القدس المحتلة / سما / كتب المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت احرونوت" رون بن يشاي مقالا على الموقع الالكتروني للصحيفة تحت عنوان "امنحوا غزة ميناء"، تناول فيه المخاطر التي ما زالت قائمة بتجدد القتال مع قطاع غزة بالرغم من مضي ثلاثة اشهر على انتهاء العمليات العدوانية ضد القطاع، مطالباً اسرائيل بإتخاذ خطوات لسحب البساط من تحت اقدام حماس حتى لا تستغل الضائقة الاقتصادية الحالية لتجديد الاعمال العسكرية ضد اسرائيل.
وجاء في مقالة بن يشاي، "بعد مرور ثلاثة اشهر على انتهاء عملية الجرف الصامد، ما زالت غزة تشكل تهديداً قد ينفجر في وجوهنا في اي لحظة، على الرغم من ان حركة حماس قد تم ردعها - حسب الكاتب- الا انها قد تنطلق من واقع اليأس الذي تعيشه بسبب عجزها عن تقديم الحلول للضائقة الاقتصادية الصعبة التي اوقعت سكان القطاع فيها".
ويرى الكاتب ان "عملية إعادة إعمار غزة ما زالت عالقة والـ 5.4 مليار دولار التي وعدت بها الدول لهذا الغرض لم يصل منها شيء، والامطار الغزيرة ادت الى فيضانات جعلت وضع مئات الآلاف يتدهور الى حافة المأساة الانسانية التي تزيد خطورتها، وعليه فإن سلطة حماس في غزة مهددة، ما يجعلها تفضل الاقتراب من وضع التصعيد العنيف على ان تستمر في وضعها الحالي، بالضبط كما كان عليه الحال قبل الجرف الصامد".
ويشير بن يشاي الى ان "عمليات إطلاق النار التي تجددت مؤخراً على الحدود مع القطاع، قد تشير الى ان التهدئة تسير نحو نهايتها، الا ان ما يمنع ذلك هو رغبة اسرائيل بعدم التصعيد، وسعيها لخلق وضع يؤدي الى تهدئة طويلة الامد على جانبي الحدود، فبعد ثلاثة حروب كبيرة، يطالب سكان جنوب اسرائيل بسياسة جديدة تؤدي الى تهدئة بعيدة الامد واستقرار متواصل، الا ان تحقيق ذلك يواجه عدة صعوبات".
ويذكر الكاتب "ان في مقدمة هذه الصعوبات هو عدم إمكانية موافقة حركة حماس والتنظيمات المسلحة الاخرى على نزع سلاحها من تلقاء نفسها، كما انها لن توافق على تجريد قطاع غزة من الاسلحة، او على وجود قوة دولية تراقب تعاظم قوتها العسكرية".
ويضيف الكاتب قائلا، "ان اي حوار بين حماس واسرائيل سواء كان مباشراً ام غير مباشر لن يؤدي الى تحقيق هذا الغرض، الا انه وبدون حوار مع حماس فإن لاسرائيل مصلحة قوية وبعيدة المدى بإعادة إعمار القطاع وليس من منطلق محبتها لحماس او للغزيين، بل خوفاً من ان تتحول الضائقة الاقتصادية والدمار الى اداة بيد حماس للتحريض على تجديد القتال ضد اسرائيل المتهمة الاولى والاخيرة في كل ما يعاني منه اهالي القطاع".
ويرى الكاتب أنه "كما انه يجب التوقف عن ايهام النفس بإن عباس سيعيد سيطرته على القطاع او ان حماس ستسمح بفقدان سطوتها على القطاع لاي طرف كان، او ان تتقاسم السيطرة على المعابر مع رجال عباس، كما ان مصر لن تكون المخلّص، في اعقاب التفجيرات الاخيرة في سيناء، حيث ترى القيادة المصرية الحالية بحماس والتنظيمات المسلحة قوى معادية تساعد بصورة قوية الاخوان المسلمين في مصر، عدا انه لا يوجد لدى مصر القدرة الاقتصادية للمساعدة في إعادة إعمار القطاع".
ويضيف الكاتب، "طالما لا يوجد مكان لاي وسيط امين بين اسرائيل وحماس فإنه يتوجب على اسرائيل ان تقوم بتفعيل عوامل ضغط (روافع) ضد حماس من اجل دفعها بالاتجاه المطلوب، واول هذه الروافع حسب الكاتب هو الغزيين انفسهم الذين لا علاقة لهم بالعمل العسكري، فهؤلاء بإمكانهم ان يشكلوا عامل ضغط على حماس لردعها عن القيام بالاعمال العسكرية، وفي هذه الحالة يتوجب على اسرائيل ان تغير برنامجها وان تضع إعادة إعمار القطاع والبناء الاقتصادي في مقدمة اولوياتها وقبل اي اعتبار آخر".
وينوه الكاتب إلى أن ثاني هذه الروافع هي "المتابعة الاستخبارية الدقيقة" وراء المنظمات المسلحة في القطاع وارد العسكري الفوري على اي رصد لعملية إعادة بناء القوة العسكرية لهذه التنظيمات، مما يشكل رادعاً قوياً بعيد المدى، ولكن قبل ذلك يجب تهيئة سكان الجنوب لذلك لانهم هم اول من سيعاني من ردود الفعل على ذلك.
اما الرافعة الثالثة من وجهة نظر الكاتب "فهي إعداد اطراف خارجية للمساعدة في تحقيق الرافعين الاوليين كمصر والامم المتحدة والادارة الاميركية، والاتحاد الاوروبي بالاضافة الى قطر، فهذه الاطراف بإمكانها تمويل اعادة اعمار ومنع تسلل مواد البناء لاغراض غير مقبولة بالاضافة الى انه بإمكان هذه الاطراف ممارسة الضغط على حماس لمنعها من التوجه الى اعمال العنف" .
ويضيف، "اذا كان هذا هو الاجراء الذي ستتبعه اسرائيل وتبادر اليه، فإن هناك احتمال بأن يؤدي ذلك ليس فقط الى تحقيق الهدوء على جبهة قطاع غزة فحسب، بل سيخلق تحوّلا ذو مغزى على الجبهة الفلسطنية بأكملها".
ويختتم الكاتب قوله، "اذا اردتم ذلك فلن يكون مستحيلا تحقيقه".


