خبر : ضد الانقلاب الحوثي والتوسع الإيراني وضد حرب العاصفة ...مهند عبد الحميد

الثلاثاء 31 مارس 2015 07:42 ص / بتوقيت القدس +2GMT



«عاصفة الحزم»، «الانقلاب الحوثي»، أو الحرب في اليمن، تطرح جميعا أسئلة عديدة. أهمها أين مصلحة الشعب اليمني او السواد الاعظم الذي كنا نشاهده وهو يخرج إلى الشوارع يوميا وعلى امتداد سنتين من الزمن مطالبا بالخبز والحرية وبإنهاء حكم على عبد الله صالح الديكتاتوري الفاسد، فضلا عن مطلب إقامة الدولة المدنية الديمقراطية، البعيدة عن تجاذبات القبائل وقوى الاسلام السياسي، التي كانت على الدوام أداة للتدخلات الخارجية التي تمس بحق الشعب اليمني في تقرير اي دولة وأي نظام حكم يريد، بدون تدخل او وصاية من أحد.
 لم تكن ثورة الشعب اليمني ترفا او كرنفالا احتفاليا، بل جاءت لازاحة الظلم والتخلف والضائقة التي كان يعيشها، بعد أن قَلَ دخل الفرد الواحد ل 50% من اليمنيين عن دولار واحد في اليوم، وتجاوزت نسبة البطالة 30% ووصلت بعد عام الى 44%، وبعد ان عانى 12 مليون يمني من انعدام الامن الغذائي، اضافة لمشكلات التنمية ونسبة الامية والتعليم والصحة والتمييز ضد نصف المجتمع (النساء). تلك المشكلات التي تراكمت وادت الى الانفجار (الثورة وكان من اهم اسباب وجودها ومفاقمتها فساد الحكم وعلاقات التبعية.
 للاسف لم تتحقق اهداف ثورة الشعب اليمني، وقد جاء الاتفاق الذي أزاح رأس الحكم الرئيس صالح مخيبا لامال اليمنيين. لان الازاحة كانت شكلية، بل عززت سيطرة الرئيس المخلوع على مؤسسة الجيش واجهزة الامن، وأبقت على امتيازات القوى الاجتماعية المسؤولة عن تجويع وخنق الطبقات الشعبية العريضة على حالها، وأبقت على بنية قوى الحكم القبلية على حالها. الصفقة أبرمت بين دول الاقليم الخارجية ومكونات النظام «صانع  الازمات» في الداخل وبمعزل عن الشعب اليمني ومطالبه المشروعة. كان هدف صانعي الصفقة قطع الطريق على ثورة الشعب اليمني ومنعه من تحقيق اهدافه. وبهذا المعنى جرى إخراج الشعب من المعادلة كما حدث في العديد من البلدان العربية التي اندلعت فيها الثورات. وبتعبير آخر احتلت الثورة المضادة حيز الثورة، وشرعت في إعادة بناء نظام مستبد بديل. اصبحت الاهداف المطروحة اهداف القوى الاجتماعية والقبلية وحلفائها في الخارج وضربت عرض الحائط مطالب وأهداف الشعب المنتفض. ومن اجل ذلك تغيرت التحالفات، تحالف الرئيس المخلوع مع الحوثيين وبموافقة من دول الخليج التي دعمت التحالف وكان الهدف قطع الطريق على سيطرة الاخوان المسلمين الذين ابرموا بدورهم صفقة مع أجزاء من النظام ومع الامريكان. ثم تراجعت دول الخليج وبخاصة بعد ان ادركت خطورة ولاء الحوثيين لايران. وبقي تحالف صالح ومؤسسة الجيش والحوثيين المدعوم من ايران الذي قطع خطوات حاسمة للسيطرة العسكرية على البلد في ما يشبه انقلابا عسكريا.  وكان الرد على الانقلاب ب'لان حرب « عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية. 
الانقلاب العسكري الذي نظمه الحوثيون والرئيس المخلوع بدعم من ايران، لم يكن في مصلحة الشعب اليمني قط ، فلا يعقل ان يتحول  النظام المستبد الذي له باع طويل في تصفية الحزب الاشتراكي في شطري اليمن وفي قمع كل قوى تطالب بالحريات الديمقراطية، يتحول  الى نظام يقود التغيير ويصنعه باسم الشعب. لا يعقل ان يتحول قامعو الشعب الى مدافعين عن الشعب، أو أن يتحول الغارقون في علاقات التبعية الى مستقلين وأحرار. فلا يمكن الثقة بنظام مذهبي ديكتاتوري إيراني آثر الانحياز الطائفي كقيمة عليا، آثر الانحياز للحوثيين وللشيعة في العراق وعزز بناء نظام عراقي على اسس مذهبية وبالاستناد الى ميليشيات طائفية فاشية « الحشد الشعبي» واربعين مليشيا شيعية في العراق التي تستخدم كأداة سيطرة.ولا يمكن الثقة بانحياز النظام الايراني للشعب اليمني وقد قدم دليلا قاطعا لا لبس فيه بالانحياز لنظام الاسد الطائفي المستبد الذي نكل بالشعب السوري شر تنكيل. وقبل ذلك لا يمكن الثقة بانحياز نظام قام بتصفية القوى الثورية  الايرانية وكل المعارضين الايرانيين الذين شاركوا  بالثورة ضد نظام الشاه. لا يمكن الثقة  بنظام يرفض التعدد السياسي والثقافي والمذهبي والديني ويميز ضد الاقليات في بلده. ولا يشرعن  ولا يبرر خطاب النظام الايراني المعادي لاسرائيل وعداء الاخيرة له  أطماعه الامبراطورية والكولونيالية  في الدول العربية،  وفي تحوله الى نظام إقليمي مقبول امريكيا وغربيا. كان دفاع  السيد حسن نصر الله عن الشعب اليمني وعن حقه في الحرية واختيار النظام الذي يريد مصيبا، لكنه في الوقت نفسه يشارك في قمع الشعب السوري الذي يطالب بحريته وكرامته، لكنه يتعامل بمعايير مزدوجة. 
وحرب «عاصفة الحزم» التي تستهدف منع السيطرة الايرانية على اليمن، وقطع الطريق على تحكم ايران في مضيق باب المندب  الذي تمر منه السفن المحملة ب 40% من صادرات النفط العالمية و60% من حجم التجارة البحرية العالمية.  هذه الاهداف تنحصر في مصالح الدول الخليجية التي ساهمت في نجاح الثورات المضادة على حساب شعوب عربية. ولا تأخذ بالاعتبار مصالح الشعب اليمني ومطالبه التي طرحها عبر ثورته الشعبية السلمية، ولا مصالح الشعب البحريني. فقط مصالح  أنظمة في مواجهة مصالح أنظمة أخرى في إطار علاقات التبعية للمركز الامبريالي. لا يوجد اي دليل على أن الدول التي تشن الحرب ضد الحوثيين والتغلغل الايراني، ستنحاز للشعب اليمني ومطالبه الديمقراطية المشروعة. دعم استبدال نظام مستبد بنظام مستبد جديد ودعم الثورات المضادة على حساب ثورات الشعوب هو اكبر دليل. 
المقياس الاهم هو الموقف دول «عاصفة الحزم»من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والاعلان المسبق بأن القوة العربية المشتركة المزمع تشكيلها لن تتدخل في هذا الصراع. هذا الاستثناء الذي يترك دولة الاحتلال الاسرائيلي حرة في تهويد مدينة القدس وفي ضم معظم اراضي الضفة الغربية وفي شطب مشكلة اللاجئين وشطب القضية الفلسطينية والتنكيل المفتوح بالشعب الفلسطيني، القوة المشتركة العربية لا ترغب ولا تريد ان تدخل ولا تقترب من جوهر الصراع،  الذي يعني انها لا تسعى للانفكاك من علاقات التبعية السياسية والاقتصادية والامنية التي تكرسها اسرائيل الدولة الكولونيالية. وبالمثل فإن محور ايران الممانع لا يرغب ولا يريد دخول الحرب مع اسرائيل إلا بالخطابة، فقد تلاشت وعود فتح جبهة الجولان ضد اسرائيل، بل ان جل ممانعاته ومعارضاته هو ابرام صفقة  تقاسم الادوار والحصص مع الامريكان والغرب. كل المساعي والمحاولات والحروب من فوق وبمعزل عن مشاركة الشعوب ومصالحها لا تؤدي الى حلول حقيقية وتعيد انتاج الازمات. ضد الانقلاب الحوثي وطغمة صالح والتوسع الايراني، وضد حرب عاصفة الحزم.
Mohanned_t@yahoo.com