القدس المحتلة / سما / تناولت وسائل الإعلام الإسرائيليّة الخطابات الأخيرة التي ألقاها الأمين العام لحزب الله اللبنانيّ، السيّد حسن نصر الله، وتساءلت بخبثٍ ممجوجٍ: ما هو السبب الذي دفع نصر الله إلى إلقاء ثلاث خطابات متتالية خلال الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذي لم يفعله في السابق؟
وبرأي مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة، فإنّ تحليل مضمون الخطابات، تدّل على هزال وهشاشة نظام الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، ولكن من الناحية الأخرى اعتبر مُحلل الشؤون العسكريّة في القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيليّ، روني دانئيل، إنّه من السابق لأوانه اعتبار نظام الأسد قد بات آيلاً للسقوط.
ومن الأهميّة بمكان الإشارة إلى قضيتين مركزيتين في هذا السياق: الأولى، أنّ محللي الشؤون العسكريّة في الإعلام العبريّ يعتمدون على مصادر عسكريّة رفيعة المستوى، تسعى من خلال التسريبات إلى تمرير الرسائل للجمهور الإسرائيليّ-اليهوديّ من ناحية، وإلى العالم العربيّ من ناحية أخرى
أمّا القضية الثانية، فتتعلّق بالحرب النفسيّة الشرسة التي تخوضها إسرائيل، عبر وسائل إعلامها ووسائل إعلام مؤيّدة لها في الغرب، ضدّ محور المقاومة والممانعة: سوريّة، إيران، حزب الله وحماس في فلسطين، لإحباط العزائم وخلط الحابل بالنابل. المُحلل هارئيل، نقل عن مصادر عسكريّة وأمنيّة، وصفها بأنّها رفيعة المستوى في تل أبيب قولها إنّه على ضوء تردّي وضع نظام الرئيس السوريّ الأسد، فإنّه يتحتّم على الدولة العبريّة في الفترة القريبة أنْ تقوم بدراسة أدائها في ما أسماه اليوم الذي يلي سقوط الأسد في سوريّة.
وكان لافتًا للغاية، أنّ المصادر عينها عبّرت عن استبعادها من أنْ تقوم التنظيمات المُعارضة المُسلحّة في سوريّة بشنّ هجمات ضدّ أهداف إسرائيليّة في الجولان العربيّ السوريّ المُحتّل، كاشفة النقاب عن أنّه تمّ التوصّل إلى تفاهمات حول هذه المسألة مع التنظيمات نفسها.
وشدّدّ المُحلل هارئيل، نقلاً عن المصادر عينها، على أنّه في الوقت الراهن لا يوجد أيّ خطر من المًعارضة السوريّة المُسلحة على طول الحدود السوريّة في الجولان، لافتًا إلى أنّ مردّ ذلك يعود إلى التوصّل لتفاهمات مباشرة أوْ غير مباشرة مع من نعتها بميليشيات المتمردين المختلفة التي تُسيطر على الجانب الآخر من الحدود، وبالتالي، أضاف، فإنّ هذه التفاهمات تمنع في هذه المرحلة شنّ أيّ هجمات باتجاه الأراضي الإسرائيلية، على حدّ تعبيره.
وساقت المصادر الإسرائيليّة قائلةً، بحسب (هآرتس) إلى أنّ الهزائم المتتالية للجيش العربيّ السوريّ، وتحديدًا في تدمر، والقلمون وجسر الشغور سببها التراجع المُستمر في قدرات الجيش السوريّ ومعنوياته القتاليّة، بعد مرور أكثر من أربعة أعوام متواصلة من الحرب الأهليّة في سوريّة.
علاوة على ذلك، لفتت المصادر الأمنية الإسرائيلية إلى أنّه يوجد احتمال معقول وهو أنْ يُقرر الرئيس الأسد، خلال الأشهر القليلة القادمة، مغادرة العاصمة دمشق، بهدف تركيز جلّ جهوده في الدفاع عمّا أسمته المصادر بالجيب العلويّ في شمال سوريّة.
ورأت المصادر عينها أنّ المعارك الضارية في جبهات عديدة، لم تنتهِ بحسمٍ، وهذا الأمر يؤكّد أيضًا على تقهقر الجيش السوريّ، الذي ما زال يتلقّى العون من حزب الله، ويتلقّى التدريب والإرشاد من الضباط الإيرانيين المتواجدين على الأراضي السوريّة، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ روسيا تُواصل إمداد الجيش السوريّ بالأسلحة، التي تصل عبر ميناء طرطوس، ولكن مع ذلك، أشارت التقديرات العسكريّة والأمنيّة الإسرائيليّة، أشارت إلى أنّه على الرغم من ذلك، بات واضحًا وجليًّا للعيان بأنّ نظام الرئيس الأسد أصبح في خطرٍ مُحدّقٍ، على حدّ وصفها.
أمّا البروفيسور إيال زيسر، المختّص بالشأن السوريّ فرأى أنّه إزّاء الوضع المُعقّد في العراق يتبدى نظام الأسد كصيد سهل يستدعي الدولة الإسلاميّة، لافتًا إلى أنّ نجاحات التنظيم في تدمر تُشكّل ضربةً قاسيةً أخرى للنظام السوريّ الذي يجد صعوبة في الوقوف على قدميه، ووضعه يشبه جريحًا ينزف حتى الموت.
وأضاف أنّ الرئيس الأسد بقي بدون جنود يُحاربون من اجله، ويدور الحديث عن مئات بؤر القتال في كل أرجاء الدولة، يُحارب فيها جنود جيشه المنهكين عديمي الإرادة القتالية، وهم موجودون في وضع عددي منخفض، ويد بشار لا تستطيع المساعدة، على حدّ وصفه.
ولفت إلى أنّه في الوقت الذي تساعد فيه بضعة آلاف من مقاتلي حزب الله، يُدير النظام السوريّ حربًا بما تبقى له من الجنود في سلسلة جبال القلمون، موضحًا أنّ الدولة الإسلاميّة نجحت بالسيطرة على أكثر من ثلثي مساحة سوريّة، رغم أنّ الحديث عن منطقة صحراوية وهي غير مأهولة تقريبًا. وتابع أنّ احتلال تدمر إلى جانب المغزى الرسمي لها، يعطي الدولة الإسلاميّة خشبة قفز إلى قلب سوريّة، جنوب العاصمة دمشق وحتى نحو الشرق، إلى مدينة حمص التي تشكل نقطة الوصل بين جنوب الدولة وشمالها.
لكن مشكلة الأسد، تابع المُستشرق الإسرائيليّ، لا تتركز فقط في الدولة الإسلاميّة، فهو يُحارب أيضًا جبهة النصرة، التي تتعاون مع عدة مجموعات منظمة من المتمردين المدعومة من الأردن وتركيا والسعودية.
وتابع: هؤلاء قاموا بتوحيد صفوفهم، الأمر الذي لم يستطيعوا فعله في الماضي، وتهدده من الجنوب، حول مدينة درعا وفي هضبة الجولان حيث من هناك تهدد بالانقضاض نحو دمشق.،
وفي الشمال أنهت هذه المجموعات احتلال مدن إدلب وجسر الشاغور وأصبحت تهدد حلب، ثاني أكبر مدن سوريّة، وحتى تُهدد الشاطئ الـ”علويّ”، معقل النظام، بحسب قوله. وخلُص إلى القول إنّه في مثل هذا الواقع فإنّ المساعدة المقدمة من حزب الله للأسد هي نقطة في بحر، ومعجزة فقط يُمكن أن تنقذه من الانهيار، حتى لو طال أمد ذلك فترة طويلة.


