بعد اسبوع من العمل المكثف وساعة مكثفة في ستوديو تلفاز القناة الاولى، صعدت الى الطائرة وتمنيت اللحظة التي سأغمض فيها أخيرا عيني. لكنني قررت الى أن يحين موعد الاقلاع قراءة الاتفاق النووي مع ايران. وبعد قراءة بعض التلخيصات حان الوقت لقراءة النص نفسه.
"خطة العمل الشاملة والمشتركة" التي وقعت في فيينا في 14 تموز 2015 ظهرت وكأنها أمر مثير للتوتر. ففي الوقت الذي كان فيه جيراني في الطائرة يحلمون، لم أستطع سوى قراءة 159 صفحة قد تحول العالم الذي نعيش فيه الى كابوس.
قبل أي شيء الضوء. لقد نجح طاقم المفاوضات الدولي في الحصول على تعهد ايراني شامل بعدم تطوير أو امتلاك السلاح النووي.
والأهم من ذلك: نجح هذا الطاقم بتجميد برنامج السلاح النووي القديم. المفاعل في أراك، موقع التخصيب في نتناز وموقع بوردو سيكفان عن تهديد العالم في العقد القديم. تقليص عدد اجهزة الطرد المركزي وكمية اليورانيوم المخصب – كل ذلك يعتبر انجازات حقيقية.
وبعد ذلك الظلال. نجح طاقم المفاوضات الايراني بتحطيم نظام العقوبات الذي استعمل ضد ايران. ونجح ايضا في منع الرقابة الحقيقية والفعالة على المنشآت النووية والسرية الغير معروفة.
والنتيجة هي: اذا قررت الجمهورية الاسلامية تطوير برنامج نووي سري خارج بوردو، نتناز وأراك، فهي لن تجد صعوبة في ذلك. احتمال ضبطها ضئيل، واحتمال اعادة العقوبات – ضعيف. لذلك فان قرار السير أو عدم السير نحو القنبلة بشكل سري سيكون الى درجة كبيرة قرارا ايرانيا.
بعد ذلك الظلام. في اتفاق فيينا تعترف الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، بريطانيا، فرنسا، روسيا والصين المرة تلو الاخرى بحق ايران في تطوير اجهزة طرد مركزي متقدمة. وقد يكون مستوى التخصيب من 5 الى 10 أضعاف المستوى القديم الذي تتنازل عنه ايران الآن.
هذا يعني أن المجتمع الدولي لا يسمح فقط بل يضمن اقامة برنامج نووي جديد تكون خطورته وقوته أكثر كثيرا من السابق. فالايرانيون يتنازلون عن بنية قديمة وغير شرعية من اجل بناء بنية جديدة وشرعية بشكل علني وقانوني.
"خطة العمل الشاملة والمشتركة" ستؤدي في 2025 الى أن تكون ايران نمر نووي قوي قادر على القفز الى الأمام وذات قدرة على انتاج عشرات القنابل النووية.
بعد ساعات طويلة من القراءة كنت ملزما بالتوقف. فالتوتر لم يعد توترا، بل كتابا من التهديد والخطر.
المشكلة ليست فقط في المضمون بل ايضا في اللهجة. وفي كل فصل وفصل تم التأكيد على احترام ايران، لكن احترام الولايات المتحدة واوروبا لم يُصن. صحيح أن المجلس الايراني له مكانته في الاتفاق أكثر من الكونغرس الامريكي، وصحيح أن ايران لا تضمن تغيير الطريق وهي تتعامل مع الطرف الآخر مثل معاملة السيد للعبد وكأنه كانت هناك حرب بين ايران والغرب وقد انتصرت فيها ايران، وهي تفرض الآن شروط الاستسلام على الغرب.
الضوء الدقيق الخاص بالقراءة الذي كان فوقي أضاء الوثيقة التاريخية، التي ستحدد شكل الشرق الاوسط في القرن الواحد والعشرين. لقد نظرت إليها جيدا ونظرت حولي فاقشعر بدني.


