خبر : هل سلوان مجرّد بداية ؟...بقلم: د. عبد المجيد سويلم

الخميس 02 أكتوبر 2014 10:53 ص / بتوقيت القدس +2GMT





حسب بعض المصادر فإن البيوت التي استولى عليها المستوطنون هي بيوت "مسرّبة"، أي جرى "بيعها" إلى جهات إسرائيلية مقابل مبالغ ـ ربما تكون كبيرة ـ من المال.
الأمر يحتاج من القيادة الفلسطينية إلى تدقيق وتتبع، ويحتاج من فصائل العمل الوطني في العاصمة المحتلة وقفة خاصة لطرح الحلول الفورية والآجلة لظاهرة تسريب المساكن الفلسطينية إلى جهات إسرائيلية.
بيوت سلوان ظاهرة خطيرة للغاية والسكوت عليها ظاهرة أخطر.
في كثير من المناسبات المشابهة تبيّن أن إسرائيل وبمشاركة جهات مختلفة، رسمية وغير رسمية اشتركت في عمليات مدبّرة من التزوير بهدف الاستيلاء على أملاك فلسطينية.
حدث هذا واكتشفت عشرات حالات التزوير في عمليات استيلاء مزورة على أراضٍ أو منازل لها "قيمة" خاصة في مخططات الاستيطان والمصادرة.
وحدث أيضاً أن تكون جهات صهيونية وغربية قد قامت بعمليات التفاف مدبرة لتسهيل التزوير أو "إعطائه" بعض الجوانب القانونية.
حدث هذا وحدث الكثير من قبيله وما زال يحدث ويمكن أن يحدث مستقبلاً.
مقابل كل ذلك حدث، أيضاً، وما زال يحدث وربما سيحدث مستقبلاً إذا بقيت عمليات التسريب للأرض والممتلكات الفلسطينية قائمة دون ردع أو علاج. لا أحد يملك حرية تسريب أملاكه الخاصة إلى جهات إسرائيلية تحت أية ذريعة مهما كانت، ولا أحد يملك حرية التذرع بالضيق الاقتصادي في محاولة تبرير هذا التسريب، تماماً كما لا يملك أي وطني فلسطيني "حق" تبرير هذه الحرية من باب توجيهه النقد أو تصفية الحسابات السياسية مع أية جهة سياسية سواء كانت رسمية أو فصائلية أو غيرها.
ومع كل ذلك فإن ردع هذه الظاهرة والتوافق الوطني على محاربتها وردعها لا يستقيم ولا يستوي إلاّ إذا نجحت القيادة الفلسطينية ليس فقط في تحويل هذه الظاهرة إلى ظاهرة منبوذة سياسياً واجتماعياً ومحاربة شعبياً وإنما ـ وربما هذا هو الأهم ـ وفّرت الإمكانيات المادية لشراء هذه الممتلكات قبل تسربها وتتبع كل ما يحيط بها من ملابسات وإشكالات وربما خفايا وأسرار.
دعونا نقلع عن الرومانسيات الشعبوية حول ملائكية شعبنا أو شيطنة بعض ضعاف النفوس من هذا الشعب، ودعونا ندقق على أسس علمية صارمة في الأساس الاقتصادي وربما الاجتماعي والثقافي للذين يستسهلون التسريب، ودعونا، أيضاً، نراقب كل الوسائل السهلة والصعبة لعمليات الاصطياد الإسرائيلي على هذا الصعيد، والوسائل الجهنمية التي تلجأ الأوساط الإسرائيلية المتخصصة في هذا المجال.. لكن دعونا قبل ذلك وأثناء ذلك وربما بعد ذلك أن نحدد المسؤولية ونوزع الأدوار وتقاسم المسؤوليات والمهمات.
مئات الشباب الفلسطيني الواعي والصادق والوطني حتى النخاع حذروا من كل ما أتيت عليه آنفاً، ومئات من هؤلاء الشباب يشعرون بمرارة ما يرونه يحدث أمام أعينهم وفي داخل ومحيط مدينتهم، دون أن نتحرك بالهمة الوطنية المطلوبة وبالمسؤولية العالية تجاه هذه المسألة الحساسة والخطيرة إلى أبعد حدود الحساسية والخطر.
وعلى الرغم من معرفتنا جميعاً بضيق الحال وشحّ الموارد، ورغم أن كبار الأغنياء الفلسطينيين حاولوا أن يقدموا بعض ما يمكن تقديمه في هذا الاطار، إلاّ أن تسرب الأملاك إلى إسرائيليين أكبر وأخطر من مجرّد مبادرة هنا وأخرى هناك، لأنها أكبر من ذلك وأخطر من ذلك. لا نريد أن نبالغ في حجم الظاهرة، ولست واثقاً فيما إذا كان يجوز لنا تسميتها بالظاهرة، ولكن ما جرى في سلوان ينذر بأن ثمة مفاجآت قادمة في الطريق.
لقد اعتدنا على ما يبدو أن نحلل وأن نشخص ولكننا قلما اعتدنا على وضع الحلول والخطط، ونادراً ما كنا ننتقل من دائرة الكلام إلى دائرة الفعل المباشر للمعالجة.
إن كل محاولات إسرائيل لاستغلال العوز الذي يعيشه جزء متزايد من شعبنا في المدينة المقدسة ومحيطها إنما هي مدعومة بالكامل من الحكومة الإسرائيلية، والموارد التي يتم رصدها رسمياً لهذه الأغراض هي جزء يسير من الموارد التي ترصد لهذه الأغراض من قبل المنظمات الصهيونية المتطرفة التي تنتشر في الغرب وفي بلدان مختلفة من العالم، فأين هي جاليتنا من هذا النوع من المجابهة والتصدي؟
لماذا ترصد إسرائيل وتحشد الموارد لشراء بضع مئات من الدونمات أو عشرات من المساكن في المدينة الصامدة في حين لا توجد مبادرات رسمية وشعبية منظمة لمواجهة ظاهرة التسريب.
يبقى أن نشير بهذا الصدد إلى أن كل عملية بيع أو تسريب للممتلكات الفلسطينية في واقع الصراع القائم هي عمليات تجري خارج نطاق القانون، وهناك ما يكفي في أعراف ونصوص القانون الدولي ما يُبطل قانوناً كل محاولات إسرائيل للتزوير والاحتيال والالتفاف التي تهدف إلى تكريس الإحلال والاستيطان والتطهير العرقي. وعلى المدى البعيد وربما المتوسط، أيضاً، سيحاكم كل من اشترك في التزوير والتسريب بما يؤثر على مجريات الصراع القائم على الأرض والمكان.
وكل من يتلطى بالعوز لتسريب الأملاك الفلسطينية لإسرائيل سيجد أمامه قائمة طويلة من التهم ما يستحق المحاسبة عليه طال الزمن أو قصر.