خبر : الطباعة بالأبعاد الثلاثية: مقدمة لتغييرات ثورية في الحرب والاقتصاد

الجمعة 30 يناير 2015 01:58 م / بتوقيت القدس +2GMT
الطباعة بالأبعاد الثلاثية: مقدمة لتغييرات ثورية في الحرب والاقتصاد




باريس وكالات بعدما كانت لسنوات طويلة تقنية عادية بلا أهمية كبرى، باتت للطباعة بالأبعاد الثلاثية استخدامات متعددة خصوصا في مجال الصناعات الدفاعية ما قد يشكل شرارة ثورة صناعية جديدة بحسب خبراء.
وبالنسبة لكثيرين، لا تزال الطباعة بالابعاد الثلاثية مجرد تقنية هامشية مخصصة فقط لإنتاج مجسمات بلاستيكية صغيرة. لكن مع انتهاء صلاحية عدد من براءات الاختراع الرئيسية، ستصبح الاستعانة بطابعات جديدة قادرة على استخدام المعادن والأخشاب والأنسجة اكثر سهولة، ما يمهد لانقلاب تاريخي في عالم الصناعة.
وتحتل الصناعات الدفاعية الساعية دوما الى الاستفادة من احدث التقنيات، صدارة القطاعات التي ستتأثر بهذه الابتكارات.
وفي هذا الاطار أوضح اليكس شاوسوفكي المحلل في شركة «أي اتش اس تكنولوجي» ان الجيش الأميركي يستثمر أموالا طائلة في الطباعة الثلاثية الابعاد بهدف انتاج بزات وجلد اصطناعي لمعالجة جرحاه وحتى اطعمة.
حتى ان باحثين في جامعة «ماساتشوستس انستيتيوت اوف تكنولوجي» (ام اي تي) الشهيرة اخترعوا «طباعة رباعية الابعاد» مع مواد تتحول عند الاحتكاك بعناصر اخرى مثل الماء. وهذا الامر قد يفضي يوما ما الى تصنيع بزات متحولة يتغير لونها بحسب البيئة.
وبدأت هذه التقنية تشهد اولى تطبيقاتها.
ففي نهاية كانون الاول، حاز فريق رواد الفضاء المقيمين في محطة الفضاء الدولية في مدار الارض مفتاحا انكليزيا بفضل تصميم تلقوه بالبريد الالكتروني من الارض وطبعوه على طابعة مجسمة.
وفي اواخر 2013، ادخلت شركة «بي ايه إي» البريطانية العملاقة في مجال التسليح للمرة الاولى قطعة معدنية مطبوعة على طائرة مقاتلة من نوع «تورنادو». وفي تسجيل مصور نشر اخيرا، عددت الشركة تصوراتها لاستخدامات محتملة في المستقبل من بينها على سبيل المثال الطباعة ثلاثية الابعاد لطائرة.
وأوضح مات ستيفنز المسؤول في وحدة الطباعة بالابعاد الثلاثية في مجموعة «بي ايه إي» لوكالة فرانس برس أن هذه التقنية تمثل «امكانية للمدى الطويل الا اننا نهدف فعليا الى تصنيع طائرة عن طريق تكنولوجيا الطباعة بالابعاد الثلاثية حصرا».
وأشار بيتر سينغر الخبير في الحروب المستقبلية في مؤسسة «نيو اميركا فاونديشن» الى ان «التمكن من حمل طابعات الى ساحة معركة قد يغير ايضا تقنيات القتال والصناعات الدفاعية».
واضاف «سيتمكن جنود في ابعد نقطة في افغانستان على سبيل المثال من انشاء برمجية لتصنيع قطعة غيار وطباعتها»، بعيدا عن خطوط الانتاج في مصانع التسليح.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، ستتسبب التكنولوجيا بافراغ العقوبات من معناها.
ولفت سينغر الى ان «الولايات المتحدة فرضت عقوبات على كل شيء، من قطع الغيار للطائرات القتالية الى التجهيزات النفطية. لكن الطباعة بالابعاد الثلاثية يمكن ان تجعل هذه العقوبات بالية تماما - بعدما شكلت جزءا اساسيا من السياسات الخارجية منذ اكثر من جيل».
الا ان هذه السهولة في انتاج الاسلحة خارج المسارات الصناعية التقليدية تنطوي ايضا على مخاطر جديدة.
وقال شاوسوفسكي محذرا «تخيلوا خبراء في المتفجرات في الشرق الاوسط منكبين على تصنيع قنابل تشبه اغراضا مستخدمة في الحياة اليومية او +ذئبا مستوحدا+ (عنصر يتدرب على شن هجمات بجهد شخصي مستلهما افكار تنظيمات متشددة) يطبع سلاحا بلاستيكيا يمكنه من خداع اجهزة التفتيش في البيت الابيض».
وبالإضافة الى هذا الخطر الامني المتزايد، سيمثل هذا التوجه ثورة اقتصادية لها تبعات لا يمكن توقعها.
فإذا ما تمكن الجميع من استخدام تقنية الطباعة بالابعاد الثلاثية لصنع اغراض، قد تواجه البلدان التي يعتمد اقتصادها على صناعة الالعاب او الملابس بالاستعانة باليد العاملة الرخيصة صعوبات حقيقية.
واضاف شاوسوفسكي «اذا ما اردتم فهم التهديد الذي تمثله الطباعة بالابعاد الثلاثية بشكل اوضح، انظروا الى اي مدى تعتمد الصين على قطاعها للتصنيع المتدني التكلفة».
كذلك فإن تقنية الطباعة بالابعاد الثلاثية اقدم مما يعتقد كثيرون اذ انها انطلقت في ثمانينات القرن الماضي. لكنها تستفيد حاليا من حماسة متجددة خصوصا بسبب انتهاء مدة براءات اختراع كانت تحد استخدامها، ما يفتح الطريق امام منافسة قد تدفع بجودة هذه التقنية الى الامام وتخفض كلفتها.
وأشار شاوسوفسكي الى انه «مع الطباعة بالابعاد الثلاثية، يمكننا ايجاد منتجات يستحيل صنعها بالوسائل التقليدية».
ويبقى المدى الذي قد تبلغه هذه التقنية صعب التوقع. وقال شاوسوفسكي «للمرة الاولى منذ زمن طويل يحصل تغيير جذري لهذه الدرجة في مجال الهندسة الصناعية، اذ اننا لا نحقق تقدما بسيطا بل نعيد رسم قواعد اللعبة من جديد».