خبر : مجال النفي \ بقلم: بن كسبيت \ معاريف

السبت 22 أغسطس 2015 03:57 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

       في بداية الاسبوع نفى مكتب رئيس الوزراء نفيا قاطعا وجود أي مفاوضات بين اسرائيل وحماس على تسوية لعشر سنوات للوضع بين اسرائيل والقطاع. وقد جاء النفي في اعقاب قول موظف في الحكومة التركية تحدث فيه عن "التقدم" في هذه المفاوضات المنفية.

 

          اين الحقيقة؟ في الوسط. المفاوضات قائمة، كل الوقت. المقطع مع نتنياهو هو ما يسمى "مجال النفي". مثلما في المفاوضات مع الفلسطينيين، والتي سار فيها نتنياهو شوطا بعيدا الى اليسار، ولكنه احتفظ بالحق في نفي هذا السير، هكذا ايضا هنا. المفاوضات تديرها محافل سرية، وكون طرفنا لم يلتقِ مباشرة مع رجال حماس، بل مع وسطاء، يمكن لبيبي ان يروي لنفسه (وللعالم) بانه يسير مع ويشعر بلا. الخدعة الاسرائيلية التقليدية. هكذا ايضا في حالة الورقة التي تحققت في لندن بين مبعوث نتنياهو اسحق مولخو ومبعوث ابو مازن حسين آغا. هذا اجمالا هو اقتراح امريكي، قال بيبي بعد ذلك.

 

          اما الاتصالات مع حماس فيديرها فريق برئاسة ليئور لوتان. منسق اعمال الحكومة في المناطق اللواء يوآف (فولي) مردخاي، يلعب هناك دورا هاما. محافل المخابرات نشيطة، وكذا الموساد. وتجري الاتصالات في دول مختلفة في المنطقة، بما فيها في الخليج. قطر سائدة جدا. وبالتوازي، يتراكض ايضا طوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الاسبق، مع اقتراحات وافكار واوراق من هنا الى هناك. الطرف الاسرائيلي يشعر بان بلير غير مخول من جهته بشيء، ولكن بلير يتحول ليصبح نوعا من شمعون بيرس البريطاني ويحاول خلق وثيقة تفاهمات من اصداره نفسه. وفي هذه الاثناء يقوم باعمال تجارية لا بأس بها.

 

          على ماذا نتحدث؟ قبل كل شيء، عن الجرف الصامد. لم يعد احد يتذكر هذا، ولكن حملة الجرف الصامد انتهت بمداولات بين اسرائيل وحماس في مصر، هناك تقرر، ضمن امور اخرى، بان كل المسائل الهامة مثل الميناء، الاغلاق على غزة وما شابه، تبحث في مفاوضات تجرى لاحقا. إذن ها هي تجرى لاحقا. ويضاف الى هذا التطلع الاسرائيلي الى انهاء قضية جثتي مقاتلي الجيش الاسرائيلي (اورون شاؤول، هدار غولدن) ويوجد ايضا "مخطوفان" آخران (أبرا مانغستو ومواطن بدوي آخر) خطفا نفسيهما الى القطاع ومصيرهما غير واضح.

 

          في حماس يسمون مثل هذا النوع من الترتيب موضوعا انسانيا. اما في اسرائيل فيختبئون خلف جثتي المقاتلين. هكذا ينجح نتنياهو في ان يقضي حتى الان سنوات طويلة في مفاوضات مكثفة مع حماس، في واقع الامر لا تجرى، إذ ان بيبي لا يتحدث مع  الارهاب، كما هو معروف. ولكن المبعوثين يواصلون الخروج والعودة، وكذا الاتراك في الداخل، والخدعة الاسرائيلية التقليدية تدار بسكينة ولها على الاقل انجاز بارز واحد: ابو مازن يأكل قلبه.

 

          هذا الاسبوع قرر ابو مازن بانه اذا كان نتنياهو يتحدث مع معارضته (حماس)، فانه سيتحدث مع معارضة نتنياهو (هرتسوغ). اللقاء جرى في رام الله، استمر ساعة وربع ثنائيا، ومما نجحت في أن أفهمه، فقد مارس هرتسوغ على الزعيم الفلسطيني الضغط وحاول اقناعه الا يعتزل منصبه في ايلول القادم. صحيح، مبهج النزول على بوجي فهو وابو مازن يكملان الواحد الاخر، وجديران الواحد بالاخر، ولكن يخيل لي ان في هذا الموضوع هرتسوغ محق تماما وبعد وقت غير بعيد سنكتشف هذا ايضا على جلدتنا.

 

          لا أدري اذا كان ابو مازن سينفذ تهديداته في الاعتزال. فليس سهلا اعتزال منصب ابو مازن. بعد ربع ساعة من خروجك من المقاطعة، ستبدأ التحقيقات ضد الاعمال التجارية لابنيك (مثل مبارك)، واذهب لتعرف كيف سينتهي هذا. هذا هو السبب في ان ابو مازن يصفي الان كل مراكز القوى المعادية له (بل انه أمر باغلاق فرع خطة جنيف في رام الله، فقط لانها تماثل مع كريه نفسه ياسر عبد ربه).

 

          من جهة اخرى، ابو مازن بات فوق 80، وهو تعب، مستنزف، واعٍ ومل جدا. لقد خرج إمعة. عرض حياته واسمه وارثه للخطر في أنه هجر طريق الارهاب وقاتله بكل قوته، ولم يحصل على أي شيء بالمقابل. في الاشهر القريبة القادمة ابو مازن هو حيوان جريح قادر على كل انواع الامور. يجدر بنا أن نراقبه.