الخليل / محمد العواودة / بعد استشهاده بيومين، عثر مصلون على لوحة تركها الشهيد إياد العواودة، رسمها على نعشٍ مركون في غرفة بجانب المسجد في قرية المورق، وهي بلد الشهيد والمكان الذي نشأ وترعرع فيه.
إياد، الشاب الهادئ دائماً لم يكن كذلك في اللحظات الأخيرة من حياته، لم يكن كما عرفته أمه وأخوته وأقرباؤه، فقد فجر كل الغضب المكبوت داخله على جندي من جيش الاحتلال، ليسدد إلى يديه وظهره وصدره ما استطاع من طعنات.
يقول إمام القرية إن إياد، وفي يوم استشهاده، سبقه بساعتين إلى المسجد، ليقرأ القرآن، وليصلي صلاته الأخيرة على الأرض التي أحبها وفي المكان الذي ضمه منذ طفولته.
انطلق إياد صباح الجمعة 16 أكتوبر إلى مدينة الخليل، لينفذ في ظهر نفس اليوم عمليته على الهواء مباشرة، وليرتقي شهيداً قابضا على سكينه ورافعاً سبابته بالتشهد.
راح إياد، وترك لنا عبارة "يا مرحبا بلقاء الله، وهل أعظم من لقائه والجهاد في سبيله؟"، غادرنا الشهيد بـ6 رصاصات، إحداها اخترقت أذنه اليمنى وخرجت من مؤخرة رأسه، 6 رصاصات للسيطرة على الأسد!
زيّن إياد نعش مسجد القرية بيديه، ظناً منه أن ذلك النعش سيحمله إلى قبره، لكن النعش ظل مكانه، فأهله وأحباؤه وأبناء بلده أعدوا له في قلوبهم نعشاً أكبر مساحة وقدراً. قلوب الفلسطينيين صارت قبراً لإياد، قبراً يزورونه في اليوم ألف مرة، تارة مستغربين، وتارة متحمسين وتارة مترحمين على رجل ركض وراء الشهادة بكل ما أوتي من قوة، ركض وراءها وأحاطها بيديه، ضمها إلى صدره ونام.



