خبر : غزة: "الصليب الأحمر" تواصل تسوية الأراضي الزراعية المدمرة في المناطق الحدودية

السبت 25 أكتوبر 2014 12:22 م / بتوقيت القدس +2GMT



غزة سمااشاد مزارعو المناطق الحدودية شرق قطاع غزة والذين تعرضت أراضيهم الزراعية لعمليات تجريف واسعة واقتلاع للأشجار وتدمير لآبار المياه وتخريب لشبكات الري جراء آلة الحرب الإسرائيلية التي عاثت فيها فساداً خلال 51 يوماً من العدوان المتواصل على مختلف أنحاء القطاع بدور منظمة الصليب الأحمر الدولية بتسوية أراضيهم المدمرة وشق الطرق فيها لتسهيل عملية الوصول إليها وزراعتها.
وأكد المزارعون في أحاديث منفصلة مع "الأيام"، أن قيام الصليب الأحمر بتسوية أراضيهم الزراعية التي تعرضت لعملية تجريف وتخريب واسعة وكبيرة، وشق الطرق الزراعية بين هذه الأراضي، وتحديد مساحة كل أرض لأصحابها، من خلال عدد كبير من المساحين والجرافات التي تعمل لليوم الثالث على التوالي، سيساهم في تعزيز صمودهم فوق أراضيهم المهددة دوماً من قبل قوات الاحتلال بالمصادرة والضم لصالح ما يُسمى بالحزام الأمني التي تحاول إسرائيل فرضه منذ العام 2008 وحتى الآن. 
وكانت طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدأت صباح الأربعاء الماضي تسوية وتجريف وإزالة الركام من الأراضي الزراعية التي تعرضت للتجريف والتدمير، بدءاً من شرق خان يونس جنوب القطاع، وحتى وادي غزة جنوب مدينة غزة، والتي كانت مسرحاً لعدوان جيش الاحتلال.
ويُذكر أن 10 جرافات تابعة للصليب الأحمر باشرت بتسوية الأراضي الحدودية وردم الحفر الكبيرة التي أحدثها انفجار الصواريخ والعبوات الناسفة فيها، وأيضاً شق الطرقات، وذلك في بلدات عبسان الكبيرة وخزاعة والقرارة شرق خان يونس، وكذلك في منطقة أبو العجين والمصدر شرق دير البلح، ومنطقة وادي غزة جنوب شرق مدينة غزة، كخطوة لتمكين المزارعين من الوصول لأراضيهم ودعمهم صمودهم ليتمكنوا من استصلاحها وزراعتها مُن جديد.
وفي هذا السياق، قال المزارع ماجد وهدان الذي يملك أرضاً زراعية بالقرب من الحدود الشرقية لبلدة بيت حانون، "إننا منذ اللحظات الأولى التي سمعنا فيها عن قيام جرافات الصليب الأحمر بتسوية الأراضي وردم الحفر وإزالة أكوام الركام شرق خان يونس ودير البلح وغزة، استبشرنا خيراً بأننا سنعود حتماً إلى أراضينا التي دمرها الاحتلال وقلبها رأساً على عقب، وسنعمل على زراعتها ليس فقط بالنباتات الحقلية والموسمية فقط، بل وبالأشجار المعمرة مثل الزيتون والبرتقال واللوزيات لنثبت للعالم أجمع، وخاصة إسرائيل أننا لن نتخلى عن أرضنا مهما فعلوا فينا ومهما خربوا أراضينا.
واستهل وهدان حديثه لـ "الأيام"، بمثل شعبي يقول "إذا مطرت في بلاد فبشر البلاد الأخرى بالخير"، أي أنه طالما بدأ الصليب بتسوية الأراضي من خان يونس وحتى وادي غزة، فهذا يعني بالتأكيد أن دورنا قادم لا محالة، وأننا سنعود حتماً لأراضينا، قائلاً: "إن هذا العمل سيوفر علينا الكثير من الجهد والوقت والمال الذي لا نملك منه شيئاً بعد ما حل بنا من دمار وقتل وتشريد".
وفي الوقت الذي أشاد فيه ببدور الصليب الأحمر بهذا الإطار، طالبه بعدم التوقف عند نقطة محدد أو منطقة بعينها دون أخرى، بل مواصل العمل من رفح جنوباً وحتى بيت حانون شمالاً، كون هذا العمل يعطيهم الأمل من جديد للعودة لأراضيهم المحاذية للسياج الأمني الفاصل بين شرق وشمال القطاع وداخل الخط الأخضر.
وطالب وهدان في الوقت نفسه المنظمات الدولية والأهلية والخاصة أن تحذو حذو الصليب الأحر وأن تقدم ما تستطيع من مساعدات عينية ومادية وأشتال زراعية وخزانات مياه وشبكات ري وتقاوي وغيره لتعزيز صمود المزارعين فوق أراضيهم، ولمساعدتهم ان يبقوا خط الدفاع الأول في المواجهة مع جنود الاحتلال الذين لم يتورعوا يوماً عن إطلاق النار عليهم وقتل بعضهم وإصابة البعض الآخر أو اعتقاله بحجة الاقتراب من السياج.
من جهته استبشر المزارع سليم القرا "أبو حسام" من خان يونس جنوب القطاع الذي يحرص دائماً على زراعة أرضه التي ورثها عن والده والبالغة مساحتها 7 دونمات، بالقرب من المناطق الحدودية، حيث تبعد نحو 2 كم، خيراً حين شاهد الكثير من الجرافات التي ترفع علم الصليب الأحمر وهي تقوم بإزالة أطنان من الحجارة وأغصان الأشجار وشبكات الري وخزانات المياه المتناثرة هنا وهناك ونقلها عبر شاحنات ضخمة إلى خارج هذه الأراضي من أجل ردم الحفر المنتشرة فيها وتسويتها لتكون صالحة للزراعة من جديد.
ويقول الفرا البالغ من العمر نحو (60 عاماً): "طالما رفضت فكرة بيع الأرض والاستفادة بثمنها، حيث تركتها عدة سنوات جراء ممارسات جنود الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة والتي تستهدفنا دائماً، إلاّ أنني قررت وبعض من أبنائي الذين جُبلت الأرض بعرقهم ودمهم العودة إليها وزراعتها من جديد والاستفادة منها قدر الإمكان، خاصة في فصل الربيع بثمار بالشمام والبطيخ رغم الخطر المحدق بنا باستمرار.
وأكد أنه رغم الخوف الذي قد يصاب به المزارعون على طول الحدود مع قطاع غزة، إلا أنهم سيواصلون زراعة أرضهم، حتى لا تكون مرتعاً لجنود الاحتلال وآلياته العسكرية التي تحاول التسلل دائماً في أراضي المواطنين واعتقال من فيها أو طردهم في أحسن الأحوال، موضحاً أن إعادة تسوية الأرض بعد تجريفها وتخريبها سيعيد الأمل إلينا من جديد بالعودة إليها والعمل فيها بقليل من الجهد والوقت فقط.
وشدد على عدم ترك أرضه مهما تمادى الاحتلال في ممارساته القمعية بحق البشر والشجر والحجر، مؤكداً أن سلطات الاحتلال تعمل على ترهيب الموطنين في هذه المنطقة لإجبارهم على ترك أراضيهم ومغادرتها، حيث يستهدف الاحتلال كل من يقترب من السياج الأمني المحيط بقطاع غزة حتى مسافة تزيد عن 300 متر بكثير.
يُذكر أن المتحدثة باسم الصليب الأحمر في الأراضي مسعدة سيف قالت في تصريح صحافي، "إن المساحات التي ستشملها إزالة الركام والتجريف تمتد من 300 إلى2000 متر عن الشريط الحدودي من وادي غزة شمالاً حتى رفح جنوبًا، بواقع نحو 4 إلى 5 آلاف دونم، وسيزداد لأكثر من ذلك، بتكلفة تصل لنحو نصف مليون دولا".
ولفتت مسعدة إلى أن مشروع التجريف والتسوية وإزالة الركام سيمتد لنحو أسبوعين، تليها مرحلة تهيئة الأراضي الزراعية لزراعة الشتاء الموسمية، وشق طرق بينها، وإيجاد شبكات ري، وتوزيع البذور، كذلك سيتم مساعدة المزارعين على استصلاح الأرض لتُصبح جاهزة للزراعة كما في السابق، وتمكين المزارعين من العودة لها.
وأشارت إلى أن هذا المشروع يُعد خطوة أولى لكثير من المؤسسات المعنية بدعم المزارعين، قائلةً إن المشروع سيفتح المجال أمام المؤسسات لتطبيق مشاريعها، وتسهيل عملية دعم المزارعين ببذور وأسمدة وأشتال زراعية".
من جانبه، عبّر المزارع أبو باسل الزعانين عن سعادته بتلك الخطوة التي اعتبرها مهمة للغاية وتأتي في توقيت مناسب، لا سيما وأن المزارع يعاني فيه من صعوبات جمة في استصلاح أرضه، وتجهيزها لموسم الشتاء المقبل.
وأشار الزعانين إلى أن الاحتلال الذي دمر خلال الحرب الأخيرة أرضه الزراعية المحاذية للسياج الأمني على بُعد كيلو متر واحد، وتبلغ مساحتها 8 دونمات كانت مزروعة بأشجار الزيتون المعمر، والنخيل والكثير من أشجار الحمضيات، حرمه دخولها بعد الحرب، لما أصابها من دمار شامل جعل عاليها سافلها، إلا أن عملية تسويتها وإزالة الركام منها أعاد الأمل إليه من جديد ليعود وأسرته إليها لمد شبكات الري فيها وزراعة البذور والأشتال فيها.
وأضاف، إنه سمع أن الصليب الأحمر سيقدم لجميع المزارعين على الحدود البذور اللازمة، ليتمكنوا من زراعتها بالزراعات الحقلية كالقمح والشعير والعدس والفول، مناشداً كافة الجهات العاملة في هذا الإطار للوقوف بجانب المزارع وتقديم الدعم المادي والمعنوي له لتعويض ما تكبده من خسائر فادحة ليس جراء الحرب الأخيرة، بل وعلى مدى سنوات طويلة.
بدوره، شدد المزارع محمد البسيوني على أهمية دعم ومساعدة المزارعين من قبل كافة الجهات المختصة، لأن هذه الأرض تمثل مصدر رزق وقوت للمزارع وتوفر الأمن الغذائي لسكان القطاع كافة من جهة، وأيضاً تمثل هي وأصحابها خط الدفاع الأول عن باقي مناطق القطاع.
وتشير تقارير حقوقية أن سكان المناطق الحدودية هم الأكثر عرضة للاعتداءات الإسرائيلية، كون أراضيهم تقع ضمن دائرة المصادرة والضم لصالح ما يسمى بالحزام الأمني الذي يقتطع ما نسبته حوالي 20% من الأراضي الزراعية بالقطاع والتي تحاول إسرائيل فرضه منذ سنوات وبشتى الطرق والوسائل.