خبر : انفعالات "حماس" لا تجديها نفعاً ! ...رجب ابو سرية

الجمعة 21 نوفمبر 2014 04:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
انفعالات "حماس" لا تجديها نفعاً ! ...رجب ابو سرية



يبدو أن حركة حماس في حالة انفلات داخلي، أو في حالة توتر ناجمة عن إحباط وعجز عن مواجهة استحقاقات ما نجم عن تحولها المفاجئ من حركة مسؤولة إلى حركة معارضة على الصعيد الداخلي الفلسطيني، ومن حركة "مدللة" محاطة بحلفاء إقليميين، يقدمون لها كل ما تريد من دعم سياسي ومالي ولوجستي، وعلى كافة الأصعدة، إلى حركة مهملة محاصرة ومعزولة.
وحيث أن دائرة الحلفاء باتت ضيقة، بل تكاد تختفي، فبعد أن فقد أهم حليف وهو إخوان مصر الحكم، وبعد أن خرجت النهضة أيضا من الحكم في تونس، وبعد عودة قطر إلى الحظيرة الخليجية، وبعد رفض محور طهران / دمشق عودة الحركة لأحضانه _ حيث اقتصر الأمر على فتح بوابة علاقة مواربة مع حزب الله فقط _ وبعد أن ظنت "حماس" بأن آخر خشبة خلاص لها، هي المصالحة مع السلطة الفلسطينية، تلجأ إليها وقت تشاء، دون أن تدفع إلا ثمنا شكليا، بسيادة السلطة على غزة، ثم وبعد أن مر فصل الحرب الثالثة الساخن، دون أن تخرج "حماس" لا بأبيض ولا بأسود، إلا بادعاء لا معنى له بتحقيق نصر خفي، حتى أن التهديد بمواصلة الحرب، الآن، لم يعد ممكنا، بعد كل هذا يبدو أن "حماس"، إما أنها فقدت السيطرة تماما _ نقصد بالطبع مركزها القيادي _ على أعضاء الحركة من الصفين الثاني والثالث _ أو أنها لا تبدو موحدة الموقف الداخلي، بحيث بات خطابها مرتبكا، وفيه الكثير من ملامح التوتر، التي تصل به إلى حدود ممارسة الشتائم، وعدم التفريق بين المواقف التي يكون الغرض منها تكتيكيا وتلك التي تبدو أنها مواقف نهائية.
منذ نحو شهر وبعض كوادر وقيادات الصف الثاني في الحركة، بالتحديد بعض نوابها في المجلس التشريعي وبعض الناطقين باسمها، يمارسون تشدقا كلاميا، لم يخل من التهديد والوعيد وأحيانا الشتائم بحق السلطة وحركة فتح، حتى وصل الأمر لرئيس م ت ف، رئيس السلطة ورئيس حركة فتح السيد محمود عباس، فبعد أن تورط عسكر "حماس" في إلغاء الاحتفال بالذكرى العاشرة لرحيل القائد التاريخي ياسر عرفات في غزة، وما نجم عن ذلك من فقدان للثقة لدى فتح بشريك مفترض في قيادة المعركة المحتدمة مع إسرائيل في القدس والضفة الغربية، لم تبد حركة حماس أكثر من الاستخفاف بعقول البشر، حين ظنت قيادتها بأن شجب التفجيرات التي استهدفت منازل قادة فتح في قطاع غزة، أو إلقاء التهمة على جماعة وهمية، (داعش / فلسطين)، أو الذهاب بعيدا، للقول بان المسؤول عن الأمن داخل غزة هو رئيس الحكومة وليس عسكر "حماس" ( إن كانوا أولئك المنخرطين ضمن أجهزة الأمن الداخلي والشرطة، التي تتبع فتحي حماد، أو خلايا القسام نفسه) .
عولت بعد كل هذا حركة حماس على أمرين لمواجهة استمرار الأزمة مع حركة فتح، وهما : المبادرة إلى عقد جلسة للمجلس التشريعي لممارسة القوة، حيث ما زالت تحتفظ بقوة الأغلبية الدهماء في المجلس، والثاني _ التلويح بمعاودة الحرب وفتح جبهتها مع إسرائيل، وكأن الحرب نفسها لعبة سياسية، أو أنها أداة مناكفة سياسية داخلية.
أولا: لا يبدو بأن لدى "حماس" القدرة العسكرية، على جر إسرائيل إلى فصل تجديد الحرب، ولا لدى إسرائيل الرغبة في ذلك، وبتقديرنا كان الطرفان يرتبان على أن تكون حرب تموز / آب الماضيين هي آخر الحروب مع غزة، والتي تتبعها ترتيبات نهائية، تبدأ بالإعمار، وتمر عبر انتخابات تنتج عنها سيطرة مطلقة ل"حماس" على السلطة من خلال الفوز بمنصب الرئيس، بعد أن جربت أن الفوز بالأغلبية التشريعية لم يؤمن لها تلك السيطرة، ثم عقد اتفاق هدنة طويل الأمد مع إسرائيل، يفتح الباب واسعا لتنفيذ حل دولة غزة الموسعة، بعد سنوات يكون فيها جيل أبو مازن قد غاب عن الساحة السياسية.
ثانيا، ربما كانت "حماس" تظن أنه يمكنها أن تحرج الرئيس وحركة فتح بالدعوة لعقد جلسة التشريعي، خاصة وان الكتل الأخرى ذات الوزن المعنوي، كذلك المراهنة على وجود تباينات أو خلافات داخل فتح ( ظهرت في توقيف زكارنة وخريشة قبل أيام من قبل اجهزة الأمن )، لكن ما فعلته لقطع الطريق على الاحتفاء بذكرى عرفات، قطع شعرة معاوية، كذلك ممارسة الغباء السياسي من قبل قادة "حماس" الذين كانوا يعلنون ليل / نهار عن أنهم يعقدون الجلسة ليس من اجل لم الشمل وليس كتأكيد على المصالحة والوحدة الداخلية وليس من اجل البحث في كيفية مواجهة الحرب الإسرائيلية على القدس وعلى الضفة الغربية، بل من اجل حجب الثقة عن حكومة التوافق، ومحاولة حجبها بتأمين موافقة ثلثي الأعضاء عن الرئيس!
ربما كان تهديد "حماس" فيما يخص حجب الثقة عن حكومة الحمد الله، ممكنا، هذا في حال عقد الجلسة بشكل قانوني، لان ذلك يحتاج إلى الأغلبية البسيطة، ولكن حجبها عن الرئيس المنتخب من الشعب مباشرة، فضلا عن استحالة تحققه من الناحية الفنية، فانه يدلل على عدم احترام سياسي، لا نريد أن نعقد مقارنة هنا بين ما تبديه حركة حماس للآخرين من أردوغان إلى تميم مرورا ببديع ومرسي وغيرهما وحتى ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية ( ولا احد من هؤلاء عمر بن الخطاب ولا خالد بن الوليد ولا صلاح الدين ) وما تبديه تجاه الرئيس عباس، والذي حتى وان اختلفت معه سياسيا فانه لا يجوز لها ولا يحق لها أصلا أن تستخف بإرادة ناخبيه، وإذا كان هناك غمز ولمز من قناة تجاوز الاستحقاق الانتخابي، فان هذا ينطبق على التشريعي نفسه، حيث لا يحق لمجلس منتهية ولايته بان "يقيل" رئيسا مرت مدة الاستحقاق الانتخابي دون إجراء الانتخابات الرئاسية. أما حين يكون هناك توافق بين الحركتين يكون الرئيس شرعيا في نظر "حماس"، وحين تختلفان يصير غير ذلك، فان هذا لا يعدو كونه مراهقة سياسية واسطوانة مللنا من سماعها من قبل نواب "حماس" والناطقين باسمها، فإما أن تطالب "حماس"، بل أن توافق على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية أو تصمت.
أخيرا ننصح "حماس"، بان تتحلى بأبجديات السياسة الواقعية، والتفكير فيما آلت إليه حركات سياسية فلسطينية، سارت على طريق " الردح السياسي " وحتى هي كانت على رأس تحالف العشرة، حيث سقط الصفر وبقي الواحد الصحيح، والجلوس بهدوء مع فتح، والسير على طريق نهضة / الغنوشي، ومغادرة طريق الأخوان وسواهم، وتغليب الوطني على العقائدي، حتى تجد مكانا لائقا لها بيننا، بين صفوف الكل الوطني الفلسطيني، لأن حماس بهذا الشكل في طريقها إلى التلاشي والغياب التام، وهناك ألف مظهر ودليل على ما نذهب إليه وما نقول فيه.

Rajab22@hotmail.com

رجب ابو سرية