خبر : الفلسطينيون يعرفون أن لديهم ما يخسرونه \ بقلم: د. موشيه العاد \اسرائيل اليوم

الإثنين 31 أغسطس 2015 01:14 م / بتوقيت القدس +2GMT



          العمليات الفردية التي جرت مؤخرا تطرح السؤال من جديد – هل نحن على أعتاب انتفاضة ثالثة؟ الانتفاضة هي هبة شعبية. النقاش الجماهيري السطحي يعتبر، للأسف الشديد، كل أحداث العنف أو عدد من العمليات الارهابية مثابة انتفاضة.

          عايشت اسرائيل ظاهريا انتفاضتين. الاولى كانت انتفاضة "بيضاء"، عصيان مدني حقيقي، وشملت في الاساس رشق الحجارة والزجاجات الحارقة ووجدت التأييد من مشاهدي التلفاز في العالم الذي أمل انتصار دافيد الفلسطيني على جوليات الاسرائيلي.

          الثانية "انتفاضة الاقصى" التي بدأت في عام 2000 واستمرت عدة سنوات، وهي لا تستحق هذا الاسم. فهي كانت مثابة هجوم ارهابي وحشي بطرق فظيعة وعمليات انتحارية وقتل جماعي، وهي تعتبر الخطأ الاستراتيجي الاصعب للفلسطينيين في الجيل الأخير. التأييد والدعم الذي حظوا فيه في المعركة "البيضاء" تبخر وتلاشى مع كل عملية انتحارية في مقهى أو مجمع تجاري.

          حينما حصل ياسر عرفات على المليارات الاولى من الدول المانحة لانشاء البنية التحتية الفلسطينية، امتنع عن انشاء المباني، المؤسسات، المصانع والمواقع الاستراتيجية. "المعركة لم تنته بعد"، اعتاد أبو عمار على القول، "نحن نتوقع أن يتم هدم هذه البنى التحتية من قبل العدو الاسرائيلي في كل مواجهة معه". عرفات الثائر قال بكلمات يفهمها كل فلسطيني عادي: "اذا لم يكن للفلسطينيين ما يخسرونه فسيكونون دائما مستعدين للخروج الى الشارع والاحتكاك". هذه كانت بالنسبة لعرفات ايديولوجيا.

          مرحلة أبو مازن التي بدأت قبل عقد من الزمن تميزت بتوجه عكسي. "يمكن اجراء الثورة وتأسيس اقتصاد سليم في نفس الوقت"، هذا ما اعتقده أبو مازن. ففي عهده تزدهر الضفة الغربية، إلا أن نسبة البطالة ما زالت مرتفعة وفي بعض الاماكن الوضع الاجتماعي – الاقتصادي صعب. ولكن قياسا مع فترات سابقة فان هناك تغيرات جديدة تطرأ على الضفة. "مدن التماس"، جنين، طولكرم وقلقيلية، تعود بالتدريج الى مكانتها الاقتصادية القوية بفضل العلاقة التجارية مع عرب اسرائيل ومع جزء من الجمهور الاسرائيلي. في المنطقة الصناعية التي أقيمت في جنين يصلحون تقريبا السيارات الاسرائيلية فقط. والزبون الاسرائيلي يعود ايضا الى عيادة الاسنان في الضفة، مثلما كان في السبعينيات بالضبط. ايضا رام الله وبيت لحم تنموان اقتصاديا، ومن يتجول في المراكز يشعر كأنه سائح في الخارج ويستمتع من المطاعم والشيفات والموضة التي تنتشر هناك. يكفي النظر الى مدينة روابي في رام الله كي نفهم مسيرة المجتمع الفلسطيني في تحسين مستوى المعيشة.

          لماذا اذا لا تندلع الانتفاضة الثالثة؟ تُسمع في المجتمع الفلسطيني اسباب مختلفة لذلك. بدءً من وعي السكان ومرورا بالخشية من صعود حماس وانتهاء ببديل "الانتفاضة السياسية" في أروقة الامم المتحدة. لكن السبب الرئيس هو أن الفلسطينيين في الضفة الغربية ينظرون الى غزة والى الشمال في لبنان والى الشرق في سوريا والعراق والاردن، ولا يتوقون الى المغامرات المشتركة. يوجد للفلسطينيين الآن في الضفة الغربية الكثير مما يخسرونه.