خبر : "داعش" في غزة، وقد أعذر من أنذر ...بقلم: ريما كتانة نزال

الأحد 07 ديسمبر 2014 09:40 ص / بتوقيت القدس +2GMT





لم يكن غريباً أن ينمو ويترعرع الفكر "الداعشي" في غزة، فقد جرت مياه كثيرة تحت جسور غزة، وفَّرت بيئة صديقة ونموذجية لإشاعة أجواء ترهيبية. وليس مفاجئاً أن يصدر بيان تكفيري ضد قائمة منتقاة من الشعراء والأدباء، وأمر اعتيادي أن يكون للمرأة النصيب الأوفر في أي حراك "داعشي"، فموقع المرأة على رأس قائمة أعداء الدواعش ويليها جميع المثقفين الديمقراطيين.
قد لا تكون "داعش" في غزة قد شكلت تنظيماً مستقلاً بعد، والأرجح ان يكون لديها أعضاء في بنية بعض التنظيمات. لكن الأمور يجب ألا تؤخذ ببساطة، فليست هي المرة الأولى الذي تعلن فيها داعش عن نفسها في غزة، فقد عملت على بثّ رسائل تهديدية للرأي العام والمجتمع، ومن ثم بادرت الى تبني حوادث تفجير المركز الثقافي الفرنسي، موجهة رسائل مختلفة الاتجاه الجغرافي والموضوعاتي. ومن ثم استتبعت العمليات العسكرية بإصدار بيانين؛ احدهما موجه للمثقفين الذين من وجهة نظرهم الداعشية مرتدين وعليهم العودة عن ارتدادهم خلال ثلاثة أيام أو انها ستطبق عليهم الحد، ومن ثم أصدرت بياناً آخر طالبت فيه النساء الالتزام بالزي الشرعي تحت طائلة تطبيق ذات الآلية.
صورتان للمرأة في مخيلة الداعشيين: الأنثى الطيّعة والأنثى الفاتنة الفاسقة، المرأة في فكرهم أنثى في جميع أدوارها، وفي نظرهم تبقى دائما أداة للإغراء والمتعة، ولا يمكن أن تكون ذاتا مستقلة مشاركة وفاعلة في دوائر الفعل والتأثير، انها باختصار التي ينبغي أن تبقى مغيَّبة وغائبة خلف الحجب والسواتر.
اينما حلت "داعش" وبسطت سيطرتها ونفوذها في بلاد الشام والعراق، كانت فورا تفتتح مكاتب للتزويج، فالنساء في مركز اهتمام داعش وتخصهم بالاعلانات وقوائم الممنوعات والمحرَّمات، منع الكشف عن العينين، منع ارتداء العباءة المفتوحة والملونة والضيقة، ومنع لبس الكعوب العالية وغير ذلك من الفتاوى الغريبة.. وتذيل تعليماتها بجملة "وقد أعذر من أنذر.."!
وأينما سيطرت الدواعش، شهدنا فصولا من الاستغلال الجنسي والعنف بأنواعه المختلفة وعلى رأسها السَبي والجلد والرجم، لكنها أيضا طورت من استغلالها للمرأة حيث عمدت إلى تكليفها بمهام عسكرية وتنظيمية مساندة امعانا في استخدامهن. فقد سعت "داعش" الى تنظيم النساء في كتائب عسكرية، كما شغلتهن في مهام لوجستية من نمط تعميم فكرها على الشبكات العنكبوتية لاغراض استقطاب الاعضاء وتجنيد الاموال والمراقبة والتفتيش، وجميع المهام تمت تحت غطاء الدين سواء المندرجة تحت عنوان إقصاء المرأة من اجل حمايتها، أم عندما يتم تكليفها بالمهام العسكرية والتنظيمية والدعاوية.
يجب ألا يُستهان بالأصوات الداعشية المنبعثة من غزة، وينبغي عدم تصغير خلفياتها أو النتائج التي سيتمخض عنها مستقبلا. ومن يقلل من المخاوف والقلق فليطلِع على صفحات التواصل الاجتماعي ليرى بنفسه حجم التضليل الذي وقع به الكثيرون به.
مواجهة الفكر الداعشي الترهيبي لا يمكن ان يعطي أُكله إلا في حال تحوله إلى مواجهة جماعية ومنهجية، وأن تشارك القوى السياسية والاجتماعية في اجتثاثه، بمعنى عدم ترك النساء أو المثقفين يتحملون بمفردهم مسؤولية الدفاع عن أنفسهم، لأنها ستكون بمثابة عملية انتحارية لأسباب غير خافية على أحد، وأن تكون المواجهة على مستويات مختلفة، ثقافية وتعليمية وتربوية بالدرجة الأولى.
وفي نهاية الكلام، إن حركة المرأة الفلسطينية على الصعيدين الوطني والاجتماعي نحو الأمام، والنساء في فلسطين، المحجبات وغير المحجبات، قد خرجن للحياة باحثات عن الحرية والمساواة، ويعرفن أدوارهن وواجباتهن وحقوقهن، ولن يعدن "للحرملك".