خبر : الامن القومي الاسرائيلي:اماكن محصنة منزوعة السلاح بغزة وفدرالية بين القطاع والضفة

الخميس 12 مارس 2015 01:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
الامن القومي الاسرائيلي:اماكن محصنة منزوعة السلاح بغزة وفدرالية بين القطاع والضفة



أطلس للدراسات سما
                                                   

توطئة أطلس


لا نجد ما نعقب به على هذا المقال، والذي هو في حقيقة الأمر مقترح يتقدم به مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بخصوص بلورة سياسة إسرائيلية جديدة تجاه قطاع غزة والوضع الفلسطيني والعربي ذات الصلة، لا نجد ما نقول سوى أننا امة وشعب ربما بلغنا أحط الانحطاط ليعلم شيطان إسرائيل ما يدور في أذهاننا من شهوة السلطة والكرسي وحب التفرد وعدم قبول الآخر، ليجد في ذلك الجوف الأعور مدخلاً لمزيد من التفكك والشرذمة والانحطاط والابتعاد عن المسار الصحيح الذي يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني في الوحدة والتماسك، واخطر ما في هذا المقال انه ينْفذ إلى شهواتنا من مدخل لا يستطيع، ربما من يستهدفهم المقال، مقاومته في حال فكرت إسرائيل بتبني مثل هذا المقترح، بل انه يلمح إلى أن الوطن العربي كله اليوم يتجه نحو الانقسام على أساس استقلال الأقليات في كيانات للحكم الذاتي، فلا غروإذن إن يحدث هذا على الساحة الفلسطينية ولتهنأ يا شعبي، حكم ذاتي في غزة وآخر في الضفة وفيما لو واتت الظروف ففدرالية فيهما تحكم كل فئة ما تمثل هي فيه النفوذ والى مواعظ الثعالب على موائد الشهوات..

 إلى المقال

عملية الجرف الصامد انتهت في اغسطس2014 وخلفت قطاع غزة في واقع إنساني معقد. البنى التحتية مدمرة وحوالي 100000 إنسان أصبحوا بلا مأوى، الوضع الاقتصادي ساء بشكل دراماتيكي عقب العملية وكذلك نتيجة السياسة المصرية الصارمة تجاه حماس والقطاع، والمعبر عنها من بين أمور أخرى كثيرة بالفصل المطلق تقريباً بين المنطقة ومصر وانهيار تجارة التهريب عبر الأنفاق على امتداد محور فيلادلفيا.
المجتمع الدولي أبدى استعداده للتطوع لإعمار القطاع. المؤتمر الذي انعقد في القاهرة بُعيد انتهاء المعركة العسكرية وعد بمبلغ 5.4 مليار دولار لمشروع الإعمار، واشتُرط أن تقود السلطة الفلسطينية هذا المشروع كمرحلة أولية قبُيل عودتها إلى غزة، غير أن فشل اتفاق المصالحة بين حماس وفتح وعدم قدرتهما على التوصل إلى تفاهمات بشأن تقاسم المسئولية بشأن إدارة مشروع الإعمار لم يمكن ذلك من تحقيق الطلب الذي وضع كشرط مركزي لتحويل الأموال التي وُعد بها.


أسباب أخرى تعيق تحرك مشروع الإعمار منها: عدم وجود منظومة مراقبة مجدي يؤمن الاستخدام المناسب لأموال الإعمار لطريقة استخدام مواد البناء، السياسة المصرية الصارمة في كل ما يخص سلطة حماس في القطاع، الخلافات والتشرذم المتزايد بين الجناح العسكري لحماس وبين قيادتها السياسية، والتخوف الإسرائيلي من أن انعدام منظومة مراقبة مشددة قد يستغل بسببها مشروع الإعمار من قبل حماس بهدف تكثيف قوتها العسكرية وتقوية موقفها في قطاع غزة.


الواقع المستجد في غزة إذن مثل الإمساك بعبوة متفجرة. وتشير التقديرات إلى احتمال ممكن بأن تختار حماس المواجهة المسلحة مع إسرائيل مرة أخرى كوسيلة للتخلص من الضائقة، رغم أن شظايا مثل هذه المواجهة وفي أعقابها سيزداد وضع السكان المدنيين في القطاع سوءاً وهم الواقعون أصلا في فخ اليأس.


في محاولة لإخراج حماس وقطاع غزة من الطريق المسدود عرض ممثل الرباعية توني بلير في الزيارة التي قام بها لغزة في منتصف فبراير 2015 عدداً من الشروط والتي سيجعل الالتزام بها المجتمع الدولي يساعد في جهود الإعمار، ومن ضمن الشروط: مصالحة فلسطينية داخلية، والموافقة على خطة سياسية للحل النهائي؛ والتي تقوم على أساس حل الدولتين، ورسالة طمأنة للنظام الحاكم في مصر يوضح أن حماس وقطاع غزة ليسا بؤرتا إرهاب وأن حماس ملتزمة بالشأن الفلسطيني وليس بسياسة الإخوان المسلمين.


حماس من جانبها رفضت الشروط التي عُرضت عليها باسم الرباعية الدولية كجزء من مخطط شامل لإحداث اختراق على طريق الحل، بما في ذلك التأكيد على الحاجة للوحدة المؤسساتية على الساحة الفلسطينية.
على ضوء هذه الأمور، يبدو أن المطلوب هو حل إبداعي يمكن من جسر الفجوات والمواقف والمطالب، ويحسن التجهيز لتحريك مشروع الإعمار من خلال مراقبة مجدية لاستخدام أموال الإعمار ومواد البناء.


في الحرب الكورية في العام 1951 مثلاً فُتحت وطُبقت فكرة "حراسة الطبيعة" أو "الملاجئ"، والتي في إطارها حُددت مناطق معينة كمناطق محصنة في وجه العمليات العسكرية، وأثناء المعارك الدائرة بين الأطراف أيضاً. وبناءً عليه فان الأطراف المتخاصمة وافقت على تحديد الموانئ البحرية في الكوريتين كأماكن محصنة وامتنعتا عن المساس بها أثناء الحرب.


يمكن اعتماد هذه الفكرة في التعديلات المطلوبة لصالح إعمار قطاع غزة أيضًا، وتحديد مناطق أو مواقع بعينها باعتبارها "أماكن محصنة - منزوعة السلاح"، حيث يمنع في هذه الأماكن القيام بعمليات قتالية من قبل حماس والتنظيمات الأخرى العاملة في القطاع، بما في ذلك إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل. ومن الطرف الآخر سيكون ممنوع على إسرائيل وعلى مصر المساس بهذه الأماكن، وفي وضع الحرب على الإرهاب في قطاع غزة أيضاً.


المناطق المحمية المنزوعة السلاح تحدد بالمدارس ومواقع مساعدة السكان والبنى الحيوية ( الماء والكهرباء والأسواق وما شابه) أو كتلك الأماكن التي ستبنى في إطار عملية الإعمار مثل محطات الطاقة ومواقع تحلية المياه. بالإضافة إلى انه سيكون من الممكن تأمين عملية ترتيب وتفعيل البناء والإعمار تحت مظلة حماية المناطق المحصنة منزوعة السلاح. هذه الأماكن تديرها جهات دولية متفق عليها تتضمن ممثلين عن الدول العربية والدول المانحة الرئيسية.


المنع الذي سيسري على حماس من العمل من خلال هذه المواقع سيسهل على الإدارة الدولية عملها في الرصد والإنفاذ في كل ما يخص استخدام مواد البناء لحاجة الاعمار المدني.
يمكن أن يتضمن تحديد المناطق المحمية رزمة سياسية أمنية تشمل تعهد حماس بالهدوء المتواصل الذي من شأنه أن يسمح بإعمار القطاع.
لا يطلب من حماس التنازل عن السلطة في قطاع غزة، وإسرائيل من ناحيتها تستطيع أن تشعر بالأمن النسبي في ظل عدم استغلال وسائل الإعمار في تقوية وبناء البنى الإرهابية والعسكرية.


من أجل هذا من الضروري إقامة منظومة مراقبة فاعلة، والتي تعمل بالإضافة إلى مراقبة الأماكن منزوعة السلاح على منع إدخال الأدوات القتالية والمواد مزدوجة الاستخدام من مصر أو البحر إلى داخل القطاع. بمراعاة موقف حماس وبتعهدها بفرض الهدوء والتهدئة الأمنية؛ فإن إسرائيل نفسها تستطيع أن تسهم في إعمار القطاع واستخراج الغاز من البحر في غزة وإقامة محطات الطاقة ومواقع تحلية المياه.
المساهمة الإسرائيلية في تحسين نماء وجودة حياة السكان المدنيين في قطاع غزة من شأنها أن تحسن صورتها سواءً في نظر سكان القطاع أو على الساحة الإقليمية والدولية.


وانضمام الدول العربية البراغماتية إلى العملية سيوفر ايضا ختم اعتماد آخر لوفاء حماس بتعهداتها.
من المفترض أن عملية الإعمار نفسها ستقلص بشكل كبير دوافع حماس في الانجرار إلى مواجهة عنيفة أخرى؛ إذ لم يعد مطلوباً منها التنازل عن سلطتها في غزة.
في ذات الوقت، فإن عملية إعمار من هذا النوع ستضعف حماس لأنها ستظهر محدودية قوتها في نظر السكان المحليين، كذلك يمكن أن نتوقع أنه في ظروف الأماكن المحصنة ستتقلص شرعية حماس في أوساط الجماهير الغزية بشأن عملية عنيفة ضد إسرائيل؛ وبذلك يمكن الإثبات للسكان أن عملية الإعمار لم تتم بفضل حماس وإنما رغماً عنها.


ميزات أخرى لهذا الرأي "المناطق المحصنة" هو عدم الارتباط بالتوافق بين فتح وحماس في مسألة الاعمار أو بتجدد استيلاء السلطة على الحكم في غزة من جديد أو بنوايا السلطة الحسنة في استعدادها لمواجهة التحدي المتمثل في الدخول إلى القطاع والعمل فيه كجهة سلطوية.
أضف إلى ذلك إعمار القطاع الذي سيتم بمثل هذه الشروط من شأنه أن يزيد من تأثير إسرائيل والدول العربية وبقية الدول والمنظمات الدولية ذات الصلة على تطبيق المشروع؛ وبذلك أيضاً تتجلى فرصة التقدم بمشروع الإعمار ومن خلاله خفض مؤشرات الأزمة الإنسانية التي حلت بالسكان المدنيين في القطاع، وكذلك التهديد بجولة أخرى من العنف.


نتيجة أخرى محتملة لعملية الإعمار على أساس تحديد "المناطق المحصنة" قد تكون تسريعاً للفكرة المتبلورة في المعسكر الفلسطيني بخصوص منطقتي حكم ذاتي - قطاع غزة والضفة الغربية- والتي تمثل كيانين متميزين. هذان الكيانان يستطيعان في المستقبل أن يكونا جزءاً من فدرالية فلسطينية في حال نضجت عملية سياسية بين إسرائيل والسلطة لحد الاتفاق بشأن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
قطاع غزة في وضعه السياسي الحالي يمثل عقبة كؤود في وجه التوصل لاتفاق، هذه العقبة ستضعف في حال تحسن وضع السكان المدنيين في القطاع، وفي ذات الوقت فإن كل واحد من عنصري القوة المركزية في المنظومة الفلسطينية يمكنه الحفاظ على مكانته وتأثيره في المنطقة التي يعتبر هو الجهة النافذة فيها تحت مظلة الفدرالية.


هذا الاحتمال يأتي على نفس وتيرة منسجمة مع التوجهات التي ترسم المرحلة الحالية في مناطق شاسعة من الشرق الأوسط في أعقاب الاضطرابات التي تعصف بالعالم العربي، هذه الاضطرابات تؤدي إلى اضعاف بل وتقويض دول قومية وتقوي مجموعات الأقلية التي تطالب بإحقاق حقوقها في اقامة الحكومات الذاتية المحلية ومناطق سلطة ونفوذ خاصة بها.

مركز دراسات الأمن القومي الاسرائيلي