خبر : ماذا يحدث لو لم يرد حزب الله على عملية القنيطرة ؟ ...بقلم د.وليد القططي

الخميس 22 يناير 2015 09:40 ص / بتوقيت القدس +2GMT
ماذا يحدث لو لم يرد حزب الله على عملية القنيطرة ؟ ...بقلم د.وليد القططي




"إن ما جرى أشبه بأحدٍ ما ألقى عود ثقاب نحو برميل بارود، والآن ينتظر أن يرى ما إذا كان سينفجر أم لا ؟" كان هذا من أكثر التعليقات دقة و التي قيلت بعد العملية العسكرية الصهيونية التي استهدفت مجموعة من كوادر حزب الله و الحرس الثوري الإيراني قرب القنيطرة في الجولان السورية ، و التعليق للمراسل العسكري لصحيفة (يديعوت أحرونوت) الصهيونية (اليكس فيشمان) . وهذه العملية أتت بعد حديث السيد حسن نصر الله لقناة الميادين بأيام قليلة ، و كأنها تحدي واضح لما قاله عن جهوزية حزب الله لمواجهة أي عدوان إسرائيلي بل و الانتقال من الدفاع إلى الهجوم عندما أكد استعداد الحزب لاجتياح مناطق في الجليل الفلسطيني المحتل، و كذلك احتفاظ محور المقاومة بحق الرد على الهجمات الإسرائيلية على سوريا.
فجاءت هذه العملية كتجلّي واضح للروح الصهيونية المتغطرسة و المتعطشة للدماء ، لتحاول استعادة أيام المجد الصهيونية التي كانت تضرب فيها العرب و لا يضربون و تقتلهم ولا يقتلون، وفي محاولة لإظهار قدرة الاستخبارات العسكرية الصهيونية على الوصول للأهداف التي تحددها و تريدها رغم فشلها الاستراتيجي المتراكم في التنبؤ بالأحداث الكبرى و نتائجها التي أثرت على الكيان الصهيوني ابتداءً من حرب أكتوبر 1973 و انتهاءً بحرب لبنان عام 2006 مروراً بالانتفاضتين الأولى و الثانية . والأهم من ذلك هو ترميم قوة الردع الصهيونية التي تآكلت أثناء حروب إسرائيل مع المقاومة اللبنانية و الفلسطينية لاسيما في حروب غزة الثلاثة ، و لتثبت أنها لا زالت تمسك خيوط اللعبة بأيديها ، و أنها لا زالت تملك قوة الردع التي تعتبر في قلب نظريتها الأمنية و عقيدتها العسكرية.
وتأتي هذه العملية على الأراضي السورية كتتويج لسلسلة من العمليات العسكرية في سوريا بدأت قبل الحرب الأهلية فيها ، وازدادت أثنائها، و تنوعت ما بين الغارات الجوية و العمليات الأمنية. و بعد كل عملية كان النظام السوري يكتفي بتجديد احتفاظه بحق الرد في المكان و الزمان المناسبين اللذان لم يأتيا بعد، و يبدو أنهما لن يأتيا أبداً خاصة بعد انشغال النظام في الحرب الأهلية الطاحنة التي دمرت قدراته العسكرية، و لو رد الجيش السوري على الاعتداءات السورية منذ البداية لما تجرأ العدو على مواصلة هجماته المتكررة على سوريا، و لما وصل الأمر إلى هذه العملية الأخيرة في القنيطرة.
وإذا كان النظام السوري قد تعوّد على مقولة (الاحتفاظ بحق الرد في المكان و الزمان المناسبين)، فان هذه المقولة غير مناسبة لحزب الله رغم انشغاله في الحرب الدائرة في سوريا و التي يعتبر مشاركته فيها بهدف حماية ظهره و عمقه الاستراتيجي في سوريا، و رغم انشغاله في الخطر الأمني و العسكري التكفيري في لبنان المدعوم بأموال النفط الخليجية المسخّرة لضرب المقاومة لصالح العدو الصهيوني و المشروع الغربي المعادي للأمة ،ورغم تربص قوى 14آذار السياسية اللبنانية بحزب الله و جاهزيتها للانقضاض عليه سياسياً و إعلاميا لتحميله مسبقاً أي حرب جديدة مع إسرائيل، و ما يترتب عليها من تدمير للبنية التحتية في لبنان .و رغم كل ذلك فإن الضرر الاستراتيجي المتوقع حدوثه من عدم رد حزب الله على عملية القنيطرة سيكون أكبر من الأضرار الإستراتيجية المتوقعة من جرّاء رد حزب الله على العملية .فما هي هذه الأضرار الإستراتيجية المتوقعة ؟ و ماذا يحدث لو لم يرد حزب الله على عملية القنيطرة؟ .
لو لم يرد الحزب على عملية القنيطرة سيفقد مصداقيته أمام جمهور المقاومة المؤمنين بنهجها و أعداء المقاومة الرافضين لنهجها على حدٍ سواء، خاصة بعد حديث السيد حسن نصر الله الأخير لقناة الميادين الذي أكد فيه على جهوزية الحزب للرد على الاعتداءات الإسرائيلية على محور المقاومة، هذه المصداقية التي تم بنائها على مدار سنواتٍ طويلة من الصراع كلّفت الحزب فاتورة ضخمة من الأرواح و الدماء و الأموال .و الأهم من ذلك هو حدوث الخلل في توازن الردع بين الكيان الصهيوني و حزب الله، هذا التوازن الذي تم بنائه بالدم و النار هو الذي يمنع العدو من البدء بالحرب و تنفيذ عملياته العسكرية وقتما يشاء على المقاومتين اللبنانية و الفلسطينية، و هذا الردع المتبادل في محك الاختبار الآن بعد العملية الأخيرة في القنيطرة، فعدم الرد يعني العودة إلى الوضع السابق الذي كان فيه العدو يضربنا في الزمان و المكان المناسبين فيما نحن نتوعد بالرد في الزمان و المكان المناسبين، و هي كلمة السر التي تعني عدم الرد إطلاقا، و هذا غير مناسب لحزب الله الذي بنى مصداقيته و كرّسها بتضحيات أبنائه و شعبه و مسؤولية و صدق أمينه العام تجاه حزبه و شعبه و أمته، الذي يدرك بالتأكيد أنه مهما كان الضرر المتوقع من ردة الفعل الصهيونية على رد حزب الله فلن يكون أكبر من الضرر المتوقع من عدم الرد.