خبر : هل هدم الأقصى وبناء الهيكل أصبح وشيكاً: فلنبدأ الحكاية من أولها ...د. عبد الحي زلوم

الإثنين 17 نوفمبر 2014 08:52 م / بتوقيت القدس +2GMT



عندما احتلت مدينة القدس الشرقية في حزيران لسنة 1967 كان أول الداخلين الى المسجد الاقصى هو الحاخام الاكبر للجيش الاسرائيلي الجنرال سولومون غورين وكان معه الجنرال عوزي نركيس قائد الجبهة الشرقية التي احتلت القدس والضفة الغربية. تم رفع العلم الاسرائيلي على قبة الصخرة الذهبية وقال الجنرال غورين قائد الجبهة الشرقية الجنرال عوزي نركيس: ”هذه هي اللحظة المواتية لتفجير قبة الصخرة.. افعلها وسيخلد اسمك في سجلات التاريخ”. وعندما أوضح الجنرال نركيس، بأن مثل هذا العمل لا يمكن أن يتم إلا في المواجهات العسكرية زمن الحرب، علق غورين قائلاً: ”غدا سيكون قد فات الأوان على ذلك”. عندما دخل موشه ديان المسجد الاقصى بعد ذلك بقليل قال للجنرال غورين: ليس هذا وقت تدمير الاقصى وطلب انزال العلم الاسرائيلي من على قبة الصخرة .
بعد دخول قوات الاحتلال البريطانية الى مدينة القدس سنة 1917 تحرك الجنرال اللنبي من معسكره في مدينة اللد وتوجه الى الخيمة المجاورة له والتي كان فيها رئيس الحركة الصهيونية العالمية حاييم وايزمان وطلب منه اصطحابه الى القدس لمشاهدة اللحظة التاريخية لاحتلالها. لكن حاييم وايزمان شكره قائلاً أنه يتمنى أن يفعل ذلك ولكن ليس الوقت مناسباً، فذهب الجنرال اللنبي بدون حاييم وايزمان وعندما دخل القدس قال (الآن فقط انتهت الحروب الصليبية)، بكل ما تحمله هذه العبارة من مدلولات. يبدو أن لكل شيء وقته فهل يا ترى حان وقت هدم المسجد الاقصى وبناء الهيكل الثالث مكانه؟ لكي نفهم الموضوع علينا أن نبدأ الحكاية من أولها!
بعد وقت قصير من وقوع المدينة المقدسة في أيدي الصليبيين عام 1099 واقتراف الغزاة مذبحة جماعية بحق سكانها جاءت جماعةً مغمورة لا يعرف لها اصل ولا فصل عرفت باسم فرسان الهيكل، حيث حصلت على التصريح اللازم لممارسة نشاطها في الأرض المقدسة، بل إن السلطات الصليبية منحتها الموافقة على إقامة مقر لها في المسجد الأقصى مدعين أنه موقع هيكل سليمان. وفي ذلك يقول جون روبنسون في كتابه المعنون” معمد بالدم.. أسرار الماسونية المفقودة.
”…” فرسان الهيكل اختاروا المسجد الأقصى مقراً لهم عن سابق قصد وتعمد لاعتقادهم بأنه موقع هيكل سليمان، وهناك وفي اجتماعاتهم السرية اعتاد فرسان الهيكل إحياء الطقوس الماسونية القديمة التي يعتقد بأنها انطلقت من مبنى المعبد في الأساس". كانت هذه الجماعة تمارس السرية التامة في طقوسها واهدافها وكان القتل السريع لمن يفشي اي من اسراراها.
أصبح فرسان الهيكل أرباب بنوك بالنسبة للصليبيين حيث كانوا أول من أصدر كتب اعتماد عرفها النظام المالي القديم، وطبعوا نقودهم الخاصة بهم والتي كان يعترف بها في سائر فروعهم المنتشرة في أوروبا والأرض المقدسة. كما عملوا كوكلاء في تحصيل الديون وإدارة الصناديق المالية والممتلكات وتوزيع الحصص على الورثة، وهي خدمات كانت تقدم مقابل رسوم محددة. وعليه يمكن القول بأن فرسان الهيكل أصبحوا بذلك أول مؤسسة مالية دولية. ومع الوقت تطورت هذه الجماعة لتأخذ أشكالاً وتكتسب أسماءً مختلفة. دامت الحروب الصليبية زهاء مئتي عام كان خلالها فرسان الهيكل نخبة نخبه في محاربة المسلمين مع الجيوش الصليبية لكنهم انسحبوا الى اوروبا مع الكتائب الصليبية المنهزمة .
فقد الأمراء والملوك الصليبيون حماسهم وبدأ الاقتتال فيما بينهم على النفوذ في اوروبا بعد هزائمهم على ايدي المسلمين. ووصل نفوذ فرسان الهيكل الى أوجه خصوصاً في فرنسا. وفجاًةً قرر ملك فرنسا القضاء عليهم وعلى قوتهم التي بدأت تنافس قوته فأحرق زعيمهم ونكل بهم وهاجر من بقي منهم حياً الى انجلترا، حيث أخذوا طابعاً سرياً أكثر وأكثر من اي وقت مضى. تجاهل الاسكتلنديون ملوكاً وثوريين المرسوم البابوي بحظر وملاحقة وتعذيب أتباع فرسان الهيكل، وذلك تقديراً منهم للمساعدات التي تقدمها الجماعة، إضافة إلى أن الاسكتلنديين كانوا منشغلين عن الفرسان بقضيتهم الكبرى وهي الاستقلال عن انجلترا. جون روبنسون في كتابه المعنون” معمد بالدم.. أسرار الماسونية المفقودة بعد توحيد إنجلترا واسكتلندا في النهاية دفع بفرسان الهيكل إلى العمل السري وممارسة نفوذهم القوي من خلف ستار في ظل منظمة جديدة عرفت باسم: الماسونيون الأحرار. أصبحت المملكة المتحدة المرتع الرئيسي للماسونية، الأمر الذي يتضح أكثر ما يكون من قائمة العضوية الخاصة بالمنظمة الجديدة، والتي ضمت العديد من الملوك البريطانيين وهو واقع لا يزال قائماً حتى يومنا هذا.
فئةً سرية تم تسميتها لاحقاً بالبيوريتان حاولوا الانقلاب على الكنيسة الكاثوليكية من منطلق الاعتقاد بأن الكنيسة الإنجليزية بحاجة لعملية تطهير جذرية والتخلص من الطقوس المزيفة والتعاليم غير التوراتية. ومن أجل هذا الهدف أقام الإنقلابيون معابدهم الخاصة التي سرعان ما افتضح أمرها فكان خروجهم الجماعي من إنجلترا واللجوء لهولندا عام 1609 حيث استقروا في ليدين، وهناك حاولوا إقناع الحكومة الهولندية بـ”نقل أبناء وبنات إسرائيل إلى أرض الميعاد لاستعادة إرث أجدادهم والاستقرار فيها للأبد”.
بداية الصهاينة المسيحيون في أمريكا
كانت الغالبية العظمى من المستوطنين الأوائل في الأرض الجديدة من البيورتان ووصلوا على متن السفينة ماي فلاورز الشهيرة إلى شواطئ أمريكا الشمالية. وكان وليام برادفورد أحد المهاجرين البيوريتان وهو يضع قدمه على الأرض الأمريكية عام 1620: ”كان أول ما تفوه به وهو يغادر السفينة ماي فلاورز التي أقلته و101 من أتباعه إلى الأرض الجديدة القول: تعالوا لنعلي كلمة الرب في أرض صهيون”. كانت أمريكا في نظر المهاجرين the Puritan أرض الميعاد التوراتية بالفعل.
بلغ تأثر البويريتان بالعقيدة اليهودية درجة جعلتهم يطلقون أسماء توراتية على العديد من مستوطناتهم في الأرض الجديدة، والتي تحولت لاحقاً إلى مدن لا تزال تحمل الأسماء نفسها مثل: جيروزاليم، بيت لحم. صهيون، شيلو، سالم، كانت دراسة العبرية مثار تشجيع بل وكانت إلزامية في جامعات الساحل الشرقي الرئيسية. كانت الظروف مواتية لإعادة إحياء التعاليم التوراتية، وبدأت العديد من الجماعات البروتسنتينية الجديدة في الظهور مثل: المعمدانيون، والمشيخيون، والميثوديون، كما تمت إعادة كتابة الإنجيل على أسس توراتية، ولتشكل الطوائف الجديدة جوهر تيار المسيحيين الصهاينة حالياً.
اعادة بناء هيكل سليمان اصبح هدفاً علنياً
في ذلك كتب روبنسون يقول: “رأينا كيف أن منظمتين فقط ربطتا نفسيهما بفكرة إعادة بناء هيكل سليمان وهما: الماسونية وحركة فرسان الهيكل الصليبية. وتأتي الأدلة الدامغة لتشير إلى حقيقة أن الربط بين الجماعتين المذكورتين إلى درجة الاندماج. في النهاية لم يأت وليد صدفة أو أملته ظروف عرضية، بل إن الماسونية، هذه المنظمة السرية ولدت من رماد المنظمة العلنية التي تعرضت لإدانة وملاحقة كل من الدولة والكنيسة في حقبة عرفت العقاب الجسدي بأبشعه”.
في الماضي غير البعيد كان يترتب على باحث مثل روبنسون تجشم وعثاء السفر والتنقل بين العديد من البلدان، والقيام بعملية بحث واسعة للتوصل إلى نتيجة منطقية حول علاقة اليهود بالماسونية، وذلك نظراً للسرية التامة التي تحكم طبيعة ونشاط الجماعة المذكورة، أما اليوم فإنه يكفي أحدنا الدخول على الشبكة العنكبوتية وزيارة موقع محفل الميريديان الماسوني رقم 691 ليقرأ تحت عنوان: ”الاتصال الماسوني” ما يلي: “ينتسب كافة فرسان الهيكل لعضوية أقدم منظمة أخوية في العالم والتي تعرف باسم: (الماسونيون القدماء الأحرار الأصليون) أو ما يعرفون باختصار باسم “الماسونيون”. ولكن ليس كل ماسوني من أتباع فرسان الهيكل بالضرورة لأن جماعة فرسان الهيكل ليست سوى جزء من الطيف الماسوني”.
مع بداية القرن السابع عشر شهدت إنجلترا والولايات المتحدة عملية إحياء للغة العبرية. كما انتشرت الأسماء العبرية في أوساط البروتستنت على اختلاف طبقاتهم. وفي أوائل العشرينات من القرن المذكور أدخلت جامعة هارفارد مساقا خاصاً بدراسة العبرية تحت إشراف الأستاذ جوداه مونيس. وفي عام 1777 أصبح تعلم العبرية جزءاً من المنهج المقرر على الطلبة الجدد في جامعة ييل.
المسيحية الصهيونية الامريكية سبقت هيرزل بقرون
بعد إرسال الرئيس ماديسون الأسطول الأمريكي لإخضاع دول إفريقيا الشمالية بفترة قصيرة، بدأ التخطيط لغزو أميركي من نوع آخر للشرق الأوسط: الغزو الثقافي. ففي عام 1810 شكلت مجموعة من رجال الدين الأمريكيين ما أطلقت عليه: المجلس الأمريكي لمفوضي المهمات الخارجية بهدف دعم المراكز التبشيرية في العالم غير البروتستنتي. كان هؤلاء يعتقدون بأن أمريكا مكلفة من قبل السماء بمهمة مقدسة وهي قيادة الأمم باعتبارها “شعلة هداية للآخرين”. وبالنسبة للأميركيين البروتستنت فإن مسيحيي الشرق والروم الأرثوذكس وأتباع الكنيسة الأرمنية يعتبرون من المسيحيين الضالين، وإن كان من السهل إعادة تحولهم للدين كما تراه الكنيسة البروتستنتينية التي تطلق عليهم صفة: ”مسيحيون بالاسم”. أما المسلمون فلهم وضعهم المختلف تماماً باعتبارهم لا شيء من الناحية الروحية وفي وضع يائس بأنتظار الخلاص.
وفيما يتعلق باليهود فقد بدأ العديد من رجال الكنيسة البروتسنتينية بالمطالبة بالاندماج بين الكنيسة واليهودية، وتوحيد ما أسموه بـ: إسرائيل القديمة والمعاصرة. وفي ذلك قال أسا مكفارلاند، المشيخي” أحد الشيوخ المنتخبين لإدارة شؤون كنيسة في ولاية ماسساشوستس": “عندما تسقط الإمبراطورية العثمانية سيبدأ اليهود رحلة العودة إلى فلسطين… وسيتبوأ المسيح السلطة والحكم مجدداً”.
في عام 1816 ورد في عدد من مجلة نايلز وييكلي ريجيستر القول: “عندما يتم إخراج العثمانيين الضعفاء البلهاء من فلسطين، سيعود اليهود وسيجعلون الصحراء “تتفتح سريعاً كما الزهور”. وعليه فقد كان للبروتستنت أجندتهم الخاصة المعدة سلفاً تجاه العمل على تفكيك الدولة العثمانية المسلمة وصولاً لتحقيق العودة لليهود والمسيح إلى فلسطين.
أول بعثة تبشيرية تتوجه للشرق الأوسط
قبل مغادرتهما بوسطن إلى البلاد المقدسة ليكونا أول بعثة تبشيرية تتوجه للشرق الأوسط، شرح المبشران الشابأن للجموع المؤمنة في كنيسة أولد ساوث ما عرف بعد ذلك بـ: البرنامج التبشيري الخاص بالعالم الإسلامي. كان القس ليفي بارسونز أول المتحدثين قائلاً: "اليهود هم من علمونا طريق الخلاص.. فقد حافظوا وبإخلاص ونوايا صافية على الإنجيل.. إلهنا هو إلههم وجنتنا هي جنتهم” والأهم من ذلك أن بارسون استذكر ”الحقيقة الكبرى” وهي أن اليهود هم من زودوا الإنسانية بالمخلص الأعظم.. المسيح”. وفي ذلك قال القس البروتستنتي وهو يستعد للسفر إلى فلسطين: ”نعم.. إخوتي، إن من سيشفع لكم أمام عرش الله.. هو يهودي”. أضاف القس بارسون بأن على المسيحيين، وعلى سبيل إظهار الامتنان وكنوع من رد الجميل، بذل كل ما يمكنهم من جهد لاستعادة السيادة لليهود في أرض أجدادهم وموطن الإنجيل”. واستطرد ”علينا الاعتراف.. لا يزال هناك في صدر كل يهودي رغبة لا تقهر في تعمير الأرض التي وهبها الله لآبائهم، وهي رغبة من القوة بحيث لا يمكن اجتثاثها من النفوس حتى في حالة التحول للمسيحية.. تلك الأرض هي فلسطين”. ومن جانبه تحدث زميله المبشر الثاني بليني فيسك عن الخلاص وفلسطين، وعندما ختم حديثه بالقول: ”كل الأعين مسلطة على القدس، انخرط الحضور بالبكاء".
الصهيونية المسيحية (الاعادية ) في القرن التاسع عشر
أصبحت أفكار أصحاب عقيدة الاعادية (عودة مملكة إسرائيل وإعادة بناء الهيكل) التي بشر بها ونشرها المهاجرون والمستعمرون الأمريكيون الأوائل، جزءاً أساسيا من إيديولوجية يؤمن بها السواد الأعظم من الأمريكيين بعد الاستقلال، وخاصة أتباع الكنيسة المنهجية، والكنيسة الأبرشية، والكنيسة المشيخية،. فهذا أستاذ اللغة العبرية في جامعة نيويورك، جورج بوش، الجد الأكبر لرئيسين للولايات المتحدة حملا اسمه، يهاجم النبي محمد (صلعم) في كتاب تناول فيه سيرة حياة رسول الإسلام من منظوره الخاص، واصفاً إياه بـ: ”النبي المزيف”. كما ودعا بوش في كتاب آخر له بعنوان: وادي الرؤية: عودة الحياة لعظام إسرائيل الرميم”، إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين، لأن مثل هذه الدولة ستكون حلقة بين الإنسانية والرب.” فذلك سوف يأتي بالخير على الإنسانية، حيث يصبح اليهود عندئذٍ همزة الوصل بين الإنسانية والله. ما كتبه البروفيسور بوش هذا كان سنة 1844 اي قبل اكثر من 50 سنة من صهيونية ثيوردور هيرتزل !
بداية الاستعمار الاستيطاني اليهودي في فلسطين
يمكن القول إن أول جهد يبذل على طريق الاحتلال الاستيطاني اليهودي لفلسطين يعود لعام1851عندما أبحرت كلورينا مانور، عضو الكنيسة الأسقفية البروتستنتينية متجهة إلى الأرض المقدسة، وهناك التقت بيهودي بريطاني يدعى جون ميشولام وقررا توحيد جهودهما لتشجيع اليهود على الانخراط في العمل الجماعي، الذي سيقربهم معاً في أجواء من المحبة. تلقى الثنائي مانور وميشولام الدعم المالي من رجل المال اليهودي البريطاني البارون موسى مونتيفيوري، وعدد من المصادر الأمريكية، مكنتهما من شراء قطعة أرض بالقرب من قرية أرتاس – بيت لحم حيث أقاما مدرسة زراعية لليهود. وبعد عامين من محاولة اجتذاب اليهود الراغبين في تعلم أصول الزراعة انتهت للفشل الذريع.
الضغط على السلطان عبد الحميد للسماح في استيطان اليهود في فلسطين
تدين الحركة الصهيونية بالكثير للقس الأمريكي تي.دي. ويت تاماج وآخرين من رموز المسيحيين الصهاينة، ممن خدموا الحركة بحماسة وتفان، حيث اختاره الرئيس غروفر كليفلاند مستشاراً روحياً له. كانت عظاته وأفكاره الدينية والسياسية تحظى باهتمام بالغ من الصحافة. زار تاماج القدس عام 1889 وطالب الأمريكيين بقيادة العالم في الحملة الرامية لانتزاع فلسطين من المسلمين تمهيداً لتحويلها إلى وطن لليهود.
وهناك ويليام يوجين بلاكستون، القس البروتستنتي المتشدد، الذي خاطب الرئيس بنيامين هاريسون ووزير خارجيته، في رسالة مفتوحة بتاريخ 15 مارس 1891، بعد عودته من زيارة للقدس، يطالب فيها الإدارة الأمريكية بالعمل على انتزاع فلسطين لإعطائها لليهود. ولعل الأغرب من الرسالة ما حملته من تواقيع كبار الشخصيات في عالم المال والأعمال والدين أمثال: جون روكفللر، جي.بي. مورغان. وكان الرؤساء الأمريكيون قد شرعوا ومنذ 1881 في ممارسة الضغوط على السلطان عبد الحميد للسماح بهجرة المزيد من اليهود إلى فلسطين
عملياً كان كافة القناصل والسفراء الامريكان في عاصمة الدولة العثمانية من اليهود ومنهم أوسكار شتراوس، شقيق ناثان الثري الأمريكي اليهودي الذي أسس بلدة ناتانيا الإسرائيلية حالياً، وكذلك سولومون هيرش ومورغنثاو وأبراهام إيلكوس، لم تنجح في النيل من عزيمة السلطان العثماني وتصميمه على عدم التفريط بالقدس. كان موقف السلطان عبد الحميد، كما أبلغه للوسطاء الأمريكيين، بأن فلسطين ليست ملكاً للسلطان بل هي ملك للمسلمين جميعاً، وبالتالي لا يملك السماح بإحداث أي تغيير في واقعها أو المساس بوحدتها.
كان حينها أخو ناثان ستراوس معيناً كسفير للولايات المتحدة في اسطنبول ويدير المؤامرات مع حركة الاتحاد والترقي ضد الدولة العثمانية.
بعد رفض السلطان عبد الحميد اصبح تغيير النظام هو الهدف
بعد أن اصطدمت جهودهم في إقناع عبد الحميد الثاني بالسماح بهجرة اليهود إلى فلسطين برفض قاطع من السلطان، توصل الصهاينة إلى قناعة بأن “تغيير النظام” في اسطنبول هو وحده الكفيل بتحقيق حلمهم في فلسطين. وهكذا بدأ التخطيط للإطاحة بالسلطان، وكان أول اجتماع عقد في هذا الصدد مباشرة بعد رفض السلطان لعرض هيرتزل الخاص بمقايضة فلسطين بديون الإمبراطورية… كانت المعارضة تنشط بالتنسيق مع الحكومة الفرنسية بعيداً عن الأعين. أما المؤتمر الثاني للمعارضة فعقد في باريس عام 1907 وبهدف توحيد الأحزاب كافة بما فيها حزب:” لجنة الاتحاد والترقي”، تمهيداً لإشعال الثورة ”.
في كتابه المعنون” سلام ينهي كل سلام”، تحدث ديفيد فرومكين أستاذ التاريخ في جامعة بوسطن، عن جذور حزب الاتحاد والترقي الذي نشط مع الأحزاب الصغيرة المتحالفة تحت اسم: حركة الشبيبة الأتراك. ومما قاله فرومكين بهذا الشأن: ”كانوا (حزب الاتحاد والتقدم) يحظون بتعاطف وزارة الخارجية في لندن، ومع ذلك فقد كان للقنصلية البريطانية في القسطنطينية رأي مختلف، حيث كان السفير سير جيرارد لاوثر ينظر لقادة المعارضة بكثير من الازدراء. ويبدو أن السفير كان إلى حد كبير تحت نفوذ وتأثير مستشاره ومترجمه الرسمي لشؤون الشرق جيرالد فيتزموريس.. جاء تفسير الأخير لأحداث 1908 مقروناً بحقيقة هامة وهي أنها حدثت في سالونيكا، البلدة التي كان نصف سكانها إما من اليهود أو من طائفة “الدونمه” (أتباع مذهب يهودي تحولوا إلى الإسلام في القرن السابع عشر). كما عرفت سالونيك أيضا بأنها مركز نشط لمهاجع الماسونية. وكان إيمانويل كاراسو، المحامي اليهودي، قد أسس مهجعاً ماسونياً إيطالياً تحول إلى مركز للاجتماعات السرية لجمعية طلعت، عندما كان هذا الأخير مطارداً من قبل شرطة السلطان.
وقد أشار السفير البريطاني سير جيرارد لاوثر في تقريره عن حزب الاتحاد والترقي مستخدماً تعبير: ”اللجنة اليهودية للاتحاد والترقي……. وفي تقريره المطول الذي تكون من أكثر من 5000 كلمة ادعى لاوثر بأن اليهود هيمنوا على شبكة ماسونية ومن خلالها على الإمبراطورية العثمانية.. ومما قاله السفير البريطاني بأن من أبرز المشاركين في المؤامرة الماسونية اليهودية على تركيا السفير الأمريكي في تركيا أوسكار شتراوس (يهودي أيضاً) الذي يملك أشقاؤه في نيويورك سلسلة متاجر مايسيز الشهيرة”.
استلم يهود الدونمه (ومنهم كمال اتاتورك) مرافق الدولة بعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد وتم اقحام الدولة العثمانية في الحرب العالمية الثانية وتفكيكها ونالنا نتيجة ذلك وعد بلفور والتي لم يكن سوى تحصيل حاصل أكثر من ورقة اعطاها من لا يملك الى من لا يستحق بعد حرب دامت حوالي 8 قرون بلغت ذروتها بدخول الجنرال اللنبي وقولته الشهيرة (الان انتهت الحروب الصليبية).
بعد احتلال القدس سنة 196
بتاريخ 21 أغسطس 1969 أضرم مهووس أسترالي النار في المسجد الأقصى, وأخذ في تصوير النيران التي بدأت تلتهم المسجد بانتظار الشرطة والإطفائية التي تأخر وصولها. وفي 12 مايو 1980 ألقت الشرطة القبض على الحاخام مئير كاهانا ومساعده أندي غريين بتهمة التخطيط لنسف الأقصى. وفي العام نفسه دخل يهودي متطرف قادم من أمريكا المسجد وفتح النار على المصلين؛ فقتل فلسطينياً وأصاب آخر. وبعدها ببضعة أشهر حاول أربعة شبان من اليهود المتطرفين المسلحين برشاشات عوزي ومتفجرات اقتحام نفق أرضي يؤدي لساحة الأقصى, وتم اكتشاف المذكورين قبل أن يتمكنوا من زرع المتفجرات داخل المسجد. وفي تاريخ لاحق اعتقلت الشرطة أكثر من ثلاثين بمن فيهم حاخام معروف على خلفية التخطيط لنسف المسجد الأقصى. ولدى تفتيش شقة الحاخام المذكور, عثرت الشرطة على مخططات لموقع الأقصى ومداخله, بالإضافة إلى مخزون كبير من الأسلحة. وفي 9 أغسطس 1990 ألقي القبض على شيمون باردا، زعيم مجموعة يهودية سرية, ووجهت له تهمة التخطيط لنسف الأقصى بعد أن عثرت الشرطة في منزله على مخزن كبير للأسلحة, بما في ذلك قذائف صاروخية من نوع تاو التي تحمل على الكتف. وللتغطية على الجريمة، تم تحويل المذكور وعدد كبير من عصابته إلى مستشفى للأمراض النفسية. وفي ذلك يعتقد الفلسطينيون بأن إسرائيل لا تملك من المستشفيات النفسية ما يتسع للعدد الهائل من هذا النوع من المرضى في البلاد.
وفي مطلع القرن الواحد والعشرين زار ارييل شارون المسجد الأقصى مما أعطى شرارة انتفاضة الأقصى وبدأت جماعات إعادة بناء الهيكل بالمجاهرة ومزيداً من التطرف يوماً بعد يوم يدعمهم الآن وزراء في الحكومات الإسرائيلية القائمة وأعضاء في الكنيسة الإسرائيلي وبدؤوا يسارعوا في أعمالهم التصعيدية شيئاً فشيئاً. ما يحصل هذه الأيام هي عبارة عن بالونات اختبار لقياس ردود أفعال العالم العربي والإسلامي لعملية هدم الأقصى وبناء هيكل سليمان المزعوم مكانه خلال مرحلة التشارك المكاني والزمني كتمهيد للفصل الأخير في عملية الهدم والبناء. ومن المخيف أن ردود الأفعال والعيون في العالم العربي والإسلامي كانت على عين العرب وعلى كل مكان عدا الأقصى مما قد يعطي الصهاينة الانطباع بأن هذا هو وقتهم ما دام العرب والمسلمون مشغولون بتدمير أنفسهم.