رام الله / سما / صعدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من ممارساتها القمعية تجاه الأطفال الفلسطينيين، حيث شهدت الأعوام الأربع المنصرمة ازديادا في نسب الأطفال المعتقلين، الذين "يتعرضون لأساليب متعددة من التعذيب والتنكيل وصلت إلى حد التهديد بالاغتصاب بهدف إسقاطهم أمنيا" كما تقول مصادر حقوقية متعددة.
وبحسب تقرير هيئة شؤون الأسرى والمحررين؛ فقد بلغ عدد الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال قرابة 220، منهم 95 طفلا معتقلا في سجن "عوفر" الواقع قرب رام الله بالضفة المحتلة، والباقي موزعون على سجني "عتصيون" و"هشارون".
وقالت المختصة في شؤون الأسرى أمينة الطويل، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمدت في الآونة الأخيرة إلى "تصعيد وتيرة" اعتقال الأطفال الفلسطينيين، الذي "يبدأ باستدعائهم، ثم احتجازهم، ليصل إلى التنكيل بهم، وتحطيم نفسياتهم، بهدف زعزعة الثقافة الوطنية لديهم، وإبعادهم في المستقبل عن ساحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
"دولة" فوق القانون
وكشفت الطويل عن " أن سلطات الاحتلال "لا تعترف بالأطفال الفلسطينيين فوق سن 16 عاما، بل تعدهم كبارا، وهذا مخالف للقوانين الدولية التي تحدد فئة الأطفال بما دون سن الثامنة عشر"، مبينة أن الاحتلال بممارساته "القمعية" في حق الأطفال الفلسطينيين، وعدم التزامه بقرارات المؤسسات الدولية "ينصب نفسه دولة فوق القانون".
وأضافت: "في كثير من الأحيان يصدر الاحتلال على الأطفال أحكاما تعسفية بفترات زمنية طويلة؛ ليستمروا في الأسر؛ بل ويغرر بهم من خلال توقيعهم على وثائق تثبت تورطهم؛ من أجل الضغط على المحكمة العبرية لتمديد فترات اعتقالهم ليتجاوزوا سن الطفولة في السجن".
وأكدت الطويل أن معظم الأطفال المعتقلين يتلقون تهديدات متواصلة بـ"الاغتصاب من قبل قوات الاحتلال بهدف إسقاطهم أمنيا"، مشيرة إلى أن جنود الاحتلال "لم ينفذوا تهديداتهم بالمطلق في هذا الجانب".
إسقاط أمني
ورصدت الطويل من خلال عملها في المركز الفلسطيني للأسرى بالضفة المحتلة، سبع حالات "إسقاط أمني" تعرض لها أطفال داخل أقبية التوقيف خلال عام 2014، بالإضافة إلى رصد ما يقارب 11 محاولة انتحار، نتيجة ممارسات التعذيب التي يتعرض لها الأطفال المعتقلين، كالتوقيع على أوراق باللغة العبرية غير مفهومة لهم، وابتزازهم باعتقال ذويهم أو أصدقائهم، وإيهامهم بأنهم اعترفوا عليهم، مما يدخلهم في حالة نفسية سيئة للغاية.
من جانبه؛ شدد المختص ومدير دائرة الإحصاء بهيئة شؤون الأسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة، على ضرورة "الانتباه لقضية اعتقال الأطفال؛ لأنها ليست حدثا استثنائيا، وإنما سلوك ثابت ومتصاعد".
وأضاف: "يتوجب على المؤسسات المعنية بقضايا الأطفال وحقوق الإنسان؛ التصدي لهذه الاعتقالات، وخاصة في ظل ما يتعرض له الأطفال المعتقلون من معاملة لا إنسانية، تنكر عليهم أبسط حقوقهم، وهو لقاء أسرهم".
أساليب التعذيب
وروى فروانة شهادات لمحامين التقوا بأطفال فلسطينيين معتقلين لدى الاحتلال، كشفت تعرضهم لأساليب متعددة من التعذيب والتنكيل، بدءا من الصعق الكهربائي، مرورا بالحرمان من العلاج، والضرب المبرح، دون مراعاة ظروف المرض أو صغر السن، وليس انتهاءا بالتهديد بالاغتصاب، وإصدار الأحكام العالية بحقهم، ناهيك عن فرض الغرامات المالية التي تشكل عبئا اقتصاديا على أسرهم.
وقال إن "هناك كثير من الشهادات المروعة التي رواها الأطفال؛ لا نستطيع نشر بعضها لفظاعتها"، مشيرا إلى أن بعض الأطفال المفرج عنهم يُفرض عليهم "الحبس المنزلي، كما يحدث في القدس المحتلة؛ ليتم تحويل مئات البيوت إلى سجون".
وأفاد فروانة أن "أكثر من 95 بالمئة من الأحكام الصادرة في حق الأطفال؛ مصحوبة بغرامات مالية تجبر العائلة على دفعها لإنقاذ ابنها من الاستمرار في الأسر"، موضحا أن السنوات الأربع الماضية شهدت "زيادة كبيرة في وتيرة استهداف الأطفال الذي بدأ منذ 2010، وتزايد بصور مختلفة، تنوعت بين الاعتقال، والإقامة الجبرية، والإبعاد، والغرامات".


