خبر : مصر وحماس وانتزاع فتيل الانفجار ... د.وجيه ابو ظريفة

السبت 14 مارس 2015 03:26 م / بتوقيت القدس +2GMT



لم تشهد العلاقة الفلسطينية المصرية منذ الأزمة التي تلت زيارة الرئيس المصري انور السادات للقدس واغتيال الكاتب المصري يوسف السباعي وربما علي مدار تاريخها حالة من التوتر مثلما حدث في الأشهر الاخيرة بين مصر وحركة حماس حيث وصلت الامور الي حالة من القطيعة الكاملة وشبه العداء بين الجانبين

جائت وسائل الاعلام المصرية بالكثير من الادعاءات التي لم تثبت يقينا باشتراك حماس في عمليات عدائية داخل الحدود المصرية بدءا من الادعاء بالمشاركة في فتح السجون والمشاركة في احداث الاشتباكات التي تلت ثورة يناير ٢٠١١ مرورا بحفر الإنفاق والتهريب وصولا الى اتهام حماس بالمشاركة بطريقة مباشرة او غير مباشرة في احداث العنف والارهاب في سيناء وما تبع ذلك من احكام قضائية باعتبار كتائب القسام ومن بعدها كل حركة حماس كتنظيمات ارهابية والتي طعنت الحكومة المصرية نفسها علي القرار مما يشكل خطوة مهمة تجاه المحافظة علي علاقة الضرورة مع حماس وتحت كل الظروف 

وبغض النظر ان كانت هذه الادعاءات خاطئة او تم تضخيمها عبر وسائل الاعلام المصرية والاعتماد علي مسوغات تعود لفضائيات حماس وإعلامها واستهتار بعض المتحدثين باسمها واستغلال الاندفاع الجماعي للحركات الاسلامية وضمنها حماس تجاه تأييد موقف الاخوان المسلمين في مصر من ثورة ٣٠ يونيو واعتبارها انقلابا علي الشرعية وقيام بعض المحللين السياسيين المعادين للحركة بالتركيز علي بعض الصور والمسيرات وتجاهل مواقف قيادة حماس الرسمية من ضرورة العلاقة مع مصر واهميتها

جاءت الأشهر الماضية لتؤكد ان العلاقة بين مصر وفلسطين وغزة تحديدا لا يمكن ان تنفصم وهي علاقة التاريخ والجغرافيا والسياسة علاقة اقتصادية واجتماعية وثقافية ولا احد يملك الحق بإنهائها او المس فيها وربما ازداد الوعي لدى حركة حماس ان الحاجة الفلسطينية لمصر اكثر بكثير من ان تخضع لمواقف الحركة او حتي لاعتباراتها الفكرية والسياسية وأنها بحاجة للأيدي المصرية التي تمسك بقوة بكل الملفات التي تحتاجها حماس من معبر رفح وملف المصالحة وملف الهدنة مع اسرائيل وغيرها

ان ادارك حماس لهذة المقاربات حتى وان كان متاخرا الا انه المخرج الوحيد لنزع فتيل التوتر ومنع تدهور الامور تجاه الانفجار مما يسمح بإعادة الجدل حول أولويات الطرفين ويعطي فرصة لوضع الملفات الهامة علي طاولة الحوار بدءا بالملف الاهم وهو ملف تعميق المصالحة وتمكين حكومة الوفاق الوطني للعمل في غزة مما يسمح بحل الملفات الاخرى وعلى رأسها ملف اعادة الإعمار المتأخر في غزة وإيجاد اليات جديدة وأكثر فعالية لإنهاء الحصار والبدء في عملية سياسية فلسطينية جادة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني من جديد وبشكل اكثر دينامية ليستطيع التعامل مع نتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة ومواجهة التحديات الضخمة التي تواجه الشعب الفلسطيني

لقد نزع فتيل الانفجار ولكن اعادة ترميم العلاقة يحتاج الي اكثر من تصريحات إعلامية وتطمينات سياسية بل الي إجراءات واتصالات ووساطات تمنع عودة التوتر من جديد واعتبار ان مصر وحماس تواجهان نفس العدو سواء اسرائيل او التطرّف والارهاب وان الشعب الفلسطيني وخاصة المشردين والمحاصرين في غزة يستحقون التضحية والتراجع عن مواقف حزبية شعبنا غير ملزم بدفع اثمان باهظة لها.