خبر : عملية سيناء والحرب على الإرهاب ...بقلم: هاني حبيب

الأحد 26 أكتوبر 2014 09:20 ص / بتوقيت القدس +2GMT
عملية سيناء والحرب على الإرهاب ...بقلم: هاني حبيب





من حق مصر ان تقوم بكل ما يلزم لكبح الإرهاب المتزايد على أراضيها ومن حق شعب مصر الشقيق ان يغضب وينفعل جراء نتائج العملية الإرهابية الأخيرة، في سيناء، ومن حق العرب، كل العرب ان يشاركوا الشعب المصري الشقيق في كل الغضب، باعتبار ان مصر هي بوابة الأمن القومي العربي، عندما ضعفت مصر، بات العرب أسرى الأطماع الغربية الاستعمارية، وتفتت شملهم وتراجع نفوذهم، واصبحوا ميدانا وملعبا لقوى الإرهاب والعدوان من كل حدب وصوب، ونحن في فلسطين، ما كان لقضيتنا ان تتراجع الى ما هي عليه الآن، لو كانت مصر اكثر منعة وقوة، وباختصار فإن استهداف مصر، شعباً وجيشاً وأرضاً، هو استهداف للقضية الوطنية للشعب الفلسطيني.
ولكن، من حقنا ان نصاب بالصدمة والخيبة، ذلك ان هذه العملية الأخيرة في سيناء، لم تكن الأولى، وربما ليست الأخيرة، التي تحدث في سيناء، إلا على مستوى عدد الشهداء والضحايا، وحدثت في منطقة مفتوحة غير مسكونة بين العريش ورفح المصرية، عملية كان يمكن ان تكون "عادية" بالنظر الى قدرة وإمكانية تلافيها، او الحد من تأثيراتها، لو توفرت عناصر "عادية" واستعادة من تجارب شبيهة سابقة حدثت مرارا وتكرارا في سيناء، فقد حدثت عملية إرهابية مشابهة في آب العام الماضي، أي بعد نحو شهر من إطاحة الثورة التصحيحية المصرية بحكم الإخوان بقيادة مرسي، استشهد في تلك الواقعة ٢٥ جنديا مصريا، بينما حدثت عملية إرهابية شبيهة في تموز الماضي في صحراء مصر الغربية في منطقة الفرافرة على الحدود مع ليبيا واستشهد على اثرها ٢٢ جنديا مصريا، نقول ان الإرهاب يطال كل الأراضي المصرية، سواء تلك التي على الحدود مع قطاع غزة، كما هو الحال أيضا على حدود مصر مع ليبيا، مرورا بالإرهاب المتزايد في القاهرة العاصمة المصرية ومعظم المحافظات، مع ان سيناء هي الأكثر "إرهاباً" بالقياس مع المناطق الأخرى.
من الصعب على الجيش النظامي، وحتى على قواته الخاصة، العمل والقتال في المناطق المزدحمة بالسكان، والمناطق المفتوحة تعتبر دوما مجالا لتحقيق إنجازات للجيوش النظامية في مواجهة المقاومة الشعبية او القوى الإرهابية على السواء، المناطق المفتوحة اكثر ملاءمة لعمل القوات النظامية بينما تعتبر معقلا للقوى المسلحة، سواء تلك التي تعتبر ثورات مقاومة، او على النقيض منها، قوى الإرهاب، ولهذا السبب، نقول، ان هناك من يشير الى ان القيادة المصرية اتخذت قرارا بإخلاء المناطق المتاخمة لحدود مصر مع قطاع غزة من السكان، أي ان مصر تحاول إيجاد مناطق مفتوحة لقتال عناصر وقوى الإرهاب، لكننا مع ذلك، نذكر بأن معظم العمليات الإرهابية في الصحراء الشرقية، او الغربية تمت في مناطق مفتوحة، مع عجز الجيش المصري على مواجهتها!
نقول ذلك بصراحة شديدة، مؤكدين على وقوفنا الى جانب الشعب المصري وقيادته في كبح الإرهاب بكل أشكاله، ومع حق الشعب المصري في تحقيق خارطة الطريق التي أقرتها ثورة ٣٠ يونيو، لكن من حقنا ان نقول ان هناك فشلاً وليس مجرد تقصير في هذه المواجهة، مع إدراكنا ان قوى الإرهاب مدعومة ماليا وتسليحيا وبشريا من قوى الثورة المضادة، داخل مصر وخارجها، غير ان ذلك، على أهميته لا يوفر سببا منطقيا لهذا الفشل، الذي يؤدي الى المزيد من الشهداء والضحايا مع كل عملية إرهابية.
وباعتقادنا، ان مرد هذا الفشل يعود في بعض أسبابه الى القراءة الخاطئة لطبيعة ما تواجهه مصر من إرهاب، وما تسرب عن قرارات اتخذتها القيادة المصرية لمواجهة الإرهاب اثر العملية الأخيرة، يشير الى استمرار تلك القراءة الخاطئة، فالتركيز أولا على ان قوى الإرهاب هي قوى خارجية تخطط وتنفذ، هو جوهر القراءة الخاطئة لأن ذلك يتجاهل حقيقة ان شبه جزيرة سيناء تعاني من التهميش وانعدام التنمية والاهتمام بمصالح مواطنيها طيلة عقود متتالية وبحيث أصبحت سيناء وكأنها عاصمة للتهريب والإرهاب، مشكلة سيناء ليست وليدة اليوم ولا الأمس القريب، بل وليدة سياسات غابت عن مواطنيها طوال الوقت.
أما القراءة الخاطئة الثانية، فإنها تتعلق بالموقف من قطاع غزة، الذي جلب كل مقومات تهريب حاجات مواطنيه من مواد استهلاكية طوال إغلاق المعابر والحصار الإسرائيلي، كما كانت سيناء بوابة لتهريب كل شيء الى القطاع: سلاح ومخدرات وخارجين عن القانون .. اذن كانت سيناء معبرا لأسلحة قطاع غزة، تلك القادمة من ليبيا او السودان او أي مكان آخر، وبالتالي، فإن إرهابيي سيناء ليسوا بحاجة الى مدهم بالسلاح من قطاع غزة، بل الأمر معكوس، وهذا يشير الى ان حجم الهجمة الشيطانية على قطاع غزة، جراء الفشل في مواجهة الإرهاب، ليس منطقيا على الإطلاق، ويشير الى ان فشل المواجهة مع الإرهاب استدعى مثل هذه القراءة لتبرير الفشل، واذا ما استمرت مثل هذه القراءة، فان هذا يعني عدم معالجة الأسباب الحقيقية وراء نشوء واستمرار الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، مع كل ذلك، فإن ذلك لا يعفينا من الوقوف الى جانب الشعب المصري وقيادته في حربه ضد الإرهاب والتكفير، لكن ذلك يقتضي قراءة موضوعية دقيقة لما جرى ويجري!!
hanihabib272@hotmail.com