خبر : المرأة التي خانت أحد قادة تنظيم داعش

السبت 15 أغسطس 2015 07:23 م / بتوقيت القدس +2GMT
المرأة التي خانت أحد قادة تنظيم داعش



ديلي بست: في حين التحقيق في كيفية تجنيد تنظيم داعش للمتطرفين الإسلاميين الشباب السذج على الإنترنت، بدأت آن إريل بإغراء أحد قادة التنظيم عبر الإنترنت.

كتبت آن إريل: “لقد كنت أواعد جهادي فرنسي في سوريا عبر الإنترنت“. لسنوات عديدة، كانت إريل، وهي صحفية فرنسية، تدرس الظروف التي تقنع الشباب الغربي إلى الإيمان بالدعاية الإلكترونية، وقطع العلاقات مع أسرهم، والانضمام إلى مناصرة قضايا متطرفة. (وفقًا لإحصاءات نشرتها صحيفة الغارديان في عام 2014، انضم ما يقدّر بنحو 15 ألف مقاتل أجنبي إلى تنظيم داعش منذ عام 2010، أكثر من ألف منهم من فرنسا).

تأثرت إريل بالمحادثات التي أجرتها مع الأسر التي تعاني في أعقاب الرحيل المفاجئ وغير المفهوم لأبنائهم، وأجرت بعض التحقيقات الاستقصائية حول كيف تعمل وسائل التواصل الاجتماعي كقناة للتطرف. قبل عدة سنوات، خلقت شخصية إلكترونية مزيفة باسم "ميلودي"، وهي شابه تبلغ من العمر 20 عامًا اعتنقت الإسلام من تولوز، يضم ملفها الشخصي مجموعة من مقاطع الفيديو الدعائية، وصورة الأميرة ياسمين (من علاء الدين) كصورة رمزية لحسابها. من خلال هذا التواجد على موقع "الفيس بوك"، حاولت أن تفهم كيف تقوم الجماعات الإسلامية بغسيل دماغ، والتلاعب بالشباب المعرضين للخطر، لا سيما النساء.

وعلى الرغم من أنها داخل شبكة مراقبة، لكن في أحد الأيام تواصلت إريل أو ميلودي مباشرة مع عضو رفيع المستوى داخل تنظيم داعش في سوريا، وهو أبي بلال الفرنسي؛ الذراع اليمنى لأبي بكر البغدادي، قائد تنظيم داعش. وكان بلال مولعًا بالشيكولاتة بالحليب، وبنادق M4، ويتفاخر بعمليات القتل الجماعي التي قام بها.

قالت إريل: "نّ الأخطاء النحوية المذهلة لم تصرفني عن إدانته". كان بلال بارعًا في تكتيكات حرب العصابات في أفغانستان وباكستان وليبيا. وفي غضون أيام من أول اتصال أصبح مهووسًا بميلودي، يراسلها باستمرار، ويحاول إجبارها على أن تأتي إلى سوريا والزواج بها، والقيام بأعمال الجهاد. لقد قابلت إريل المجاهدين كمراسلة صحفية، ولكنها لم تتعامل مع أي شخص من ذوي الخبرة للحصول على أي معلومات سرية. تمّ التأكد من المنصب القيادي لهذا العضو من خلال تواصله معها، حيث لاحظت إريل: "في بلد ليس به لا كهرباء ولا ماء، يمتلك هذا العضو أحدث التقنيات". كانت تتواصل معه بشكل منتظم، لدرجة تنظيم رحلة لمقابلته عند الحدود التركية، قبل الانسحاب من هذا الوضع.

تصف إريل تجربتها لمدة شهر في عالم التطرف الإلكتروني بتفاصيل تقشعر لها الأبدان في كتابها “In The Skin Of A Jihadist”، وهي خيانة تطلبت منها أن ترتدي النقاب، عندما كانت تتحدث معه عبر برنامج "سكايب"، وأجبرتها على الإذعان لأي شيء كان هذا البربري يريد سماعه.

إريل لا تزال تتعامل مع تداعيات شجاعتها، ومن ثم إذلالها نتيجة التواصل مع هذا الإرهابي: في أعقاب خدعتها، كانت تضطر إلى تغيير العديد من عناصر هويتها. وبلا توقف، لا تزال تصر بعناد على أنه يجب الكشف عن جذور "الجهادية الإلكتروني"؛ لمنع الشباب السذج من استدراجهم وحصارهم في حياة من العنف. وفي مقابلة هاتفية مع صحيفة الديلي بيست، ناقشت تجاربها ومخاوفها بشأن المجتمع الغربي، لا سيما قلقها من أنّ الغرب يتفاعل عادة مع التهديدات الحرجة للتطرف بعد فوات الأوان.

كيف انجذبت في البداية إلى استكشاف هذا العالم الإلكتروني؟

لقد كان هناك هذا الجانب الإلكتروني المذهل. الإرهاب كيان مظلم وغامض، وفجأة يجد نفسه على الشبكات الاجتماعية حيث يراه الجميع، بمن فيهم المراهقون. لقد وجدت الأمر مثيرًا للغاية. أجريت العديد من البحث، لأنه مرّ وقت طويل على عملي في قضايا متعلقة بالإسلام والتطرف، ولم تكن العلاقة بين الإسلام والتطرف نفسها على الإنترنت، ولا نفس الطريقة في التفكير، أو حتى الطريقة التي يتحول الناس من خلالها إلى التطرف أو التدين. أردتُ أن أعرف أكثر عن هذه الأمور. لا أعتقد أن الناس يدركون مدى تورطنا في الحرب ضد المتعصبين، والمصالح الشخصية للبلدان التي ليس لها علاقة بالدين، ولكنها تسعى وراء النفط.
كيف يختلف كتابك عن المقال الأول الذي كتبته، ونُشر في فرنسا؟

إنّه مختلف بمعنى أنني كصحفية كنت لا أضع آرائي الشخصية داخل الكتاب. كان هدفي هو أن أكون صوتًا محايدًا. والذي فعلته في هذا الكتاب هو وضع الجانب الشخصي حول ما كان يحدث لي بالتوازي مع ما كنت أكتبه. إنه يتحدث حول كيف عشت هذه التجربة، وهو بذلك يخلق بُعدًا مختلفًا للقارئ الذي يدرك مدى حدوث سرعة الأشياء، ويشهد كيف انقلبت حياتي رأسًا على عقب بسرعة كبيرة.

في أحد أجزاء الكتاب أوضحت أنّه في هذه القصة "الصحفية هي بطلة الرواية أيضًا." متى اتخذت هذا القرار؟

لم أكن أريد أن أكتب هذا الكتاب في البداية، لأنني كنت أتعرض للتهديد، واعتقدت حينها أنه سيكون إثارة لمزيد من المشاكل. لقد طُلب مني عدة مرات، وكنتُ أرفض. واصلتُ تلقي التهديدات. وبعد أسابيع قليلة سافرت إلى الخارج لمدة شهر ونصف، وذلك عندما اكتشفت أنّ هناك فتوى صدرت. كنت خائفة وأشعر بالغضب. أنا مهددة، وأحبائي مهددون أيضًا.. قررت حينها أنا أحكي قصتي الحقيقية!

قيل لي: بما أنكِ لا تملكين المساحة الكافية، اكتبي عن حياتك. إنها ليست ممارسة أمنحها لنفسي، لأنني كصحفية أول شيء أتعلمه هو أن أكون محايدة. ما زال  كل شيء يدور في رأسي، وفي الواقع كانت كتابة متهورة جدًا، ومضطربة أيضًا. هذه هي الطريقة التي كتبت بها هذا الكتاب، لم يكن هناك أي هدف شخصي للقيام بذلك في البداية. والآن أرى كيف أنه من المهم للقارئ أن يفهم ما يحدث خارج المقال الذي كتبته منذ فترة، وحقيقة ما يحدث لأشخاص يريدون الجهاد بطريقتهم الخاصة.

أنتِ تقولين إنّ: "التكنولوجيات الجديدة أنتجت بالطبع أشكالًا جديدة من التبشير" هل يمكنكِ شرح كيف تتبعت هذه المسألة؟

كان الغرض من حسابي الوهمي هو البحث، وليس نصب فخ لأي شخص. ولكن انتهى بي الأمر واستخدمته كمراقبة: للشباب الناطق بالفرنسية والإنجليزية أيضًا الذين يريدون الذهاب إلى الشرق الأوسط. إنّه أمر مرعب؛ لأنّه في البداية كان المنتدى مجرد دعوة إلى الدين، ولكنه تطور إلى منتدى انتقائي. ومع النساء، كان التطرف هائلًا. قبل 18 عامًا، كنتَ لا ترى النقاب في شوارع فرنسا. واليوم، تغيّرت الأمور بشكل كبير، وصاحب ذلك تغيرات رقمية أيضًا. يشعر الناس بالضيق، ولذلك فهم بحاجة إلى الانتماء إلى شيء، والدين يمنحهم الانطباع بالعيش في عالم أقل فردانية، وأكثر انفتاحًا.

ولكن عند حديثك عن التطور، ما تم طرحه هو نسخة من القرون الوسطى للإسلام، كيف يمكن أن يكون لذلك أي صدى في هذا اليوم وهذا العصر؟

يواجه الناس صعوبة في تحديد مواقعهم. إنهم يريدون العيش في مجتمعات، ولكنّ الفردانية باتت متفشية للغاية، ونحن نرى أن ذلك خارج إطار الدين. ولكن هناك انقسامات كبيرة داخل الإسلام نفسه. حتى مع الالتفاف حول الدين، هناك اختلافات كثيرة في هذا الأمر. وفي نهاية المطاف، فإنّ أفضل طريقة هي الالتفاف حول شيء جذري؛ لإظهار الولاء وعزل النفس. الناس الذين يغادرون لا يؤمنون بالعالم الذي نعيش فيه؛ إنهم يعتقدون أنهم بحاجة إلى التواجد في أي مكان آخر لعيش حياة جيدة.

ذكر ضابط مخابرات في كتابك: "لا يمكننا أن نراقب كل من يقضي بعض الوقت في هذه الدول الدينية.. إما أن يخبرنا الناس بأننا غير أكفاء، أو يتهموننا بالإسلاموفوبيا" ما هو الطريق نحو المضي قُدمًا؟

إنّه من السهل دائمًا أن نقول في وقت لاحق، لكننا ينبغي أن نتدخل قبل أن نقول ذلك. نحن لا نعلم شيئًا عن تواجدهم على شبكات الإنترنت منذ 6 أو 12 شهرًا، بل منذ ثلاث سنوات، كحد أدنى. لقد شاهدنا صعود هذه الظاهرة في أوروبا، وحتى الآن مازلنا حيث كنا في العام الماضي، ولم يحدث أي تغيير.

أتفق أننا لا يمكننا مراقبة جميع مستخدمي الإنترنت. ولكن يجب علينا مراقبة الناس الذين يحاولون تجنيد الآخرين، وكان ينبغي أن يحدث ذلك في وقت سابق. ليس من الطبيعي أنه في هذا اليوم وهذا العصر، ومع الهجمات التي حدثت على مدى السنوات الخمسة عشر الماضية، أن يكون لجيش على الإنترنت هذا القدر من التأثير، وفي النهاية نتركهم دون عقاب. ففي حسابي الوهمي، كان هناك مئات من المتعصبين، الذين كانوا يدعون إلى القتل ويهددون بلدهم الأصلي. كان يمكن ردعهم في وقت سابق. عندما بدأت إجراء مقابلات مع أسر الشباب الذين غادروا إلى سوريا، وقات أسرهم بالذهاب إلى مركز الشرطة، كانت الشرطة تنظر إليهم وتقول، ماذا تريدون أن نفعل؟ لم يكن هناك أي دعم. لذلك؛ كان يجب أن نعلن الحرب على بشار الأسد منذ سنوات. ستكون هناك أضرار جانبية هائلة، ولكن لن يذهب ذلك سدى. لقد أصبح الشباب الذين يذهبون هناك وقودًا للمدافع فقط.

في أعقاب حادثة تشارلي إيبدو، هل تعتقد أنّ فرنسا حشدت الجماهير بشكل مختلف منذ أن شهدت البلاد آثار التطرف على أراضيها، وكان عليها مواجهته؟

لم يفت الأوان بعد. أنا متفائلة بالطبع، ولكن هناك مشكلة كبيرة؛ وهي أنّ الناس لم تفهم ظاهرة التطرف إلّا بعد وقوع عمل إرهابي. لقد أجريت هذا التحقيق قبل حادثة تشارلي إيبدو، وكانت السلطات على علم به.

لقد كنت في أمريكا لمناقشة الكتاب. هل كان الاستقبال مختلفًا عن فرنسا؟

كثيرًا ما سُئلت إذا ما كنت قد تعرضت للكثير من المخاطر عند إجراء هذا التحقيق. أشعر بأن هذا سؤال غير مناسب. لقد تعرضت لمخاطر أقل من الناس في مواقع العمليات. وخلاف ذلك، ما أدهشني حقًا هو أنني لا أقول شيئًا جديدًا، ولكن الناس يعتقدون أنهم تعلموا معلومات جديدة. وهذا أمر محزن. لقد أغرقتنا المعلومات في الصحافة حول الجهاد، ولكنّ الوعي يزداد فقط عندما يحدث أي هجوم. ومن المحزن أننا نحصل على المعلومات الأساسية بعد، وليس قبل الهجوم.