خبر : اقسام "الموت" في مشافي غزة : يرحلون بصمت بعد ان غابت صكوك الحياة

الأحد 11 يناير 2015 03:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
اقسام "الموت" في مشافي غزة : يرحلون بصمت بعد ان غابت صكوك الحياة



غزة خاص سمامشيرة جمال العلاج بالخارج أزمة حلم.. أصبحت منذ زمن الإنقسام تؤرق من أصيبوا بأنواع معينة من الأمراض التي يصعب تشخيصها أو علاجها إلا بالخارج , لم يكن ذلك انتقاصا من كفائة الأطباء أو استهانه بقدراتهم ولكن لضيق الحال والمقصود هنا هو الامكانيات الطبية المتواضعة من معدات تشخيص وأجهزة علاج وعدم توفر أنواع معنية من الأدوية الضرورية أهمها الكيماويات , و أيضا التدريب المتخصص للأطباء مما يتطلب تحويلات طبية للعلاج بالخارج على نفقة السلطة أو نفقة المريض أحيانا .

غزة الخاسر الأكبر في معركة الإنقسام والأحتلال والتي تكبدها خسائر في الأرواح , واهمال بحق المرضى،. "وكالة سما" تجولت على مدى ثلاثة أيام في مشافي غزة للبحث عن المشاكل والصعوبات التي تواجه المواطن الفلسطيني، حيث تنقلت بين قسم أمراض الدم والعيادة الخارجية على أمل التوصل لفلسفة التحويلات المرضية و أزمة المرضى في الحصول عليها ,و التي تعتبر كصك للحياة بعد شقاء ، فتوصلت "سما" إلى نتائج ومعلومات مثيرة للاهتمام في قسم الباطنه والصدرية وتم التركيز على مرضى الدم كعينة قياس لوضع التحويلات .

                                                             قسم الموت            
هذا ما شاع في تسمية قسم الباطنة على قسم الباطنه والصدريه حيث يسكن مرضى الدم في انتظار مصيرهم , لم تخب تسميتهم ففي الوقت الذى كنا نترجل سلالم القسم , فى تباطوء سريع إلتف جمع قليل من الناس حول بعضهم وهمست سيدة تصعد الدرج " إنا لله وإنا اليه لراجعون , في ميت بالقسم".

"فاطمة حماد" احدى نزيلات قسم الباطنه خاص, تعاني من الميلوما المتعددة، ابتسامتها بحجم شراسة مرضها ترفض الاستسلام ,رحبت بنا بمرح وقالت " المرض أكل عظمي ولا أستطيع تحريك يداي أكثر من ذلك وإلا تهشمتا اعذروني اذا لم أقدم السلام اللائق بكم فنحن هنا نموت ألف مره في الثانية ". بتلك البساطة عبرت فاطمة عن مرضها الذي يفتك بالعظم والمناعة ويؤثر على كل وظائف الجسم بما فيها وظائف الكبد والكلي, انتظرت فاطمة أكثر من شهرين للحصول على العقار الطبي الغير متوفر في صدليات وزارة الصحة، واستغربت من حصار اضطرها للانتظار شهرين وحتى تقرير فتح المعبر لتحصل عليه والذي تزيد تكلفته على 500$ بالإضافة لعدم وجود تغطية مالية من قبل وزارة الصحة حيث يفترض أن يكفل ذلك التأمين الطبي.

                                                          أزمة زيادة الوفيات
وتكمن الطامة الكبرى في قسم أمراض الدم والذي يعاني من أزمة حقيقية وإزدياد في أعداد الوفيات، وتدهور في حالات المرضى نظراً لتطور المرض إلى مراحل خطيرة نظراً لتأخير الجرعات العلاجية التي يجب أن يحصلوا عليها في مده زمنية معينة .

وهذا ما أكده الدكتور صالح الشيخ عندما قال " نحتاج أحيانا لإجراء تحليل لإختبار مدى نجاعة العلاج الذي نعطيه للمريض، ولعدم توفر الإمكانيات المناسبة لتحيل العينات واجراء بعض الصور البسيطة والتي لا تحتاج الا لبضع دقائق يتطلب ذلك تحويل المريض للخارج ".
واكد "الشيخ" زيادة نسبه المصابين بأمراض الدم من 10% الى 20 % في الفترة الأخيرة موضحا أن استجابه سرطان الدم للعلاج أكبر من السرطانات العادية ونسبه الشفاء منه 80% إذا ما تم تشخيصه وعلاجه منذ البداية.

ويذكر ان االأسبوع الأخير من شهر ديسمبر شهد خمس وفيات في قسم أمراض الدم حيث يشهد القسم معدل ثلات وفيات شهريا .

ويرجع الدكتور "بيان السقا" ارتفاع عدد الوفيات إلى نقص الخدمات المقدمة و دقة التشخيص ، حيث أشار الى حاجة القسم لمعدات لفحص الجينات وأجهزة لتحديد ودراسة جدار الخلية، مشدد على أن كل ذلك يؤثر في تشخيص وعلاج المريض وأن جميع الحالات يمكن علاجها محلياً إذا ما توفرت الأجهزة و العقاقير الطبية إلا سرطان الدم الحاد حيث يحتاج إلى غرف غزل كاملة ولا يوجد طاقات بشرية ولا معدات وأجهزة لتشغيل مثل هذا القسم.
واكد أن العلاج الذي يحصل عليه المريض بالخارج هو ذاته , ولكن الخدمة مختلفة نظرا لعدم توفر امكانيات خدمة خمس نجوم على حد تعبيره موضحا أن الجزء الكبير من العلاج هو نفسي بالإضافة الى طبي , ودعا الى العمل على إنشاء قسم أمراض دم تخصصي.

و أضاف أنه قد عالج حالات مصابة بـ لوكيميا و مايلوما منذ أكثر 15 عام ولكن نقص الإمكانيات الآن يجعل ذلك صعب جدا، وذهب الى أن ابجديات علاج امراض الدم غير متوفر وهو نوع من أنواع الأشعه لفحص ومعرفه مدى استجابة المريض للعلاج .


                                                          حالات بإنتظار الموت
سجلت خلال الفترة ما بين شهر سبتمبر الى نهاية شهر ديسمبر , 166 حالة جديدة مصابة بأمراض الدم بأنواعه ، و قد توفي الأسبوع قبل الأخير من شهر ديسمبر خمس حالات مصابه بأمراض الدم فيما لم يسجل الشهر المنصرم أي حالة وفاة ، وحسب تقديرات القسم تسجل ثلاث وفيات شهريا , عدد المرضى الكلى المسجلة في العيادة الخارجية لأمراض الدم 1700 حالة أجريت تحويلات ل 345 تحويلة خلال الفترة ما بين 18 سبتمبر الى 30 ديسمبر علما بأن هذه التحويلات قد يكون مكرر منها ثلاث أو 4 مرات لمريض واحد فإذا ما افترضنا أن المريض تم تحويله مرتين في هذه الفترة يصبح لدينا ما يقدر ب 173 تحويلة مرضية , ويعكس ذلك زيادة الحالات المصابه بأمراض الدم و أيضا زيادة حالات الوفيات مقارنه ب قلة عدد التحويلات للخارج.

و من خلال المشاهدة والأرقام تبين وجود ثلاث ثغرات في العملية العلاجية " التشخيص و تنفيذ العلاج و متابعة الحالات" فعندما يصاب المريض بمرض دم أول ما يتوجه إليه هو طلب تحويله للخارج وفي هذه الحالة يرتبط ملفه ومراجعاته وعلاجه بالمستشفى التي يتم تحويله إليها ، وذلك يعود لوجهة تحديد المستشفى فإما أن ينتظر المريض فتح معبر رفح إذا كانت وجهته مصر ، أو يحتاج إلى تصريح وموافقة أمنية إذا كانت وجهته للضفة الغربية أو المستشفيات الموجودة في أراضي 48، وهنا قد تتدهور حالته الصحية من مرحله يمكن علاجها لمرحلة ميئوس منها.


1

وعلى سبيل المثال فان "فاطمة حماد" وهي المريضة "بالمايلوما" تحتاج لإجراء عملية في العظم في احدى المستشفيات التابعة للاحتلال وذلك حسب تفضيل العائلة ونظرا لتوقف التحويلات المرضيه لتلك المستشفيات تبقي السيدة فاطمة عالقة تحت رحمه تصريح الإحتلال .

يقول طبيب اعتذر عن ذكر اسمه لسبب غير مفهوم لنا "فاطمة ليست ابنة مسؤول ، وليست نجمة في برنامج هواة , أو زائرة عابرة لاطفت الساسة بشعارات عن الحرية والنضال في فلسطين لتجد الإهتمام،انها متروكة لقدرها المحتوم مشيرا الى انه على ما يبدو فأن "الإتكال على العلاج بالخارج من وجهة نظر المسؤولين هو أوفر من تأهيل كادر طبي محلي لمعالجة تلك الحالات المرضية واستثمار الأموال في الداخل لبناء مستشفيات متخصصة مجهزة يمكنها تدارك أرواح قبل أن تزهق".



2

انها غزة تبهرك دائما بموتها وحيائها وقلة حيلتها وعنفوان صبرها اللامحدود ولكنها تبقى دائما الخاسر الاكبر في المعركة الداخلية والتي تتجسد بالام لانهائية لمرضى يحاصرهم الوطن والالم والسجن الكبير.