / سما / كشفت مصادر أمنيّة إسرائيليّة، وُصفت بأنّها رفيعة المستوى، اليوم الأربعاء، كشفت النقاب أنّه بحسب تقديرات الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة، فإنّ ما أسمته موجة الإرهاب الفلسطينيّة ستسّمر لفترةٍ طويلةٍ، وبالتالي، فإنّ المنظومة الأمنيّة تدرس في هذه الأيّام قضية استدعاء جنود الاحتياط.


ولفتت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، نقلاً عن المصادر عينها، لفتت إلى أنّ جنود من الوحدات المُختارة في جيش الاحتلال يقومون في هذه الأيّام بحراسة الحافلات العامّة والقطارات، تحديدًا في القدس، لإحباط أيّ مُحاولات فلسطينيّة لتنفيذ عمليات فدائيّة ضدّ إسرائيليين. ولكن بموازاة ذلك، شدّدّت المصادر على أنّ هذا التطوّر يمسّ مسًّا سافرًا بتدريبات الجيش الإسرائيليّ استعدادًا للمُواجهة القادمة، وأنّ القائد العّام لهيئة الأركان، الجنرال غادي آيزنكوط، يعكف في هذه الأيّام على إعداد خطّةٍ جديدةٍ لعدم المسّ أكثر بالتدريبات الروتينيّة لجميع وحدات الجيش الإسرائيليّ، على حدّ تعبيرها.


ويأتي هذا التطوّر بعد تنفيذ عملية بئر السبع، يوم الأحد الماضي، والتي قام بتنفيذها أحد الشباب، مُهنّد العقبي، من قرية حورة غير المعترف فيها بالنقب، وعليه، لم ينحصر الاهتمام الإسرائيلي في نتائج العملية الأخيرة في بئر السبع، بل شمل أيضًا ما انطوت عليه العملية بهوية منفذها وساحة تنفيذها، من أبعاد ودلالات تؤشر على إمكانية اتسّاع النطاق الجغرافي للهبة الشعبية الفلسطينية، وهو ما يعني تحولها إلى عبء أمني يثقل على الواقع السياسي والاجتماعي في إسرائيل. وتنضم هذه العملية إلى ما سبقها، لتعيد تظهير حقيقة محدودية القدرات الاستخبارية الإسرائيلية، كما كل جهاز استخباري، برغم ما حققته من إنجازات نوعية طوال تاريخها، إلى جانب إخفاقات يقر بها القادة الإسرائيليون، مع أننا يجب ألا نغفل ما تتمتع به من قدرات لا يمكن الاستهانة بها أو تجاهلها.


وبرغم التحذيرات التي وردت على ألسنة سياسيين وإعلاميين في إسرائيل، إزاء ما تنطوي عليه المراوحة في الضفة المحتلة والقدس من أخطار سياسية وأمنية، والتقديرات المتوالية التي حذرت أكثر من مرة من إمكانية انفجار ما بفعل هذه المراوحة، فإن ما شهدته وتشهده القدس والداخل المحتل، يبدو أنه كان خارج التداول والسيناريوهات المرجحة لدى الجهات المعنية في إسرائيل، وعلى الأقل لم يصدر أي تعليق يزعم أن ما يجري كان متوقعاً، على مستوى النطاق الجغرافي أو حجمه أو أساليبه وآفاقه.


وهذا الفشل الاستخباري ليس الأول ولن يكون الأخير، وهو يرافق كل جهاز استخباري في العالم، لكن ما يميزه أنه يتعلق بالساحة الأكثر أولوية، إضافة إلى أن هذه الأجهزة تملك تسلطًا وسيطرةً على هذه الساحة بما لا يتوافر في الساحات الأخرى. ومع ذلك، فإن الفشل الاستخباري الإسرائيلي إزاء الهبة الشعبية الفلسطينية التي لا تزال تتفاعل، تجلى في أكثر من عنوان: أصل الحدث، وتوقيته، ونطاقه ومداه، والأفراد المنفذون، والوسائل المستخدمة.


وقد تفاوتت القدرات الاستخبارية الإسرائيلية في استشراف التطورات السياسية والميدانية التي واجهتها في تاريخها، فعلى المستوى العسكري، واجهت إسرائيل إخفاقات وإنجازات عندما تعلق الأمر بالجيوش النظامية العربية، ولكن هامش خطأ الاستخبارات الإسرائيلية ازداد نسبيًا بعدما بات التهديد المحدق يتمثل بقوى المقاومة، وأسباب ذلك تعود إلى أن حركة الجيوش النظامية أكثر تعرضًا للانكشاف من مجموعات المقاومة التي يقوم عملها على السرية بالدرجة الأولى، وقدرتها على التمويه والتضليل أعلى.


ولفتت المصادر ذاتها إلى أنّ من أبرز ما يميز الهبة الشعبية الفلسطينية في القدس وغيرها، أنها تنبع من الأسفل، وليست ترجمة لتوجهات صادرة عن قيادات مركزية. وهو ما جعلها بعيدة عن متناول رادار الاستخبارات، لجهة أصل الهبة. وفي ما يتعلق بالأفراد، تحول كل من منفذي العمليات، إلى صانع قرار ومستطلع ومنفذ، وأدواته هي ما توافر له كالأدوات الحادة المتوافرة في متناول الأيدي، على حدّ تعبيرها.


واللافت أنّ إسرائيل تُواصل محاولاتها لمواجهة هذه الظاهرة، عبر العمل على عدة خطوط موازية: الأول رفض تقديم ما تسميه بجوائز سياسية لأسباب متعددة، منها الإثبات للشعب الفلسطيني أنه لا جدوى للضغط في انتزاع إنجازات ترى فيها إسرائيل تشجيعًا على استمرار مثل هذه العمليات.


الثاني الاحتواء لمنع توسع نطاق العمليات واستمرارها وتحولها إلى انفجار واسع يضع إسرائيل أمام واقع إستراتيجي جديد، ويستدرج تداعيات أمنية وسياسية هي في غنى عنها، وضمن هذا الإطار يندرج أيضًا، امتناع الإسرائيلي حتى الآن عن اللجوء إلى خيارات أكثر دراماتيكية بما يرى أنها قد تؤدي إلى استفزاز وتحفيز الجمهور الفلسطيني في الضفة ومناطق 48 للمشاركة الفعالّة ضد إجراءات الاحتلال. 

والخط الثالث أن القيادة الإسرائيلية تعتمد إستراتيجية الردع القائم على العقاب، وهو ما تجسد في الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية لتدمير منازل عائلات المنفذين ومنعهم من إعادة بنائها، وغيرها من الإجراءات العقابية. 

ومع كلّ الأهمية التي يُوليها الإسرائيليون، قيادةً وشعبًا، لمُحاربة ما يُطلقون عليه الإرهاب الفلسطينيّ، إلّا أنّ صحيفة (يديعوت أحرونوت) شدّدّت في تقريرها اليوم، على أنّ العديد من الأصوات داخل المؤسسة الأمنيّة وداخل الجيش الإسرائيليّ، بدأت تتعالى وتؤكّد على أنّه من غير المعقول المسّ بجهوزية الجيش الإسرائيليّ للمُواجهة القادمة.