تجري في لندن الآن حملة جمع التواقيع على عريضة، هدفها الوصول الى 100 الف توقيع، والمطالبة باعتقال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المتوقع قيامه بزيارة لندن في الشهر القادم. هذه ليست اول مرة تقوم بها الجهات المناصرة للفلسطينيين بلعبة "امر الاعتقال" هذه، لكنها لا تزال ناجعة ولا مثيل لها في السعي الى ثني اذرع الحكومات تحت طائلة الاحراج الدبلوماسي. وفي هذه الاثناء، هناك من يتصبب عرقا في شارعي داوننيغ وبلفور.
لن تحمل أي نتيجة ستسفر عنها هذه العريضة، الاطراء لإسرائيل او بريطانيا. من توصية المستشار القضائي بتأجيل السفر، الأمر الذي سيتم تبريره بحجج كثيرة، مرورا بأمر "استدر وعد من حيث جئت" المهين في مطار هيثرو، ووصولا الى الخيار الخيالي كما يبدو، بأن يمضي رئيس الحكومة ليلة مع تاجر مخدرات يملك قلبا من ذهب، ويتعلم منه معنى الصداقة الحقيقية (سيناريو في مراحيل التطور الجنيني).
اننا نسمع عما يحدث ضد نتنياهو لأنه رئيس الحكومة، ولكن ابناء الموت العاديين ايضا، يواجهون في الخارج السلوكيات المعادية لإسرائيل ومظاهر المقاطعة. في فرنسا تحاول حركة (BDS) منع مبادرة "شاطئ تل ابيب" على ضفاف نهر السين. ويوم امس، كتبت هذه الصحيفة عن طرد اربعة مسنين إسرائيليين من مقهى في ستوكهولم في السويد، لأنهم تحدثوا العبرية، (يدعي النادل ان السبب هو كونهم طلبوا المشروبات فقط وليس طعاما)، وعن المخرج الاسرائيلي روعي زفراني، الذي تم رفض عرض فيلمه في اطار مهرجان نرويجي لأنه "لا يتحدث عن الاحتلال".
سنركز من هنا على رد ادارة المهرجان، لأنه يبدو انه يشمل داخل قشرة حبة جوز واحدة، المفهوم الاوروبي لموضوع الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، وعودة ظهور اللاسامية في صورتها الجديدة، والتي تنعكس في كراهية الاجانب هناك وبمحبة اعدائنا هنا.
لقد كتب المنظمون لزفراني: "نحن ندعم المقاطعة، ولذلك فانه اذا لم تكن الافلام تعالج الاحتلال غير القانوني، والحصار على غزة، والتمييز ضد الفلسطينيين، فاننا لن نتمكن من عرضها". عمليا، يتهم منظمو المهرجان المبدعين الإسرائيليين بأنهم ليسوا متجانسين، وهذا في حد ذاته يتعارض مع القيمة الأساسية للابداع: التعددية. حسب رأيهم يجب على المبدعين التعامل فقط مع "الاوضاع"، والأهم من ذلك: يجب على المبدع تبني رواية الجلد الذاتي. الجائزة الكبرى: المشاركة في مهرجان افلام نرويجي سمع عنه ثلاثة اشخاص وربع شخص فقط. اذا كانت هذه هي قوة المقاطعة، فمن الواضح ان المنظمين سيحتاجون الى عدة تواقيع اخرى.
وعلى الرغم من ذلك، من المهم التفكير للحظة بهذه الأمنية الحقيرة. انها تشبه حقا نوعا من "اذهبوا الى غرفكم وفكروا بما فعلتم، اذا رغبتم بتناول الهلام على العشاء"، ولكنها تنطوي على ادعاء حقيقي، وهو ان غالبية الجمهور الاسرائيلي لا يتعامل مع ضائقة الفلسطينيين التي تبلور جانبا من جدول اعمالنا اليومي – رغم اننا نفضل تجنبها والتركيز على المشتريات والخليوي، وصفقة الى رودس، والبرامج الواقعية. عندما قصفنا غزة في "الجرف الصامد" تعودنا بدء كل جملة بمقولة "نحن نعرف عن ضائقة المدنيين ولكن". ولكننا باستثناء ذلك نفعل كل شيء كي لا نفكر فيهم.


