خبر : الازدواجية الاخلاقية الاوروبية \ بقلم: الياكيم هعتسني \ يديعوت

الثلاثاء 08 سبتمبر 2015 06:42 م / بتوقيت القدس +2GMT



عندما يطلق وحش داعش في الشرق الاوسط اذرعه لسحب دولة إثر اخرى نحو هوة القرون الوسطى التي يحرقون فيها ويغرقون بالطقوس الناس احياء، وتباع الاف جاريات الجنس في سوق العبيد وتدمر ذخائر ثقافية عتيقة، وفي اوروبا يندفع اللاجئون نحو بواباتها – يجلس وزراء الخارجية الاوروبيون ويتعمقون في مسألة كيف يسمون منتجات المستوطنات. هذا هو "ما في رؤوسهم". هذا هو ما يخيل لهم هاما بعد أن رفعوا أيديهم عن عمل أي شيء لانقاذ المبنى السياسي للشرق الاوسط، الذي كان من انتاج ايديهم، والآخذ في الخراب امام ناظريهم حتى الاساس.

مئات الالاف يقتلون في سوريا، في العراق، في ليبيا وفي اليمن، مأساة انسانية لملايين اللاجئين وصلت الى مدخل بيتهم، ولكن جدول اعمالهم مشغول بمسألة اكثر الحاحا: لماذا لا يزال اليهود يقيمون في القدس التاريخية وفي اماكن عربية سليبة مثل بيت ايل وشيلو؟ لا يهمهم ان يروا في الجولان، الذي يقاطعون انتاجه هو الاخر، الاسد أو جبهة النصرة، وفي يهودا والسامرة حماس – على أن يروا اليهود. وهل ثمة شك من كان سيستولي على هذه الاماكن لو أنهم ينجحون في ابعاد اسرائيل عنها؟

في غزة تسيطر حماس، منظمة ارهابية معلنة. فهل تصوروا ان يسمو منتجاتها؟ العكس! حتى اسرائيل تشجع التصدير من غزة بل وتبعث اليها 700 شاحنة في اليوم، واجب انساني لنحو مليوني نسمة يعيشون هناك. لو نجح الاوروبيون في أن يدفعوا اسرائيل الى الخارج، واستقر داعش في المناطق – فهل كانت اوروبا ستسم منتجاتها؟ والدليل هو أن ما ينتجونه في اجزاء يحتلها داعش من العراق وسوريا لا تسمه اوروبا. النفط الاسود، مثلا، الذي ينتجه داعش ويسوقه بلا مشاكل، او الاثريات السليبة التي يبيعها.

وهل ثمة تفسير آخر لمسرح العبث، الذي يسمون فيه البضائع من بلاد اسرائيل فقط؟ غير ان مئات الاف النفوس التي تقاطعها اوروبا هنا هم يهود؟

ولما كان الحال هكذا، فلعله حان الوقت للكف عن مراعاة "ما يقوله الاغيار" والاستماع، مثلا، لاقوال وزير الدفاع في مؤتمري صحيفة "كلكليست"، واللذين تجرأ فيهما على تجاهل مطالب "العالم" والقول لغرض التغيير بضع أقوال حقيقية. مثلا: "أنا مؤمن كبير بالمصالح – الاقتصادية والامنية – قبل الركض الى مؤتمر ما... يجلبون رجال القانون لصياغة الاتفاقات التي لا تصمد"، "نحن نبحث عن اتفاق يحل كل المشاكل، "التسيد" و "الآنية" – هما شران يشوشان عقولنا. "الاجراءات السياسية" تنثر أبخرة وقود تغذي الدافع لاخذ السكين. أسمينا هذا ذات مرة "ضحايا السلام"، ولكن هذا ضحايا المسيرة السلمية... بالذات عندما نصمد ونظهر كمن لا نتنازل، فاننا نحظى بهدوء أمني".

ألو، يا رئيس الوزراء، هل تسمع؟

تصوروا اسرائيل تتحرر نفسيا من الوهم بان التنازلات عن الذخائر الوطنية ستكسبها عطف الاوروبيين، ولغرض التغيير نحيا هنا بلا مفاوضات (والتي هي دوما عطاء وعطاء)، بلا بوادر طيبة (عليلة)، بلا تنازلات ("أليمة" وحتى غير أليمة)، بلا اتفاق (لا يساوي الورق) وبلا ضحايا السلام (الهاذي) – مع نظرة واعية للواقع وتقدير حقيقي لمن هم جيراننا اولئك، ممن اشعلوا حولنا وحولهم هذا الجحيم، ومن هم ايضا "الاصدقاء الاوروبيون" الذين يسمونا.