خبر : دراما سياسية: نتنياهو على حافة الهزيمة ...بقلم: بن كاسبيت

الإثنين 16 مارس 2015 11:39 ص / بتوقيت القدس +2GMT
دراما سياسية: نتنياهو على حافة الهزيمة ...بقلم: بن كاسبيت



أطلس للدراسات ترجمة خاصة يبدو انه لم تكن في إسرائيل معركة انتخابية مفاجئة في التقلب وعدم إمكانية التنبؤ مثل ما يحدث في الحملة الحالية، في الشهور الثلاثة الماضية تقريباً لم يمر أسبوع دون ان يحدث فيه تقلب أو دراما سياسية مغيرة للقواعد أو حادث من نوع آخر له تأثير مباشر على المنظومة السياسية، وكذلك لا يكاد يوجد لاعب سياسي إسرائيلي يشبه وضعه اليوم تقديرات وضعه في بداية الحملة.
واليوم ما زال من الصعب التنبؤ بنتائج الانتخابات، وفوق كل هذا فإن هناك أمراً واحداً واضحاً؛ الانتخابات الاسرائيلية 2015 هي بمثابة استفتاء شعبي أكثر من أي شيء آخر حول أمر واحد لا ثاني له: بنيامين نتنياهو، نعم أو لا، هذا هو السؤال.
فلنبدأ بنتنياهو؛ ربما نسينا، ولكن رئيس الحكومة هو من بكر موعد الانتخابات، رغم انه كان يستطيع ان يحكم ثلاث سنوات كرئيس للحكومة، لقد بكر الانتخابات لأنه ضاق ذرعاً أو لأنه خشي من يائير لبيد أو ربما فزع شخصياً من هزيمته في التصويت بالقراءة الأولى على ما يسمى "قانون اسرائيل اليوم" وهو مقترح قانون يفترض ان يضع قيوداً على توزيع الصحيفة المجانية التابعة له، والتي تمول بعشرات الملايين من قبل صديقه المقرب صاحب الكازينو الأمريكي اليهودي شيلدون أديلسون.
عندما بكر الانتخابات في ديسمبر 2014 كان نتنياهو مُتوافقاً معه في القرار، حتى معارضيه علموا ان المقصود هو تعديل سياسي صغير، وأن فرص خسارة نتنياهو وفقدانه لرئاسة الحكومة هي قليلة جداً، إن لم تكن معدومة، وها هو نتنياهو وبعد ثلاثة أشهر يتخلف تخلفاً كبيراً في الاستطلاعات والطنطنة في الشارع ضده، وها هو ينزف مقاعداً، وسينسحب من الحياة السياسية خلال ليلة الانتخابات أو بعدها مباشرة، حالياً تمنحه الاستطلاعات الرسمية حوالي 21 مقعداً، إذا فقد مقعدين آخرين فسيفقد مستقبله.
في الأيام الأخيرة دشن حملة "غفالعد" وهي التوصيف الاسرائيلي للحملة الطارئة التي تعترف بالهزيمة الناشئة، ويدعو كل الليكوديين "الى العودة الى بيتهم" لكي ينقذوا حكومة اليمين، نهاية الأسبوع قرر نتنياهو كسر الصمت وأن يقدم لقاءً لكل من يطلب اللقاء، وتقريباً جميع وسائل الاعلام الإسرائيلية، الى الآن فضل نتنياهو مقابلة القنوات المنبرية الصديقة مثل قنوات الراديو الدينية، وفجأة ها هو ذا يظهر للإعلام في كل مكان، تذكرنا هذه الأيام بأيام سلطته الأخيرة في العام 1999 وأيامه الأخيرة في سلطة ايهود باراك في العام 2001.
إذا خسر نتنياهو الانتخابات فسيذكرنا هذا بهزيمة جورج بوش الأب أمام بيل كلنتون، الذي لا يكاد يبين في العام 1992، كان بوش رئيساً أمريكياً إلهً صاحب الأمر المطاع في جميع أنحاء العالم، وبعد حملة عسكرية قصيرة وقليلة التكلفة نسبياً في الخليج أهوى خلالها صدام حسين على ركبتيه وحرر الكويت وعاد الى البيت سالماً، كان المتوقع ان يذهب الى الانتخابات واثق الخطى نحو الفوز، تماماً مثل نتنياهو 2015 خسرها لأنه لم يفهم الورطة، لم يفهم أن الشعب الأمريكي شعر بالاختناق، فالاقتصاد يترنح والبطالة في ازدياد والحلم الأمريكي يتأرجح، وعندما وعي ذلك كان الوقت متأخراً جداً، الأمريكيون أرادوا شيئاً مختلفاً تماماً وحصلوا على ما أرادوا.
وبقية اللاعبين على الساحة السياسية الاسرائيلية يقفون اليوم في مكان لم يعتقدوا انهم سيقفون فيه قبل عدة أشهر، يتسحاق "بوغي" هرتسوغ الذي سلب 12-13 مقعداً (حيث حظي نتنياهو حينها بـ 25 مقعداً على الأقل) هو الرائد في الاستطلاعات، لقد أصبح بين عشية وضحاها بديلاً وخصماً وحيداً لفشل نتنياهو الافتراضي.
هذه المعجزة السياسية كانت هي الجمع بين هرتسوغ وتسيبي ليفني، على المستوى الشخصي أصبحت ليفني واحدة من السياسيات البغيضات في إسرائيل، ولا سيما على اليمين، ولكن هذا التزاوج بينها وبين هرتسوغ أنشأ حملة "المعسكر الصهيوني" وقدم لها المكانة الأولى والقفزة الابتدائية التي جعلت منه البديل الوحيد، يائير لبيد الذي لم يستثمر في وسائل الاقناع في مواجهة ليفني الكثير من الطاقة والجهد يستطيع اليوم ان يندم على ذلك لا أكثر، ولو انضمت ليفني إليه لكان من الممكن ان تكون هي وهو الرائدان في الاستطلاعات، وليس هرتسوغ.
وما زال لبيد يستطيع ان يستعيد الانجاز السابق (19 مقعداً) أو الاقتراب منه، وعندما بدأت الحملة كان لبيد سياسياً مضروباً مثيراً للجدل يتلقى الانتقادات من كل صوب، شعبيته الشخصية في أدنى مستوياتها ولم تزد مقاعده عن السبعة أو الثمانية، لبيد اليوم هو الناشط الأفضل في إسرائيل، انه يستحوذ على الشارع الإسرائيلي، في التجمعات التي يحضرها الآلاف، الآلة السياسية التي أنشأها تؤتي ثمارها وهي دقيقة تتكتك وتساعدها خدمات المستشار الأفضل في المدينة لقضايا الاستطلاعات الأمريكي مارك ملمان، لبيد يهرش حالياً 14 مقعداً، وإذا أفلح في استعادة زخم الأيام الأخيرة يمكنه ان يتخطى هذا الحد.
ساحة المتدينين مضطربة: خارطة "شاس" البسيطة وعلى مدى سنوات والاسبان ويهودية التوراة والأشكنازية، أصبحت ساحة يتصارع فيها ثلاثة: "شاس" انقسمت بضجيج ومعمعة كبيرين، وايلي يشاي الزعيم السابق غادر وصفع الباب صفعاً مدوياً، وتسجيلات ساخنة من بيت الحاخام عوفاديا المتوفى وتصريحات وقذف وتحريض، ايلي يشاي الذي أنشأ "يحاد" يتأرجح الآن حول نسبة الحد الأدنى، إذا دخل بأربعة أو خمسة مقاعد فإن قوة المتدينين ستبقى كما هي، أما إذا بقي يشاي خارجاً فإن ذلك سيكون بمثابة ضربة مؤلمة للمتدينين الذين فقدوا بعضاً من قوتهم إلى ما يقارب 4-5 مقاعد، وهذه تعتبر أخبار جيدة لتجمع وسط اليسار.
وصلنا الى أفيغدور ليبرمان، فقد اجتاز التعقيد الأكبر من كل التعقيدات، فكان من المتوقع ان يكون في ذروة قوته، لو استطاع ان يصل الى عدد من المقاعد المركبة، فقد خطط ان يشكل محوراً مشتركاً مع موشيه كحلون بعد الانتخابات بيوم، ويطلب التراضي بشأن رئاسة الحكومة من نتنياهو (أو هرتسوغ)، ولكن بمجرد ان بدأت تحقيقات الشرطة المتلفزة بحق مسؤولين كبار في حزب ليبرمان سقط وتحطم، والصحيح انه هو اليوم يصارع على حياته السياسية مع احتمال ما بألا يجتاز نسبة الحد الأدنى (4 مقاعد).
ونعيش بالإجمال وضعا تفقد فيه الحملة الحالية والمنظومة السياسية الاسرائيلية اثنين من اللعابين المركزيين؛ نتنياهو وليبرمان اللذان بدءا طريقهما معاً (فقد كان ليبرمان بمثابة الذراع الأيمن لنتنياهو ومدير مكتب رئيس الحكومة في الفترة الأولى) وربما ينهيانها معاً أيضاً.
ونفتالي بينيت هو الآخر، والذي أقلع في بداية الحملة نحو أرقام مرتفعة (حوالي 17 مقعداً) تغير وضعه، ويؤسس حالياً لـ 11-12 مقعداً فقط، ناهيك عن القوائم العربية والتي تسير الى الآن بمفردها، وتوحدت تحت تأثير ضغط نسبة الحد الأدنى في قائمة مشتركة، تهدد بحصد المزيد من المقاعد (حوالي 14 مقعداً)، ذلك انه لا يوجد على الخارطة السياسية الاسرائيلية ولو لاعب واحد يحتل مكانة خطط لها عند انطلاق السباق.
حاليا هناك احتمال معقول بأن يشكل هرتسوغ حكومة وأن ينسحب نتنياهو من الحياة السياسية، وهناك أيضاً احتمال معقول بأن ينتهي كل من هرتسوغ ونتنياهو بالتعادل وتقام حكومة وحدة بالتراضي، وهناك احتمال ما بأن ينجح نتنياهو رغم كل هذا بتغيير الاتجاه في اللحظة الأخيرة، وأن يحظى بطريقة ما بمكتب رئيس الحكومة لولاية أخرى.
يوم الثلاثاء بعد الظهر بقليل ستبدأ هذه الصورة بالتشكل والوضوح، وسيكون لها انعكاس كبير على حياة ملايين الإسرائيليين، ولكن على صورة إسرائيل في العالم وعلى الوضع الجغرافي السياسي في الشرق الأوسط.
المونيتور العبري