رام الله سما كشفت مصادر مطلعة ، أن الرئيس محمود عباس، أصدر مرسوماً رئاسياً يقضي بإحالة جمال زقوت مستشار رئيس الوزراء السابق سلام فياض والمقرب من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه، إلى التقاعد المبكر من العمل في السلطة الفلسطينية بشكل مفاجيء.
وأكدت المصادر ذاتها، اليوم الاربعاء، أن المرسوم الرئاسي صدر بتاريخ 8/12/2014، واللذي يصادف في الذكرى السابعة والعشرين لانداع الانتفاضة الشعبية الأولى .
ويعتبر جمال زقوت مؤسس في القيادة الموحدة للانتفاضة الأولى، وشغل بعد إبعاده عضواً في اللجنة القيادية لمساندة الانتفاضة الأولى، كما عين دبلوماسياً في سفارة فلسطين في القاهرة، لتمكينه من التواصل مع قيادة الانتفاضة وخاصة في قطاع غزة ، واختير في ذلك الوقت عضواً في المجلس الوطني،وأنتخب أمين سر اللجنة السياسية في المجلس ،وكان عضوا أساسيا في لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والاسلامية في الانتفاضة الثانية
كما شغل زقوت منسقا للوفد المفاوض في مفاوضات الحل الدائم برئاسة ياسر عبد ربه،وذلك بقرار من الرئيس الشهيد ياسر عرفات وكان سابقا من كبار قيادات الجبهة الديمقراطية، قبل أن يشارك في تأسيس حركة "فدا" ويصبح عضواً في مكتبها السياسي، وعمل بعدها مستشاراً إعلامياً ولشؤون المجتمع المدني لفياض أثناء رئاسته للحكومة لمدة سبع سنوات.عاد بعدها للعمل في أمانة سر اللجنة التنقيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، كما يعتبر أحد المقربين من ياسر عبد ربه.
ويرى مراقبون أن هذا المرسوم المفاجيء يحمل في طياته أبعاداً سياسة، خصوصاً بعد تقارير إعلامية تحدثت عن اجتماع فياض وعبد ربه سراً، بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومحمد دحلان، في الإمارات مؤخراً، إلا أن عبد ربه نفى تلك الاتهامات بشكل قاطع.
وذكرت تقارير إعلامية مؤخراً، أن خلافات جديدة تتفاعل داخل القيادة الفلسطينية، تتمثل في خلافات بين الرئيس من جهة، وعبد ربه وفياض من جهة أخرى.
وعن العلاقة بين الرئيس عباس وفياض، نشرت مواقع إخبارية أن العلاقة بين الرجلين تشهد توتراً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، إذ ظهرت بشكل واضح في تحقيق جهاز الأمن الوقائي بعمل مؤسسة يديرها فياض.
وبالرغم من تناغم مواقف عبد ربه مع مواقف الرئيس عباس سابقاً، إلا أن خلافات بين الرجلين بدأت بالظهور مؤخراً.
ومن بين الخلافات الواضحة ً، مواقف عبد ربه التي صرح بها للإعلام أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وتصريحاته التي انفرد بها بشكل مختلف عن مواقف الرئيس، خاصة في موضوعي المصالحة، وحل نقابة العامين في الوظيفة العمومية، والتي اعتبر فيها أن السلطة التنفيذية أصبحت الحاكمة بأمر الرئيس.
وكان الرئيس عباس أصدر قراراً بحل نقابة العاملين في الوظيفة العمومية واعتقال مجموعه من قياداتها وعلى راسهم رئيس النقابه بسام زكارنه ونائبه معين عنساوي ، كما إصدار قراراً باعتقال أمين عام المجلس التشريعي الفلسطيني إبراهيم خريشة، وتبعه قرار أخر بتحويله إلى ديوان الموظفين العام.
ووفق ما يرى العدد من المراقبين، فإن استمرار التوترات والخلافات بين القيادات والمسؤولين الفلسطينيين، قد يتصاعد خلال الفترة المقبلة، مما ينذر بمزيد من الإقصاءات من المناصب بحق القيادات والمسؤولين المقربين من فياض وعبد ربه.
وعلّق الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، في مقال له بعنوان " حكي على المكشوف أم بداية الانهيار؟"، قائلاً "لا يجب المرور عن الحديث عن المؤامرات والانقلابات مرور الكرام، خصوصًا عندما يكون المتّهمون فيها بلدانًا عربيّة وأجنبيّة وفصائلَ وشخصياتٍ قياديّةً سابقةً وحاليّةً. لماذا لا يُكشف المتآمرون والانقلابيّون ويحاسبون، إلا إذا كانت المسألة مجرد افتعال لصراع داخلي وانعكاس للأزمة الداخليّة العميقة الناجمة عن فشل الخيارات المعتمدة وتداعياتها على كل المستويات من دون الجرأة على اعتماد خيارات جديدة، ومحاولة لتخويف وقمع المعارضين والمنتقدين والمتنافسين عشيّة عقد مؤتمر "فتح" ومع بدء الصراع على خلافة أبو مازن. فكل من ينتقد السياسة وأداء الرئيس والحكومة ويختلف مع السياسة المتبعة حول المصالحة والعدوان على غزة والمفاوضات والتحرك السياسي والديبلوماسي وكيفيّة التحضير لمؤتمر "فتح" تهمتُه جاهزة وهي التآمر".
وأضاف "لا يجب تمرير الانتهاكات للحريات وحقوق الإنسان من خلال مطالبة الموظف أو عضو تنظيم "فتح" بالطاعة للأوامر الصادرة عن المسؤولين أو منع حقهم في التعبير عن الرأي. لا طاعة لمسؤول مهما كبر إذا خالف الحقوق والحريات الأساسيّة والقوانين، وتنفيذ الأوامر لا يمنع الحق بمخالفتها. والنقيب وعضو المجلس التشريعي والموظف مساءلون أمام ضمائرهم وهيئاتهم قبل تنظيماتهم والمسؤولين عنهم. فكل مواطن من حقه التعبير عن الرأي وانتقاد من يريد من دون تشهير أو تحريض".
وتسأل المصري "لماذا تتدخل الرئاسة في كل هذه الأمور، وما هو دور الحكومة والقضاء واللجنة المركزيّة لحركة فتح، أم أنّ هذا إحدى الثمرات الخبيثة للانقسام ولتغييب المجلس التشريعي وغياب مؤسسات المنظمة والسلطة والفصائل، إذ أصبح لدينا نظامًا فرديًا يملك فيه الرئيس سلطات واسعة من دون مساءلة ولا رقابة ولا محاسبة ولا انتخابات ولا وفاق وطني ولا شراكة و"لا ما يحزنون"؟".
وفي مقال اخر كتبه الوزير السابق فريح أبو مدين، بعنوان " ضاع الحق وسادت الفوضى وسلم لي على داعش"، انتقد الكاتب تجاوز القانون في اتخاذ بعض القرارات. معتبراً أن التوقيف على ذمة الرئيس غير قانوني وأنه "يصدر لرغبة جهات أمنية أوسياسية متنفذة أو لرغبة الرئيس شخصيأ والبعض يلبسها للرئيس والرئيس يلبسها الى ذمته"، وفق قوله.


