لم تشهد العلاقة الفلسطينية المصرية منذ الأزمة التي تلت زيارة الرئيس المصري انور السادات للقدس واغتيال الكاتب المصري يوسف السباعي وربما علي مدار تاريخها حالة من التوتر مثلما حدث في الأشهر الاخيرة بين مصر وحركة حماس حيث وصلت الامور الي حالة من القطيعة الكاملة وشبه العداء بين الجانبين
جائت وسائل الاعلام المصرية بالكثير من الادعاءات التي لم تثبت يقينا باشتراك حماس في عمليات عدائية داخل الحدود المصرية بدءا من الادعاء بالمشاركة في فتح السجون والمشاركة في احداث الاشتباكات التي تلت ثورة يناير ٢٠١١ مرورا بحفر الإنفاق والتهريب وصولا الى اتهام حماس بالمشاركة بطريقة مباشرة او غير مباشرة في احداث العنف والارهاب في سيناء وما تبع ذلك من احكام قضائية باعتبار كتائب القسام ومن بعدها كل حركة حماس كتنظيمات ارهابية والتي طعنت الحكومة المصرية نفسها علي القرار مما يشكل خطوة مهمة تجاه المحافظة علي علاقة الضرورة مع حماس وتحت كل الظروف
وبغض النظر ان كانت هذه الادعاءات خاطئة او تم تضخيمها عبر وسائل الاعلام المصرية والاعتماد علي مسوغات تعود لفضائيات حماس وإعلامها واستهتار بعض المتحدثين باسمها واستغلال الاندفاع الجماعي للحركات الاسلامية وضمنها حماس تجاه تأييد موقف الاخوان المسلمين في مصر من ثورة ٣٠ يونيو واعتبارها انقلابا علي الشرعية وقيام بعض المحللين السياسيين المعادين للحركة بالتركيز علي بعض الصور والمسيرات وتجاهل مواقف قيادة حماس الرسمية من ضرورة العلاقة مع مصر واهميتها
جاءت الأشهر الماضية لتؤكد ان العلاقة بين مصر وفلسطين وغزة تحديدا لا يمكن ان تنفصم وهي علاقة التاريخ والجغرافيا والسياسة علاقة اقتصادية واجتماعية وثقافية ولا احد يملك الحق بإنهائها او المس فيها وربما ازداد الوعي لدى حركة حماس ان الحاجة الفلسطينية لمصر اكثر بكثير من ان تخضع لمواقف الحركة او حتي لاعتباراتها الفكرية والسياسية وأنها بحاجة للأيدي المصرية التي تمسك بقوة بكل الملفات التي تحتاجها حماس من معبر رفح وملف المصالحة وملف الهدنة مع اسرائيل وغيرها
ان ادارك حماس لهذة المقاربات حتى وان كان متاخرا الا انه المخرج الوحيد لنزع فتيل التوتر ومنع تدهور الامور تجاه الانفجار مما يسمح بإعادة الجدل حول أولويات الطرفين ويعطي فرصة لوضع الملفات الهامة علي طاولة الحوار بدءا بالملف الاهم وهو ملف تعميق المصالحة وتمكين حكومة الوفاق الوطني للعمل في غزة مما يسمح بحل الملفات الاخرى وعلى رأسها ملف اعادة الإعمار المتأخر في غزة وإيجاد اليات جديدة وأكثر فعالية لإنهاء الحصار والبدء في عملية سياسية فلسطينية جادة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني من جديد وبشكل اكثر دينامية ليستطيع التعامل مع نتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة ومواجهة التحديات الضخمة التي تواجه الشعب الفلسطيني
لقد نزع فتيل الانفجار ولكن اعادة ترميم العلاقة يحتاج الي اكثر من تصريحات إعلامية وتطمينات سياسية بل الي إجراءات واتصالات ووساطات تمنع عودة التوتر من جديد واعتبار ان مصر وحماس تواجهان نفس العدو سواء اسرائيل او التطرّف والارهاب وان الشعب الفلسطيني وخاصة المشردين والمحاصرين في غزة يستحقون التضحية والتراجع عن مواقف حزبية شعبنا غير ملزم بدفع اثمان باهظة لها.


