همسوا لأم احمد أن تحصن نفسها لأن هدى قادمة ستعصف بقطاع غزة و لن تستثني من جبروتها شيئاً, حتى ما طالته الحرب الإسرائيلية التي مكثت الــ 51 يوماً.
ردت أم محمد عليهم بسخرية وقالت:" أي غزة تلك التي ستزورها هدى؟
أبقيت غزة؟
عن أي غزة يتحدثون؟
عن تلك التي نلعنها كل صباح ليس لذنب إقترفته سوى خطوات أقدام الساسة على ترابها, وهم لا يحملون في جعباتهم سوى وزر الأقوال؟
أم عن تلك التي لم تعد قادرة على احتضان أوجاعنا؟
أم عن غزة التي أصبحت جارتي تخافها كل ليلة لأن خيمتها لا تقيها من حيوانات الليل المفترسة التي ضلت طريقها؟
أم عن غزة التي فارقها شبابها بدمعهم الذي لو استقبل هدى لأغرقها؟
أتعلم هدى بذلك؟
اخبروها والله سوف تشفق على حال غزة ولن تزورها .
أخبروا هدى أن أحمد ابني يحتضن ركام منزلنا وينتظر إمضاء ملف إعماره الذي أصبح لعبة يتقاذفها المسئولين والله ستشفق عليه ولن تأتي.
اخبروا هدى أن غزة تئن من ظلامها ,ولا يوجد ما يدفئ أرواح أطفالها فاللعنة حالت من توفير الكهرباء والظلم يجتاحها لتركيعها.
هل أخبرتم هدى أن الحالة النفسية في غزة سيئة و زيارتها ستزيدها سوءا وحتى الدواء لعلاجها لا يتوفر ؟ اخبروها ستشفق علينا ولن تأتي.
اخبروا هدى أن الجيوب فارغة فحتى الرواتب أصابتها اللعنة فلا يتوفر ما يسد الرمق لو اشتدت ببرودتها.
اخبروا هدى عن أطفالنا الذين يسجدون كي لا تأتي فكابوس الحرق بالشمع يطاردهم.
أخبروا هدى بأن صحة الحاجة خديجة لم تعد كالسابق لتحيك الأغطية التي تغطي فيها أسبست بيتها المكسور وسيغرقون لو لم تقم بحياكتها .
بربكم اخبروا هدى أن نساء العالم كله وأطفاله يجهزون أنفسهم لأخذ الصور بجانب ثلجها الذي ستصحبه في زيارتها ونحن في غزة نجهز أنفسنا ونرتدي أكثر الثياب سترة حتى نضمن نقل القوارب لنا دون تكشف وقت اجتياح مياهها.
أخبروا هدى عن بيوت الزينكو التي تفتقد للأغطية الدافئة.
أتعلم بذلك؟
اهمسوا لها أن غزة فقيرة تحتاج لزائر دافئ لطيف يغمرها بالفرحة لا برداء الحزن والحسرة.
اخبروها أن غزة أصبحت كلقيطة تجاهلها الجميع ونزعوها من جزءها الأكبر .
اخبروا هدى بأن غزة تحولت للعنة تطاردنا في منامنا والسبب يتقاسمه الجميع وليس أحد بعينه.
أخبروا هدى عن تناحر المسؤولين وغزة تنزف لا حول لها ولا قوة .
لكن قولوا لغزة أيضاًعذرا لأننا جعلنا هدى تحمل لكِ الكره من وصفنا وستجتاحك على قدر مقتها الذي امتصته منا..
لك ولنا الله يا غزة
ولجبروتك الله يا هدى.