غزة-شيرين خليفة-
" توقف القصف للحظات ثم تجدد وعاود التوقف، وبحذرٍ وهدوء دخلت الشابات إلى المكان المستهدف، وبعد أن تأكدن أن الوضع آمن، أعطت الأولى الجميع إشارة بالتقدم نحو الإصابات والمباشرة بإسعافها بعد الاتصال بالإسعاف، توزعن سريعاً في المكان وسط صراخ المصابين، تنوعت الإصابات ما بين بتر ونزف وفقدان وعي وكسور مختلفة، لكن الشابات أبدعن في سرعة التعامل مع مختلف الإصابات مع تقدير الأولويات".
كان هذا مشهد محاكاة واقعي في اليوم الختامي من تدريب السلامة المهنية للصحفيات، الذي نفذته مؤسسة فلسطينيات لعشرين صحفية من مدينة غزة، بالتعاون مع الدوتشيه فيله الالمانية .
ثلاثة دقائق فقط هي المدة التي منحها المدرب الدولي في السلامة المهنية سامي أبو سالم، للشابات لإكمال إسعاف كافة المصابين بالمكان، قبل وصول الإسعاف، حفاظاً على حياتهم.
وبعد أن انتهت المصورة الصحفية منال ياسين من إسعاف زميلتها المصابة ضحكت وقالت :"التدريب وضعنا في الجو النفسي مع صوت القصف وصراخ المصابين جعلني أشعر فعلاً أن ما يحدث حقيقة، ألقيت نظرة سريعة على الجميع وتوجهت فوراً للمصابة التي لا تتنفس وعملت على إسعافها بالتنفس الصناعي كما تعلمت تماماً".
وتضيف :"في كل مرة نفذت فيها التمرين سابقاً كنت أعاني، ولكن هذه المرة وجدت نفسي أتقن التمرين تماماً".
وتكمل:"تدريب السلامة المهنية كان هاماً جداً لنا، فنحن صحافيات نعمل في الميدان، لطالما تعرضنا لمواقف نحتاج فيها للإسعاف الأولي لإنقاذ الناس ومن ثم نقف عاجزين عن فعل أي شيء".
بدورها قالت الصحافية سهر دهليز أن تدريب السلامة المهنية كان الأول الذي تحصل عليه، وأنها كصحفية كانت تحتاج إلى تعلّم وضع خطة العمل أوقات الخطر، وكذلك لتعلّم مهارات الإسعاف الأولي، وخاصة الإصابات التي تحتاج تطبيق عملي لإسعاف المصابين وفي الحالات الخطيرة أو قد تكون عادية لكنها بحاجة لإسعافات أولية كالكسور والنزيف والانعاش القلبي الرئوي إضافة لكيفية اعداد خطة لتغطية مهمة خارج البلد شرط المحافظة على السلامة.
بدوره قال المدرب الصحفي سامي أبو سالم، أن المتدربات أبدين جدية وحرص للاستفادة من التدريب، فهن يعملن في قطاع غزة، وحضروا عدة حروب، بالتالي حاجتهم ماسة دفعتهم للاهتمام والجدية والاستفادة من التدريب والمواضيع المطروحة، خاصة أنها لم تطرح عليهن من قبل.
وأضاف أنه استخدم في التدريب عدة طرق ومنها المحاكاة وهي مدرسة الاتحاد الدولي للصحفيين، الذي يجتهد فيه المدرب لوضع سيناريوهات محتملة لمحاكاة الواقع، مضيفاً ان الاستيعاب كان قوي جداً فما تم طرحه نظرياً تم تطبيقه عملياً.
وشرح بأن هناك سيناريوهات تم ارتجالها من واقع الخبرة بالميدان سواء للصحفيات أو المدرب، انطلاقاً من خبرات الجميع، مؤكداً أن استحضار الواقع مهم جداً خاصة ونحن نعيش في واقع معرّض دوماً لهكذا أحداث.
من جانبها أبدت منسقة التدريب بيسان شحادة، رضاها عن النجاح الذي أحزره التدريب، وقالت أن الصحافيات تمكنّ من التعامل مع الأحداث التي تم وعضهن بها، وهذا ما يهدف له التدريب، الذي يسعى لتمكين النساء من الحفاظ على أمنهن الشخصي خلال تغطية الحروب، وكذلك كيفية عمل إسعاف أولي إذا لزم الأمر.
وتابعت بأن التدريب كان استجابة لحاجة ماسة طالبت بها الصحفيات أنفسهن بعد العدوان على غزة، حيث استشعرن أهمية التزود بهذه المعلومات لتمكينهن من التغطية خلال الأحداث.
وتابعت بأن التدريب تضمن موضوعات هامة في التخطيط لمهمة وكيفية التزوّد بالتجهيزات اللوجستية اللازمة وقت الأزمات، والأمن الشخصي واختيار مكان التغطية، وكذلك الاسعاف الأولي ويتضمن الانعاش القلبي الرئوي والنزيف والكسور والحروق.
وأكدت أن فلسطينيات ستواصل العمل من أجل تمكين الصحفيات بمختلف المهارات التي يستشعرن الحاجة لها، بهدف تمكينهن من التحكم بالميدان بشكل أفضل.


