خبر : يقظونا عندما تأتي المصيبة\ بقلم: كارولينا ليندسمان\هآرتس

السبت 15 أغسطس 2015 03:33 م / بتوقيت القدس +2GMT




أجاد يوفال ديسكن في تعقيب على الفيسبوك هذا الاسبوع في وصف ما ينتظر دولة اسرائيل : "دولة أقلية يهودية منقسمة ومنشقة، تقوم على اساسا الشريعة الدينية اليهودية، والتي تسيطر بالقوة على الاغلبية الفلسطينية في داخلها". كما أظهر ديسكن نضجا تاريخيا وشرح بانه "من غير المتوقع اعلان رسمي عن الوضع... فصعب جدا تشخيصه الى أن يحقق "كتلة حرجة". وعندنا نستيقظ، سيكون فات الاوان".
كم كبيرة كانت المفاجأة للاكتشاف بان هذه الاقوال القاطعة، التي تبدو كنداء استيقاظ للمجتمع الاسرائيلي، ليست سوى تهليلة يغنيها ديسكن لنفسه قبيل سبات سياسي، ايقظوني عندما يكون الوضع اسوأ، طلب قبل لحظة من النوم: "الشعب يبدأ برؤية الامور... فقط عندما يبدأ الوضع في أن يصبح سيئا جدا. وعليه فلم يتبقَ سوى الانتظار". بعد يومين من التعقيب على الفيسبوك، أعلن على الملأ بانه بالفعل لن ينضم الى السياسة في السنوات القريبة القادمة، وهو يفضل تكريس وقته لاحلامه الشخصية.
ديسكن ليس "الامل السياسي" الاول لـ "معسكر اليسار" الذي يتحدث هكذا. فايهود باراك، في مقابلة اجرتها معه "هآرتس" في بداية السنة (9/1) قال ان اسرائيل توجد في لحظة قبل "الانحدار في المنزلق السلس حتى النقطة التي تجد فيها نفسها في الهوة التي هبط اليها حكم الابرتهايد في جنوب افريقيا في الثمانينيات". وعن امكانية عودته الى السياسة كتب غيدي فايتس الصحفي الذي أجرى اللقاء معه فقال: "حسب تحليل (باراك) يبقى دوما خيار أن يدعوه الناس بعد لحظة من بداية الفصل الاول من الكارثة... غير أن الكارثة لم تكشف وجهها بعد"، على الاقل صحيح حتى كانون الثاني 2015.
باراك هو الاخر استغل المهلة التاريخية حتى الكارثة الحتمية لتحريك تغيير سياسي، من أجل العمل في مصلحة بيته. ولعل هذا هو جذر المشكلة: في أن امكانية "تجسيد الاحلام الشخصية" في اسرائيل لا تصطدم بـ "الوضع"؛ في أنه في اسرائيل يمكن للمرء "ان يعمل في صالح بيته" في الوقت الذي تتدهور فيه الدولة نحو الكارثة، (هذا ايضا هو الدافع للارهاب: الرغبة في ايصال الكارثة الى مدخل كل بيت؛ او الى العقوبات الدولية: اسقاط السور الفاصل بين البيت الخاص والبيت الوطني).
ان فكرة العمل لدى اليسار الليبرالي مقيدة بسلاسلها نفسها: الفهم في أنه لا تحتمل حركة تاريخية بلا أزمة وفي نفس الوقت الاستيعاب بانه ليس اخلاقيا احداث أزمة انطلاقا من النية لتحريك سياقات تاريخية. ولكن ديسكن وباراك عميان لحقيقة ان الموقع الذي لرجال معسكرهما السياسي في جبهات القوة في الدولة آخذ في الضعف كلما انتظرا ساعة الصفر.
الجيش الاسرائيلي مثلا. أمير أورن عجب هذا الاسبوع برجال الاستخبارات، "الذين يسكتون كالاسماك التي لا ترى ان مستقبلها هو في الطبق". محظور أن ننسى انه في العصر الحالي لا حاجة الى التصفية الجسدية للمعارضة الداخلية. فقلة قليلة جدا من الناس هم "هامين بما يكفي" على حد قول دانييلا فايس، كي يقتلوا. فمعظمهم يمكن اسكاته بالتجفيف الاقتصادي. والخوف يتسلل الى كل المنظومات والناس يتعلمون كيف يتعين عليهم ان يتصرفوا من أجل أن "ينجوا". ورويدا رويدا تتشكل المنظومات من اناس يكمون افواههم ويفعلون ما ينبغي أو ممن على اي حال يوافقون على ما يجري.
يحتمل انه في اليوم الذي يصحو فيه ديسكن وباراك للعمل، سيكون الجيش الاسرائيلي مثلا في ايدي المعسكر الاخر. وكذا جهاز القضاء والموظفية العامة. وسائل الاعلام باتت هناك: "يديعوت احرونوت" سارت على الخط السياسي مع "اسرائيل اليوم"، حين فهمت بان من لا يسير يمينا لا يبيع. وبالتوازي، فان جهاز التعليم يربي الاولاد حسب المعايير الصادرة عن مدرسة اليمين القومي المتطرف. فمع من بالضبط ستحقق "امال اليسار" التغيير السياسي حين تتوفر الظروف السياسية له؟