خبر : عودة الى فك الارتباط\ اري شبيط، \ "هآرتس"

الخميس 13 أغسطس 2015 09:40 ص / بتوقيت القدس +2GMT



امضيت صيف الصدمات في 2005 في غوش قطيف، لأنه لم يكن لديه أي مفر آخر، وبالذات لأنه كان من اوائل الذين طرحوا فكرة الانفصال ودعم الخطة (بتحفظ)، وكان من الواضح له اثناء تنفيذ الخطة انه يجب ان يتواجد مع ضحاياها.

ويضيف: "قبل عشر سنوات تماما جلست في نيتسر حزاني وعشت اخر اسبوعين رهيبين للمستوطنة. وفي نهاية الأمر تم اخلائي من قبل جنود الجيش، واجتزت مع المقتلعين على متن حافلة الركاب، معبر كيسوفيم، وسافرت من هناك الى صلاة الانكسار والخراب التي اقاموها في ساحة حائط المبكى.

كواحد من الذين كانوا شركاء فكريين في قرار هدم 24 بلدة واخلاء 8500 شخص من أراضيهم، شعرت بواجب التواجد مع من تم تخريب بيوتهم، وشطب بلداتهم وانهيار عالمهم.

خلال السنوات العشر الأخيرة، اكتسب فك الارتباط سمعة سيئة. فالرد الفلسطيني على انسحاب اسرائيل لم يكن انشاء سنغافورة على البحر المتوسط، وانما تأسيس حماستان متعصبة، تكرر هجماتها على سديروت واشكلون وتل ابيب. ولم يكن الرد الدولي على اخلاء المستوطنات متعاطفا وداعما على المدى الطويل، وانما انعكس في تقارير غولدستون وماكغوين ديفس، وانتقاد النشاطات الدفاعية المستقلة للجيش الاسرائيلي. والرد الاسرائيلي على الخطوة الاحادية الجانب لم يكن تحديث الدولة، وانشاء مركز صهيوني قوي واعتماد طريق سياسي إبداعي وواقعي، وانما تمكين المتطرفين. وهكذا فان العبرة التي استخلصها معظم الإسرائيليين من فك الارتباط هي عدم تكرار ذلك، ومن المفضل عدم محاولة التوصل الى السلام وعدم تقسيم البلاد، والغوص في الوضع الراهن الساخن: تناول الطعام والشراب، وتعزيز الشركات المبتدئة.

ولكن بالذات في الذكرى العاشرة لفك الارتباط تبدو الأمور مختلفة قليلا. فسديروت تعج بالحياة، والنقب الغربي يزدهر، واراضي البناء تباع في "نتيف هعسراة" كالخبز الساخن. الوضع في غلاف غزة لا يبدو بالغ الخطورة. فعمليات "الرصاص المسكوب" و"عامود السحاب" و"الجرف الصامد"، ورغم تكلفتها البشرية المرعبة، حققت ردعا معينا وخلقت نوعا من الاستقرار على الحدود الجنوبية. وقد اثبتت قوة الجيش، ومناعة المجتمع المدني وذكاء "القبة الحديدية" ان إسرائيل تعرف كيف تواجه التهديد العسكري لحماستان.

لكن اسرائيل لا تعرف كيف تواجه التهديد الداخلي المتمثل بـ"ييشاع ستان" (دولة المستوطنين). شقيقتنا دانئيلا فايس تشكل خطرا علينا اليوم اكثر من عدونا اسماعيل هنية. البناء الجنوني في المستوطنات، والتطرف الرهيب فيها، والهجوم المباشر للمستوطنات على الديموقراطية يهدد صورتنا وحقيقة وجودنا. الخطر الحقيقي يتربص بإسرائيل ليس من منطقة الاحتلال التي انسحبت منها، وانما من مناطق الاحتلال التي لم تنسحب منها بعد.

هل يعني هذا انه يمكن القيام بفك ارتباط آخر وفورا مع يهودا والسامرة؟ لا، بتاتا. العبر من اخطاء اريئيل شارون واضحة: يجب محاولة اجراء مفاوضات سياسية اولا، وبعد ذلك محاولة التوصل الى تفاهمات غير رسمية مع الفلسطينيين، وتركيز الانسحاب في اطار استراتيجي اقليمي واسع، يجب ان ترافقه خطة مارشال فلسطينية وخطة أمن اسرائيلية، تضمنان الاستقرار والازدهار حتى في غياب السلام.

لكن هذا كله لا يعني الانتقاص من حقيقة شارون: في نهاية الامر لا يوجد أي مفر من الامساك بزمام مصيرنا، ورسم حدودنا وتقسيم البلاد. لقد كان هذا العمل المطلوب مرتبطا في الماضي، وسيبقى مرتبطا في المستقبل، بقسوة كبيرة. ولكن مع كل الاحترام لمحبة رؤوبين ريفلين للدولة الثنائية القومية، فان مستقبلنا في هذه البلاد تضمنه فقط الصهيونية المستقلة والواقعية، بروح دافيد بن غوريون. آن الأوان للعودة الى صيف 2005، ودراسة اخفاقاته وانجازاته، والمواصلة من تلك النقطة المؤلمة، التي اجتازت فيها حافلة الركاب، معبر كيسوفيم.