خبر : العالم كله ضد “الدولة الإسلامية” فمن معها؟ ...أ.د. علي الهيل

الجمعة 19 ديسمبر 2014 09:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT




لِنفترض أن “الدولة الإسلامية” ليست كما يشاع أنها صنيعة النظامين الإيراني و السوري لإبعاد تهمة “إرهاب الدولة” عن كل من سوريا و إيران الداعم الأساس للنظام السوري على الأرض كما يشاع أيضاً. بالمثل لنفترض أن (المخابرات الروسية) لا ضلع و لا زاوية لها في إنشاء “الدولة الإسلامية” للهدف الذي ذكرناه و لهدف آخر هو خلق (طوق نجاة) للنظام السوري بدعوى أنه يحارب الإرهاب المتمثل في (الإسلام السني المتطرف) و الغاية هي فك الحصار الإقليمي العربي و الدولي عن النظام السوري. المعروف أنه لولا روسيا لَما تمادى النظام السوري في قمع الثورة الشعبية متجاوزاً كل الخطوط الحمر. لأن (روسيا) وقفت بالمرصاد مع الصين (نتيجة تقاطع المصالح) لأي قرار دولي تقوده منافستها على العالم (أمريكا) يدين أي تصرف للنظام السوري، و يحول دون إقامة منطقة آمنة أو يحظر الطيران.
ليس بالضرورة الشعب غير أن النظام السوري منذ 1969 أي منذ مجيء (الرئيس الراحل حافظ الأسد للحكم) و سوريا تعتبر القلعة السوفييتية ثم الروسية التقليدية في العالم العربي أو “الشرق الأوسط” و حليفتها الإستراتيجية، و لذلك فإن (روسيا) لا يمكن تسمح برحيل النظام السوري. في المحصلة إذن؛ ينظر كثير من المتتبعين للأزمة السورية أن (روسيا) تضرب عصفورين بحجر واحد على خلفية افتراضية خلقها “للدولة الإسلامية السنية.” من ناحية، تهدف إلى تحصين النظام السوري و من ناحية أخرى تهدف إلى إضعاف أي مقاومة إسلامية سنية في المنطقة لاسيما أن “الدولة الإسلامية” وُلدت من رحم (القاعدة) الحركة الإسلامية السنية التي قاتلت في الجهاد الأفغاني ضد الإحتلال (السوفييتي) لأفغانستان و إجباره على الإنسحاب إن لم نقل هزيمته و بعدها بسنتين تقريباً بدأ الإتحاد السوفييتي بالتحلل. كثيرون يعزون إلى الجهاد الأفغاني تفكك (الإتحاد السوفييتي) الإمبراطورية الضخمة عالميا أو على الأقل هو أحد أهم الأسباب التي أدت إلى انهياره.
واضح جلي وضوح و جلاء الشمس في رابعة النهار أن الجميع في العالم ضد (الدولة الإسلامية.) كلا المعسكرين الذي يقف مع أو ضد النظام السوري هما يحاربان (الدولة الإسلامية.) الآن هل صحيح الإفتراض القائل إنه ثمة إجماع خفي بين المعسكرين باستقصاد (الجهاد السني) حتى لا تتكرر ظاهرة (القاعدة) حتى و لو كان ذلك بمعزل عن التحيز (للإسلام الشيعي) و بصرف النظر عن كون قصف (إيران) للدولة الإسلامية في داخل (العراق) قبل أسبوعين تقريباً جزءاً من الإجماع بين المعسكرين، فإن المحلل لا يملك إلا أن يتساءل في حيرة كبرى – إذن من مع (الدولة الإسلامية؟)
إذا كانت أكثر من خمسمائة غارة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية لم تفتَّ في عضد (الدولة الإسلامية) و هي غارات غاية في التعقيد تكنوتقنياًّ من أحدث الطائرات الأمريكية و الفرنسية و البريطانية و الأعرابية (الموجهة أمريكياًّ كما يمكن الإفتراض كذلك) فمن أين تستمد (الدولة الإسلامية) أسباب بقائها و تمددها؟
يبدو و هو إفتراض أيضاً أن (الدولة الإسلامية – و نحن لا نملك سوى الإفتراض وسط كل هذا الإبهام و الغموض و الضبابية و اللغزية) قد استفادت من أخطاء (القاعدة) الحركة الأم في أفغانستان و باكستان و اليمن. نلاحظ أن (الدولة الإسلامية) قد ابتكرت تكتيكات يمكن أنها مع الأشهر الماضية قد تطورت إلى إستراتيجيات لتفادي أضرار كبيرة من طائرات التحالف الأربعيني الذي تقوده (الدولة العظمى) و حلفاؤُها النوويون الكبار و الصغار. يُحتمل أن الإحترازات (و هي تبدو من الأسرار) هي التي تفسر بقاء (الدولة الإسلامية) على قيد الحياة بل و القدرة على الرد و المناورة و التوسع رغم الحرب الكونية عليها جوا و براًّ (من البشمركة و فصائل أخرى.)
نظرية (الإحترازات التكتيكية أو الإستراتيجية) تجعل المرء يفترض أن (روسيا و سوريا و إيران و آخرون) لا يمدونها بالسلاح و أنها تحصل عليه بطرقها الخاصة.
يبدو أيضاً أن (الدولة الإسلامية) تتعلم بشكل واضح من (طالبان) بل و تكرر سيناريوهات (طالبان في سوريا و العراق) في المقاومة و السيطرة على الوضع رغم وقوف العالم كله ضدها. بما أن (طالبان) لماَّ تزل تحافظ على قوتها و بقائها بل و تزداد قوةً إلى قوتها و هي من تسيطر على المشهد الأفغاني رغم كثافة القصف الأمريكي و الناتو جميعاً بدرجات متفاوتة و الحرب الأرضية من الأمريكيين و الناتو و الحكومة الأفغانية الموالية لأمريكا و الناتو منذ إجتياح أفغانستان في تشرين الأول عام 2001 (الدولة الإسلامية) الآن تتبع التكتيك نفسه بل هو إستراتيجية للبقاء و التمدد.
(طالبان) رغم كل شيء أي الحرب الكونية عليها هي من يسيطر على الوضع الأفغاني و هي من تأخذ قرار ضرب الحكومة الموالية لأمريكا و الغرب في أي نمكان و في أي زمان هي من تقرره و قريباً سيتم دخول قصر الرئاسة في كابل كما يتوقع قادة (طالبان.) (الدولة الإسلامية) تواجه بالمثل حرباً كونية و هي تتعلم كيف تقلل من خسائرها تحت الضربات الجوية الأمريكية و الغربية و الأعرابية. سيناريو (طالبان) تكرره الآن (الدولة الإسلامية) و كما خسر التحالف الكوني بقيادة أمريكا في أفغانستان هو حتماً خاسر في الحرب على (الدولة الإسلامية.)
أستاذ جامعي و كاتبٌ قطري