أبشع قصص الاختطاف والتعذيب بالتعاون مع المخابرات الأمريكية

خبر : سليمان سخر من طلب الأمريكيين عينة دم الظواهري: لو رغبوا فى قطع يديه لأرسلتها إليهم

الخميس 18 ديسمبر 2014 08:38 م / بتوقيت القدس +2GMT
سليمان سخر من طلب  الأمريكيين عينة دم الظواهري: لو رغبوا فى قطع يديه لأرسلتها إليهم



 مبارك حول مصر إلى مقر للسجون الطائرة واستجواب الإسلاميين بأبشع طرق التعذيب وفود من أجهزة الأمن المصرية زارت جوانتنامو وهددت المعتقلين بين التعاون أو الترحيل إلى مصر 

*عمرو سليمان سخر من مطالبة الأمريكيين بعينة من دم الظواهري: لو رغبوا فى قطع يديه لأرسلتها إليهم 

القاهرة / وكالات /   لم يفضح تقرير مجلس الشيوخ الصادر مساء الثلاثاء الماضي، فحسب الوسائل التي استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في استجواب المشتبه بهم في أعقاب هجمات 11سبتمبر 2001، بل فضح أيضًا الدور الخفي الذي لعبه نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك فيما عرف إعلاميًا بعمليات "التعذيب بالوكالة"، و"السجون الطائرة". فالتقرير الصادر في 40ألف ورقة  فضح دور نظام مبارك فيما يتعلق بتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في الحرب على الإرهاب، وكيف تحول مصر لأكبر عميل لما يطلق عليه "السجون الطائرة".

 حيث كانت الولايات المتحدة تشحن معتقلي تنظيم "القاعدة" من مختلف الجنسيات ليُجرى استجوابهم في أقبية الأجهزة الأمنية المصرية، بعد أن عجزت آلة القمع الأمريكية عن استنطاقهم وإجبارهم على الإدلاء باعترافات. 

ويعيد ذلك إلى الأذهان ما كشفته وثائق "وكيليكيس" عن الدور الذي لعبته الأجهزة المصرية في هذا الملف المسكوت عنه، عندما نسبت  إلى عمر سليمان رئيس المخابرات العامة الأسبق قوله ردًا على طلب واشنطن عينة من دماء المهندس محمد الظواهري، شقيق زعيم "القاعدة" الدكتور أيمن الظواهري لمطابقة عينة دماء الشقيقين، بعد الاشتباه في وفاة الأخير في إحدى الهجمات حين رد بالقول "لو طلبوا أحد ذراعيه لأرسلت الاثنين لهم".

 بما يكشف عن كيف كان رموز نظام الرئيس المخلوع يتعاملون مع أمن مصر وسيادتها واستقرارها في مقابل رضا الإدارة الأمريكية، والتي لم تكن تتورع عن وصف النظام ورموزه بالفاسدين العجزة. 

وفضح ملخص التقرير الصادر عن الكونجرس الدور الذي اضطلع به النظام الأسبق في هذه الحرب الضروس، حين وصف مصر بـ "الدولة التي استقبلت أكبر عدد من المعتقلين الذين أرسلتهم الولايات المتحدة"، حتى أن رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف اعترف في 2005 بأن الولايات المتحدة منذ 2001 أرسلت ما يتراوح من 60 إلى 70 فردًا إلى مصر، بدعوى "الحرب على الإرهاب"، ما يدلل على أن القاهرة كانت أكبر شريك استراتيجي لواشنطن في سجل التعذيب والاختطاف. وأكد التقرير، أنه تكاد تكون الـ14 عملية نقل معتقلين المرصودة خلال ولاية الرئيس الأسبق بيل كلينتون– قبل جورج بوش الابن- اتجهت جميعها لمصر.

 وقد حاول عملاء الاستخبارات الأمريكية فى أوائل عام 1995 ضم مصر كشريك أساسى فى برنامج التسليم الاستثنائى والاعتقال، وهو ما حظى بترحيب مصرى فى ظل رغبة السلطات المصرية آنذاك فى ملاحقة واعتقال المصريين المنتمين إلى تنظيم "القاعدة"، الذى يتشكل معظمه من مصريين.

 ومنذ 11سبتمبر 2001، سلمت الولايات المتحدة بشكل استثنائى إلى مصر العديد من المعتقلين أشهرهم محمد عمر عبدالرحمن "أسد"، وأحمد عجيزة، وعلى محمد عبدالعزيز الفخيرى "ابن الشيخ الليبي" وممدوح حبيب، وعبد السلام الحلة، ومحمد سعد إقبال مدني، وسيف الإسلام المصري، وأسامة مصطفى حسن نصر "أبوعمر المصري"، وياسر تيناوي، ومحمد الزيري. 

ويقدم التقرير، رصدًا للسجون المصرية ومرافقها التى استخدمت فى احتجاز واستجواب وتعذيب المعتقلين، حيث تضمنت العمليات سجون طره، واستقبال طره، ومزرعة طره وملحق المزرعة، وليمان طره ومستشفاه، وسجن العقرب المشدد.   فضلاً عن سماح مصر باستخدام مطاراتها ومجالها الجوى لرحلات طيران مرتبطة ببرنامج الاستخبارات الأمريكية للاعتقال. 

وتستعرض "المصريون" فى السطور التالية، عددًا من الشخصيات المنتمية للحركات الإسلامية المختلفة، وعن مصير التعذيب، حيث منهم من لقى ربه مثل المهندس طلعت فؤاد قاسمـ ومنهم من خرج بعاهات مستديمة فى كلتى قدميه مثل الدكتور أحمد حسين عجيزة، ومنهم من تعرض لأمراض مختلفة، وغيرهم ممن تعرضوا لأبشع عمليات التعذيب، قبل أن تعيدهم ثورة 25يناير إلى الحياة مجددًا، إثر خضوعهم لتحقيقات مباشرة من عمرو سليمان، الساعد الأيمن لمبارك الذى وجهت له الاتهامات بقتل المهندس طلعت فؤاد قاسم وجرت مقاضاته في دعوى رفعها القيادى الإسلامى ممدوح حبيب.


 طلعت فؤاد قاسم 

توفى فى ظروف غامضة بعد أن خطفته المخابرات الأمريكية من كرواتيا وسلمته لمصر لم يودع فى أى سجن عمومى ولم يبلغ بحكم الإعدام الغيابى وعائلته لا تعرف مصيره حتى الآن أسامة رشدى وصفوت عبدالغنى حاولا إثارة القضية بعد سقوط مبارك.. 

ووفاة سليمان أغلقت القضية للأبد يتصدر أبو طلال القاسمى، السفير المتجول لـ "لجماعة الإسلامية"، طلعت فؤاد قاسم، قائمة الضحايا حيث تم اختطافه فى العاصمة الكرواتية زغرب عام 1995 أثر وصوله إليها من الدانمارك الذى كان يتمتع فيها بحق اللجوء السياسي، بعد أن جرى اعتقاله بمعرفة المخابرات العسكرية الكرواتية بأوامر من المخابرات الأمريكية (CIA).


 كان قاسم خلال هذه الفترة يعد كتابًا عن البوسنة والهرسك فأصر أن يرى المأساة كاملة بأم عينيه، لكن جهاز المخابرات الأمريكية كان فى انتظاره حيث تسلمه من نظيره الكرواتى، وجرى نقله إلى مصر، حيث خضع لعمليات تعذيب، انتهت بقتله بحسب روايات متطابقة. واعترف منسق المخابرات الكرواتية ميروسلاف توجمان، نجل الرئيس الكرواتى الراحل فرانيو توجمان، والذى كان مسئولاً عن جميع أجهزة المخابرات الكرواتية باختطاف المخابرات الأمريكية لقاسم، إثر خلافه مع واشنطن، بعد رفضها تقديم وثائق لتبرئة الجنرال الكرواتى أنتى جوتوفينا، المطلوب لمحكمة جرائم الحرب فى لاهاى لجرائم تتعلق بتصفية عدد من الصرب أثناء عملية تحرير الجيب الكروات فى كرايينا عام 1995.


 روت إحدى وكالات الأنباء أدق رواية عن الحادثة بالتأكيد على أن مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى (FBI) سلم قاسم لمصر الذى اختفى لدى زيارته كرواتيا.

 حيث ألقت  أجهزة الاستخبارات العسكرية الكرواتية القبض عليه وسلمته إلى عناصر من (FBI) فى قاعدة بحرية كرواتية – وتم نقله  إلى السفينة الحربية "إم إس جونسون" فى بحر الأدرياتيك، حيث خضع للاستجواب طوال يومين ثم نقل إثر استجوابه إلى السفينة المصرية "السامر" ثم إلى مصر وهو معتقل مقر للأجهزة الأمنية المصرية.

 وواجه المهندس قاسم المولود فى عام 1957 لدى وصوله إلى مصر حكمًا غيابيًا  بالإعدام من قبل محكمة عسكرية فى ديسمبر 1992 فيما عرف بقضية "العائدون من أفغانستان"، وكان تسليمه لمصر يعنى تعذيبه وقتله وهو ما حدث بالفعل، حيث تم قتله تحت التعذيب بأبشع الوسائل، ولم يحظ بأى معاملة قانونية، ولم يتم إعلامه رسميًا بالحكم الغيابي، ولم يسمح له بالاتصال بعائلته أو أى محام. ولم يتم إيداعه أى سجن عمومى فى مصر.. 

ولا يزال النظام فى مصر ينكر حتى الآن الاعتراف بهذه الجريمة رغم أن كل الأطراف قد اعترفت والحقائق تتهاوى، حتى إنه لم يستخرج له شهادة وفاة حتى الآن. 

وحاولت الجماعة الإسلامية بحسب تصريحات للقياديين البارزين بها الدكتور صفوت عبد الغنى والدكتور أسامة رشدى فتح قضية مقتل قاسم، حيث وجه تهمة تصفيته إلى اللواء عمر سليمان بعد اعتزام الأخير الترشح لانتخابات الرئاسة، لكن أغلق الموضوع بعد رفض اللجنة العليا للانتخابات أوراق ترشيحه وسفره خارج البلاد ووفاته بعد أشهر قليلة. ومازال مصير قاسم مجهولاً لدى عائلته التى مازالت تعيش فى الدانمارك حيث لم ترد السلطات المصرية على تساؤلات رسمية بمصيره حيث نفت هذه السلطات أى علم له بمصر -


 أحمد حسن عجيزة

اختطفته CIA بالقرب من مطار استوكهولم وسلمته بالتنسيق مع المخابرات السويدية  لمصر واجه أبشع عمليات التعذيب وغادر سجون مبارك بعاهات مستديمة وحال سيئة تقترب من الشلل 

*عمر سليمان حقق معه بنفسه وزيارات السفير السويدى بالقاهرة أنقذته من موت محقق قصة الدكتور أحمد حسين عجيزة القيادى البارز فى جماعة الجهاد، لم تكن أقل بشاعة عن سابقتها، حيث وقعت أحداثها فى العاصمة السويدية استوكهولم، والتى كان يتمتع فيها بالإقامة القانونية إثر زواجه من مواطنة سويدية من أصل جزائرى، وبعد أن تقدم بطلب للحصول على حق اللجوء السياسي، جرى استدعاء لأحد المقرات الأمنية للقاء مسئولين أمن سويديين بالقرب من مطار العاصمة السويدية وخلال توجهه حسب الموعد المقرر تم اختطافه من قبل 6 من عملاء لمخابرات الأمريكية والتوجه به إلى المطار، ومن اقتياده إلى القاهرة، حيث سلم إلى أجهزة الأمن المصرية نهاية عام 2001. 

التحقيقات مع عجيزة اكتسب أهمية كبيرة، نظرًا لدوره داخل جماعة "الجهاد"، خصوصًا فيما يتعلق بقضية "طلائع الفتح"، إذ كان يتصدر قوائم اللائحة المصرية الحمراء لدى الإنتربول، إلى حد أن اللواء فؤاد علام وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق وصفه بأنه أخطر من أيمن الظواهرى نفسه، ما يدلل على الأهمية التى كان يحظى بها من قبل الأمن المصري. 

أجهزة الأمن تفننت فى استخدام وسائل التعذيب ضد عجيزة، على الرغم من عدم وجود أى علاقة للرجل بجماعة "الجهاد"، إثر خلافه مع الظواهرى، وكونه مصنفًا بأنه قائد سياسى فى الجماعة وليس له علاقة بالتنظيمات العسكرية، إلا أنه تعرض للتعذيب خلال التحقيقات التي استمرت معه لسنوات، وكان قد صدر ضده حكم غيابي بالسجن المؤبد في قضية "العائدون من البانيا". 

سجن عجيزة فى ظروف شديد السوء، حيث جرى تعليقه لأيام عديدة فيما يطلق عليها "العروسة"، وتعذيبه باستخدام صواعق كهربائية فى مختلف أنحاء جسده، وجرى احتجاز فى غرف شديدة الضيقة، لدرجة أنه لم يكن يستطيع النوم إلا في وضع القرفصاء، وخضع للتحقيق مباشرة من اللواء عمرو سليمان، باعتباره صيدًا ثمينًا لأجهزة الأمن التي ظلت تبحث عنه لما يقرب من 9 أعوام. 

ودخلت حكومة السويد على خط الأزمة، إثر الاتهامات التى وجها برلمانيون سويديون لأجهزة الأمن ببلادهم، وقد زاره سفير السويد بالقاهرة عدة مرات، وكانت آثار التعذيب واضحة جدًا على جسد عجيزة، بالرغم من بنيانه القوى إلا أنه عانى آلامًا مزمنة فى فقرات العمود الفقرى، وبدا عجزًا عن الحركة بسبب مشكلات تخص قدرة الدماء على المرور إلى قدميه، لدرجة أنه لا يستطيع السير إلا بعكاز ثلاثى الأقدام وإلا سقط أرضًا، فضلاً عن آلام بعينه اليسرى، وكذلك إحدى أذنيه.

عجيزة استمر فى الحبس منذ عام 2001حتى نهاية منتصف 2011، حتى صدر قرار بالعفو عنه لظروف صحية، وعلى الرغم من استفادته منها، إلا أن عجيزة كان يؤكد أن ثورة 25يناير تسير فى المسار الخاطئ وكان أحد القلائل الذين حذروا من سقوط نظام مرسى وعودة دولة لمبارك، قبل مغادرته البلاد إلى السويد حيث أبلغ مقربين منه بأنه لن يعود إلى مصر قبل أن تتحسن الأوضاع.


رفاعي طه *

 المخابرات الأمريكية اعترضت مكالمة له مع زوجته في مطار دمشق عام 2001 وسلمته لمصر *بقي أعوامًا ثلاثة في أقبية الأجهزة معصوب العينين ووصلات تعذيب ممنهجة للكشف عن أماكن اختفاء بن لادن والظواهري رفاعي أحمد طه، واحد من أبرز مؤسسي "الجماعة الإسلامية" في مصر، انضم إلى الجماعة في أواخر السبعينيات؛ حيث كان ابن محافظة أسوان طالبًا في كلية التجارة جامعة أسيوط، ولعب دورًا مهمًا في تأسيس الجماعة حتى جاءت لحظة المواجهة مع نظام الرئيس الراحل أنور السادات؛ حيث جري ضمه إلى قوائم التحفظ في سبتمبر1981 التي شملت 1536معارضًا من كل الاتجاهات السياسية المصرية، من أقصي اليمين إلى أقصى اليسار، وأغلبهم كان من الإسلاميين في هذا الوقت.

ظل رفاعي طه هاربًا من الملاحقة، حتى وقع حادث اغتيال الرئيس السادات يوم 6أكتوبر عام 1981م وتم القبض عليه بعدها بعام في ظل مساعيه لإعادة بناء الجماعة الذي تم القبض على أبرز مؤسسيها وتتم محاكمتهم في قضية الجهاد الكبرى التي صدر ضده حكم بالحبس ثلاث سنوات، ثم خرج من السجن، حيث تنقل مختفيًا بين عدة دول كان من بينها أفغانستان في فترة الثمانينيات والتي كان لـ "الجماعة الإسلامية" معسكر جهادي فيها سمي "الخلافة"؛ حيث كان مسئولاً عن ترتيب الإقامة وقائمًا على جميع شؤون أعضاء الجماعة هناك.

 وكان طه هو الوحيد من "الجماعة الإسلامية" الذي وافق على البيان الذي أصدره الظواهري وبن لادن وجماعات إسلامية أخرى والذي عرف باسم بيان "قتال اليهود والصليبين والكفار"، وذلك عام 1998م. وظل يصدر بيانات صحفية تؤكد موقفه المتمسك بالقوة سبيلاً للتغيير قبل إطاحته من رئاسة مجلس شورى "الجماعة الإسلامية" في الخارج في ظل العلاقات الوثيقة التي كانت تربطه ورفيق دربه محمد شوقي الإسلامبولي بكل من أسامة بن لادن زعيم "القاعدة" الراحل، وخلفه أيمن الظواهري. 

أثناء تنقله بين أفغانستان والسودان إبان توتر العلاقة بين النظام السابق وحكومة البشير في أواخر القرن الماضي، تمكنت المخابرات المصرية عن طريق المخابرات الأمريكية التي اعترضت مكالمة لطه من مطار دمشق لدى وصوله في رحلة ترانزيت بين السودان وأفغانستان مع زوجته الدكتور سمية طه، وتم ترحيله إلى القاهرة عام 2001، حيث جرى التحقيق معه في جهاز سيادي لمدة 3سنوات ومورست ضده أبشع أنواع التعذيب، قبل أن ينتقل إلى جهاز أمن الدولة بعد 3سنوات ليواجه نفس المصير. 


كان طه يتولى منصب رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية بالخارج ومسئول الجناح العسكري بالجماعة، وشارك في تأسيس تنظيم القاعدة، كما ينسب له إصدار البيان الخاص بعملية تفجير المدمرة "كول" قرب السواحل اليمنية عام 2000، بالإضافة إلى كتاب "إماطة اللثام عن بعض أحكام ذروة سنام الإسلام" والذي تضمن اعترافًا وتبريرًا لمذبحة الأقصر عام 1997، والتي تعد أبرز حادثة إرهاب ضد السائحين في تاريخ مصر الحديث. 

وصدر ضده حكم بالإعدام في قضيتي "العائدون من أفغانستان" و"العائدون من ألبانيا"؛ حيث برأه القضاء العسكري بعد سقوط مبارك من حكم الإعدام في هذه القضية وجرى إخلاء سبليه عقب وصول الرئيس محمد مرسي بعد أشهر من قضية "العائدون من أفغانستان".

 ألقى طه اللوم على الولايات المتحدة في "تسليمه"، ونقله من دمشق عام 2001 ليقيم في سجون مبارك، في إطار التعاون الوثيق بين الطرفين في العصف بالإسلاميين وكان في سوريا بعد أن قضى بعض الوقت في أفغانستان مع بن لادن والظواهري، وتعتبره واشنطن وريث الشيخ عمر عبدالرحمن، الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية، الذي سُجن مدى الحياة في هجمات عام 1993 على مركز التجارة العالمي في نيويورك قبل أن يتم إخلاء سبيله خلال حكم مرسي قبل أن يغادرها بعد سقوط نظامه إلى السوان ويختفي عن الأنظار لفترة قبل أن يظهر في جنازة  القيادي البارز في الجماعة الإسلامية محمد المقرئ في تركيا.  


عادل فتوح الجزار

*المخابرات الباكستانية سلمته إلى واشنطن بـ 5آلاف دولار.. وأمن الدولة حقق معه في جوانتنامو *عمر سليمان كان يحقق مع ضحايا السجون الطائرة وبتر قدمه كانت ثمار التعذيب الممنهج عادل فتوح الجزار ألقي عليه القبض في نهاية عام 2001 على الحدود الباكستانية الأفغانية حيث كان يعمل مع الهلال الأحمر السعودي الذي كان يقدم خدماته لنحو 2 مليون من اللاجئين الأفغان، وبعد القصف الأمريكي العنيف لمعسكرات اللاجئين لم يجد أمامه إلا الفرار من المعسكر، وهنا ألقت السلطات الباكستانية القبض عليه وسلمت للمخابرات الأمريكية 5آلاف دولار.

 وجاءت عملية القبض على الجزار الذي واجه اتهامات بالانتماء لتنظيم "الوعد" والسعي لإسقاط طائرة "العال" الإسرائيلية، خلال تحليقها في الأجواء المصرية والسعي لقلب نظام الحكم في أواخر التسعينيات، إلا أنه استطاع الفرار من البلاد والسفر للسعودية. 

إلا أنه تم القبض عليه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وتم اقتياده إلى معسكر دالتا بمنطقة جوانتنامو؛ حيث مورست ضده أبشع درجات التعذيب لدرجة أنه قدمه أصيبت بالغرغرينة نتيجة غياب الرعاية الصحية وبترت قدمه نتيجة التعذيب والإيهام بالغرق لعدة مرات والضرب المبرح والإجبار على حمل الصلبان وتعمد استخدام المصاحف في دورات المياه.

 وعلى الرغم من كل هذا التعذيب إلا أن السلطات الأمريكية فشلت في انتزاع اعترافات من الجزار، الذي أكد لهم أنه لا علاقة له بـ "القاعدة" أنه لم ير أسامة بن لادن ولا مرة. 

إلا أن السلطات حين فشلت في استنطاقه استعانت بالصديق المصري، وهنا زار الجزار وفد من جهاز "أمن الدولة" في جوانتنامو وجرى التحقيقات المشتركة المصرية الأمريكية، لدرجة أن المحقق المصري لم يحرك ساكنًا حين سأله نظيره الأمريكي متى رأيت أحمد بن حنبل؟ ومارس ضغوطًا شديدة على الجزار للإجابة فما كان من الأخير إلا أن رد عليه بالقول: قابلته آخر مرة في مدينة قندهار حين كان يتناول الغذاء بصحبة أسامة بن لادن. 

وهنا أدرك وفد "أمن الدولة" المصري صعوبة الأمر، فوجه له المحقق المصري تهديده بالقول: اعترف هنا أفضل بدلاً من الذهاب إلى مصر والتأكيد له أن الوضع سيبقي مختلفًا تمامًا حال ترحيله لمصر.

 يقول الجزار "جرى استجوابي ونلت من صنوف العذاب ألوانًا لدرجة، وحي لي الأسرى المصريين الذي كان يحمل الجنسية الاسترالية لي عما لقاه لدى التحقيق معه في مصر، حيث حقق عمر سليمان معه بنفسه وأذاقه سوء العذاب لانتزاع اعترافات تقدم للمسئولين الأمريكيين خدمة لمصالح الأمريكيين".

 وبحسب رواية الأسير الأسترالي الجنسية ـ التي نقلها الجزار ـ فإن اللواء عمر سليمان، حقق بنفسه مع أحد الأسرى الليبيين ويدعي ابن الشيخ الليبي، حيث تعرض لأبشع أنواع التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان قبل أن يتم تسليمه إلى السلطات الليبية التي كررت نفس السيناريو حتى لاقى ربه، وهو أمر يكشف أن اللواء الراحل كان رجل الديكتاور الليبي الراحل معمر القذافي في مصر، كما وصفه وزير الخارجية الليبي السابق عبدالرحمن شلقم في تصريحاته لفضائية "العربية". 


أبو عمر المصرى 

*واشنطن ساومت الإيطاليين لاختطافه من ميلانو وتسليمه لأجهزة أمن مبارك بدون تهمة *بقي عامان في سجون مبارك وجسده شاهد على أبشع حفلات التعذيب ووصلات الإهانة أما أبشع قصص التعذيب والاختطاف القسري التي تورطت فيها المخابرات الأمريكية وبالتعاون مع أجهزة الأمن المصري، فكان بطلها الداعية أسامة مصطفى حسن نصر "أبوعمر المصري"، والتي تشبه المسلسلات التلفزيونية، حيث تم اختطافه في فبراير 2003من مدينة ميلانو، وفي اليوم نفسه تم ترحيله إلى مصر، وبعدها بعامين تم الإفراج عنه، لكن بعد وقائع تعذيب تم تدوينها وتسريبها في رسالة من المعتقل إلى إيطاليا، وبعد كشف مخطط الاختطاف، ووجود شبهات في تورط أجهزة المخابرات الأمريكية والإيطالية والأجهزة الأمنية المصرية.

 وبدأت الفضائح تتوالى بعد فتح أبواب التحقيق في يونيو 2007، بناءً على الدعوى القضائية التي تنظرها حاليًا محكمة ميلانو الجنائية والتي اتهم فيها "أبو عمر"، كلاً من رئيس المخابرات الإيطالية الحالي والسابق ونوابهما وبعض القيادات بجانب 9من المخابرات الأمريكية، بشكل أعطي بعدًا دوليًا تمثل في رفض المحكمة الإيطالية اعتبار قضيته تمس أسرار الدولة أو السيادة، وموافقتها على استدعاء رئيسي وزراء إيطاليا السابق والحالى للشهادة واستئناف الجلسات بعد عجز الحكومة الإيطالية عن إثبات عدم دستورية المحاكمة حتى الآن. 

وثارت شبهات حول تورط الأجهزة المصرية في تعذيب أبو عمر واختطافه؛ إذ كشف منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية، عن وجود محاولات من الحكومة الإيطالية والدوائر الأمنية والمخابرات الأمريكية والإيطالية من أجل وأد القضية، استنادًا إلى إمكانية صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بإيطاليا، باعتبار أن القضية من أسرار الدولة وعمل من أعمال السيادة.

 وأشار إلى محاولة واشنطن منع صدور أي حكم أو حتى الاستمرار في المحاكمة، لأن صدور الحكم على أي متهم في القضية سيعنى بالضرورة اتهام المخابرات الأمريكية وإحراجها، مما يحول القضية الخاصة إلى قضية عامة لوجود عشرات الحالات المشابهة من مختلف دول العالم، معنى هذا أن الأمر قد يتحول إلى مشكلة دبلوماسية بين مصر وأمريكا وإيطاليا. 

وكشف عن محاولة المخابرات الأمريكية تقديم مليوني دولار كتعويض لـ "أبوعمر" لسحب القضية والتنازل عن الدعوى، لكن بشرط أن يكون الاتفاق سريًا وبعيدًا عن وسائل الإعلام ودون عقد مكتوب، على أن يتم تنفيذ الاتفاق من خلال أجهزة الأمن المصرية، وهنا رفض "أبوعمر" وطلب أن يكون الاتفاق علنًا وبشروط وبضمانات، في وجود محامين وشهود، لكن فشل الاتفاق بسبب تمسك الأمريكيين بشرط السرية.

وأشار إلى أنه أقام دعوى بتعويض قدره 20 مليون دولار في القضية القائمة تتعلق بالخطف وتورط الأجهزة الإيطالية والأمريكية فقط في القضية التي ترتب عليها تسليم "أبو عمر" إلى مصر، ومن ثم تعذيبه بشكل مبرح. ولا زالت القضية مستمرة رغم أن الحكومة المصرية لم تبد حماسًا لمساعدة "أبوعمر" ولم تلق بالاً بخطف أجهزة مخابرات غربية لمصري دون أن يرتكب أي ذنب وبل لم تتعاون الجهات الفضائية في هذه الأزمة من قريب أو بعيد.