خبر : داعش ...قاحش... فاحش ...بقلم: ا . علاء محمد منصور

الجمعة 06 فبراير 2015 03:53 م / بتوقيت القدس +2GMT



بعض الظواهر الاجتماعية التي تحياها وتعيشها المجتمعات العربية ليست بفعل التطور التاريخي لهذه المجتمعات بقدر ما هي بفعل تداخل مجموعة من العوامل الخارجية الهادفة لتحقيق ما تصبوا اليه من المنطقة العربية الى مدى زمني بعيد, والى الحد الذي تضمن به بقاء سير تدفق مصالحها الاقتصادية والسياسية بسهولة ويسر دون وجود قوة مادية مجسدة لها على الأرض(جيوش), ومع الادراك الكامل لهذه الحقيقة وذاك البعد, بات من غير الممكن توفر وتحقيق تلك الأهداف الاقتصادية والسياسية بدون وجود قوة منظمة وذات فاعلية على الأرض تنفذ تلك الطموحات الاستعمارية الجديدة أو ما بات يعرف بالعولمة وقيادتها الأمريكية, وسواء أدركت تلك القوى الفاعلة أو لم تدرك فهي تنفذ ما تصبوا له العولمة الجديدة وتحقق أمانيها القديمة الجديدة في تشتت وتشرذم الأوطان والبلدان تحت مسميات ثورية وبالأحرى اسلاموية, وحروب لا طائل منها سوى المزيد من التفكك والانقسام, ومن دراستنا لتاريخ القوى المكون للنظام العالمي الجديد لما بعد أحادي القطبية وزمن الحروب بالوكالة, والذي كان قد دلل في السابق على أنه ساعد في تبلور وانشاء (اسرائيل) لتشطر بها الوطن العربي وتقسمه وتمنع التواصل بين أقطاره, ولتكون حافظة للمصالح الغربية في المنطقة وضامنة على بقاء ضعفه وترهله عبر الحروب تارة وعبر تشجيع الأطراف الداخلية على التناحر والاقتتال تارة أخرى, ويبدو أنه مع مرور السنين باتت اسرائيل ووجودها في قلب الأمة العربية غير مواكبة لتطور المجتمعات العربية وما يرافقها من تحولات سياسية واقتصادية على المستوى الاقليمي والعالمي, فكان لمراكز الدراسات والأبحاث الغربية وخاصة الامريكية منها للبحث عن البديل ذو التكلفة والجهد الأقل وصاحب الأرض الخصبة للنمو والازدهار والانتشار بسرعة تحقق الاهداف المرجوة, فكان حسن الاختيار على تلك الجماعات صاحبة التجربة والباع الطويل والتي امتشقت السلاح لتحارب أعداء الله في أفغانستان وتدحرهم الى غير رجعة, وتعود لتحارب ذاتها, عبر انقسامات ونزاعات وصراعات الجماعات الاسلامية في افغانستان, الى أن عم الفقر البلاد والعباد وبقى السيد الأمريكي المصون صاحب الكلم الفصل في تلك البلاد. تجربة أفغانستان وما بها من دروس وعبر عملت الادارة الامريكية وبشكل خاص مؤسساتها الأمنية والسياسية المختلفة على تعميمها في الوطن العربي وبذات الأدوات ونفس الجماعات والآليات, تبدأ بالثورة على النظام الرسمي الفاسد لتنتهي بالاقتتال الداخلي عبر جماعات وحركات وقوى متناحرة تأكل في طريقها الأخضر واليابس, وكانت نقطة الارتكاز في ذلك الغزو الامريكي للعراق عام 2003م تحت ذرائع واهية لم تنطلي على أحد, واعترفت لاحقا وبعد سنين الأجهزة الاستخبارية الغربية بأنها كانت ذرائع لتبرير وشرعنة الهجوم على العراق تحت ستار أسلحة الدمار الشامل ونشر الديمقراطية, ولكن بيت القصيد مما جرى ولا زال يجري في العراق, أقصد (افغانستان الجديدة), أنه بعد عشر سنوات من احتلال القوات الامريكية للعراق, خرجت وتركت العراق لقوى غير رسمية شعبوية ذات توجهات دينية طائفية تتناحر على السلطة بالعراق, قوى تمتلك الشرعية القانونية ومعترف بها, وقوى تمتلك الأيديولوجيا الدينية الطائفية وتحارب لبسط سلطتها, والدعم والاسناد والارشاد والتمويل يكون للقوى الاقليمية والدولية, الى أن أصبحت بلاد الرافدين الأرض التي تشهد انطلاقة التجربة الافغانية وظهور طالبان العربية عبر تنظيم (الدولة الاسلامية في العراق والشام) أو ما أطلق عليه (داعش), وبات كثير من المواطنين العرب يتهامسون ويتساءلون, كيف قُدر لهذا التنظيم أن يمتد ويسيطر على تلك المساحات من الأرض بهذه السرعة الخارقة بعيدا عن أقمار التجسس الغربية والأمريكية وأساطيلها في الخليج العربي وقواعدها المركزية في تركيا والكويت وقطر!!! فاسرائيل كانت قد ضربت بطائراتها الحربية عام 1981م المشروع النووي العراقي ودمرته, أهو أو هي (داعش) بحاجة لتحالف أمريكي غربي عربي دولي لمحاربته وللقضاء عليه أو عليها؟.. أم المراد حرب لفظية عبر الاعلام فقط؟ وعلى الأرض اتركوا داعش تقحش الأموال, وتسوس البلاد وتسوق السبايا والعباد في المناطق المحدد لها, وانظروا وانتظروا و تناظروا فيما بينكم فيما هي فاعله, ولا تنظروا أو تتناظروا الى ما يفعل شعب الله المختار بأرض المحشر والمنشر, بل ردوا وارتدوا عن داعش وفعلها أو افعالها وهل هي من الاسلام أم لا؟.., وهل الاسلام يحلل ذلك أم لا؟.., تناظروا..تعارضوا.. اقتتلوا... , انشغلوا بداعش وفنونها بقتل العباد, ونكاح الجهاد, وفي الوقت الذي نحن فيه أمام جهل الأبناء وتسلط الأعداء, وليس لنا حاجة فيه لقول قائل من العلماء ولا لدور الافتاء بأن الاسلام الحنيف دين العدالة والرحمة والمحبة والتسامح, بل أمام قول الله عز وجل ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين), (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر), (ولتكن منكم أمة يدعون الي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).

ومما سبق نرى أن ما سمي بداعش ووجودها بأرض العرب لم تنشر الدين أو تدعو له ولا الخير والرحمة والتسامح بين الناس بل نشرت الفحش والفاحشة بداية بالقتل وقطع الرؤوس بدعوى اقامة الحدود وهم ليس لها أُهل, الى مناكحة الجهاد وهي الفاحشة بعينها التي يغرر بها الشباب المسلم, وليس انتهاء بسبي النساء وبيعهن بسوق النخاسة, تلك الأفعال الفاحشة البعيدة كل البعد عن سماحة الاسلام مع غير المسلمين والذي حرّم التعرض بالأذى بالقول والفعل لكل معاهد أو مستأمن دخل ديار الإسلام, ووعد وأغلظ في العقوبة لمن تعرض لهم, لقد استغلوا الفقر والجهل والعاطفة الدينية النقية لدى الشباب في المجتمعات العربية لإغوائهم بدولة الخلافة الموعودة, وانتهزوا تقاعس المؤسسات التعليمية والمثقفين ووزارات الوعظ والارشاد عن دورهم في بيان الحقيقة كل الحقيقة لما يدعون من باطل, حتى أصبح الشك يساور البعض بأن تلك الجماعات المنحرفة ربما تكون على صواب مما يتعرضون له من ظلم وقهر اجتماعي وبطالة اقتصادية, لقد آن الأوان لكل الغيورين على دينهم الحنيف وعلى أمتهم وشعوبهم الاسلامية لتسخير كل الامكانيات والطاقات لتحجيم ومحاصرة الأفكار السوداء والتي تعبث بمصير الأمة ونهضتها.

ا. علاء محمد منصور

كاتب وباحث بالدراسات السياسية