خبر : تهدئة في القدس والضفة.. ماذا بعد؟! ...بقلم: عبد الناصر النجار

الأحد 16 نوفمبر 2014 08:12 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تهدئة في القدس والضفة.. ماذا بعد؟! ...بقلم: عبد الناصر النجار



لا يوجد فلسطيني يرغب في المواجهة من أجل المواجهة، وليس هناك بيننا من يعشق لغة الحرب، ولكن ماذا نحن فاعلون عندما تفرض علينا هذه المواجهة، ونصبح في لحظة ما أمام خيار واحد لا خيارين.. خيار الدفاع عن النفس، والدفاع عن الأرض، والدفاع عن المقدسات، والدفاع عن الوجود.
يوم أمس، روى مقدسي يعمل موزّعاً للمواد الغذائية في أحياء القدس الواقعة خلف جدار الفصل العنصري قصصاً تبدو أكثر غرابة مما يتصورها العقل؛ ومنها: أوقفت دورية للشرطة الإسرائيلية سائقاً مقدسياً، وطلبت منه أوراق سيارته، فقدم السائق الأوراق للشرطي الإسرائيلي الذي بدأ بكتابة مخالفة سير، وعندما حاول السائق الاستفسار، قال له: إنك لا تضع الحزام، فردّ عليه ولكن هذا هو الحزام، فقال الشرطي الإسرائيلي "أنا جاي على بالي أكتب لك مخالفة"... ولحظة محاولة السائق الخروج من السيارة، وجه الشرطي مسدسه نحو رأسه ومنعه من النزول.
ربما تكون هذه القصة واحدة من آلاف المضايقات والانتهاكات التي يتعرض لها المقدسيون يومياً، وليس أقلها سياسة هدم البيوت بشكل ذاتي، أي إجبار صاحب المنزل على هدم بيته بيده.. ونحن هنا نتحدى إن كانت مثل هذه القوانين الجائرة قد مورست على مر التاريخ في أي دولة من دول العالم.
ادعى نتنياهو في لقائه الثلاثي مع العاهل الأردني ووزير الخارجية الأميركي أن الوضع في الحرم القدسي لن يجري عليه تغيير.. وهنا نريد أن نعلم على من "يضحك" نتنياهو، على نفسه أم على الفلسطينيين أم على العرب أم على العالم أجمع... كل الذي يحصل في الحرم القدسي منذ سنوات من تغيير للواقع بدعم مباشر من الحكومة الإسرائيلية سواء في ساحة البراق أو داخل أسوار الحرم، وبطرق مختلفة ومنها السماح للمستوطنين بالدخول إليه وأداء الصلوات التلمودية فيه بل وعلى سطح قبة الصخرة وأمام المسجد الأقصى، ومنع المصلين المسلمين من دخوله في أوقات معينة، والسماح لأعمار معينة بالدخول ومنع الفئات العمرية الشابة من الوصول إلى الأقصى، ومنع أعمال الترميم أو الصيانة بكافة أشكالها... ولعلّ الغرامة التي فرضت على أحد المصلين لحمله شتلة من أجل زراعتها في الحرم القدسي خير دليل على مدى الانتهاك الذي يتعرض له المسجد وتتعرض له الحقوق الفلسطينية.
في القدس الاستيطان يتواصل وبتشجيع شخصي أيضاً من نتنياهو، والذي يعتبر أن الاستيطان في القدس ليس استيطاناً!! كيف؟ لا أحد يدري، على الرغم من أن كل العالم بما فيه واشنطن تعتبر هذا الاستيطان غير شرعي.
الأحياء المقدسية تم تمزيقها، بحيث لا يوجد اليوم أي تواصل جغرافي بينها، وتراها مجرد جزر متناثرة في بحر استيطاني لم يترك بقعة في القدس العربية إلاّ واستهدفها بمساعدة من الحكومة الإسرائيلية بشكل مباشر ومن الحركة الصهيونية في العالم التي تقدم الأموال والمساعدات الأخرى من أجل تثبيت هذا الاستيطان..
وعلى الرغم من ذلك، يأتي البعض ليواصل الحديث عن الدولة الفلسطينية وحل الدولتين.. مجرد تصريحات ملّ الشعب الفلسطيني من مواصلة الاستماع إليها.. لأن هناك فرقاً واضحاً بين التصريحات التي تطلقها واشنطن خاصة كلما تصاعدت المواجهات مع الاحتلال والتي تحاول من خلالها امتصاص ردة الفعل الفلسطينية على مجمل الاعتداءات الإسرائيلية، وبين ممارسات الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة.
نحن مع التهدئة في القدس وفي كل الأراضي الفلسطينية ولكن مقابل ماذا.. هل ستضغط واشنطن من أجل وقف حقيقي للاستيطان؟ وهل ستضغط واشنطن لوقف اعتداءات المستوطنين التي وصلت إلى قلب قرانا ومقدساتنا في كل أنحاء الضفة الغربية والقدس؟
أم هل ستتخذ واشنطن قرارات يمكن أن تتحقق على الأرض وتقول إن هذه خطوات حقيقية نحو الوصول إلى الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بشكل واقعي وليس بشكل نظري؟.
بمعنى آخر، ملّ الشعب الفلسطيني كثيراً الوعود الجوفاء والكلام الذي يتناثر في الهواء.. فيما يرى كل يوم أن أرضه لم يبق منها شيء، ووجوده في خطر.. والكل يقول له انتظر... حل الدولتين. إذن هدوء مقابل ماذا يا مستر كيري؟!!.