خبر : "داعش" : هل حقاً فشلت المخابرات الأميركية ؟! ...هاني حبيب

الأربعاء 01 أكتوبر 2014 01:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
"داعش" : هل حقاً فشلت المخابرات الأميركية ؟! ...هاني حبيب



قبل عامين تقريباً، صرح مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، جيمس كلابر بأن سقوط نظام الأسد بات وشيكاً، استلهم العديد من المحللين السياسيين هذا التصريح باعتبارات كلابر، المطلّ على دقائق المعلومات عبر أجهزة الاستخبارات المختلفة التي يرأسها كلها، ومن خلال أعمال التجسّس والتقنيات فائقة الذكاء، باعتبار كلابر هذا لا ينطق عن الهوى، بل عن معلومات تم تحليلها وصولاً إلى الخلاصة التي تشير إلى أن نظام الأسد في سورية قد بات على وشك السقوط، ليتبين بعد عامين، وربما أكثر أن نظام الأسد، رغم الضربات الموجعة التي يتلقاها ما زال صامداً وقادراً على الاستمرار بفضل ما تمتع به بشار الأسد من دهاء ومن قدرة على نسج التحالفات واستثمار تقاطعات ومصالح مختلف الأطراف، بل إن وضع النظام السوري بعد عامين من تصريح كلابر وأربعة أعوام تقريباً من اندلاع "ربيع دمشق" بات أكثر تماسكاً واستقراراً عما كانت عليه الأحوال في سنوات سابقة.
جيمس كلابر، رئيس الاستخبارات الوطنية الأميركية التي تضم، أيضاً، وكالة الاستخبارات الأميركية، صرح قبل أيام وتحديداً في منتصف أيلول هذا العام، من أن التحدي الذي يهدد مصالح أميركا والغرب، هو تنظيم القاعدة، وكالعادة استقى معظم المحللين السياسيين هذا التصريح للترويج لاحتمالات قيام حملة أميركية في مواجهة مع تنظيم القاعدة، وان تصريح كلابر، الذي لا ينطق عن الهوى، هو لتهيئة الرأي العام لحرب جديدة ضد من.. ضد تنظيم القاعدة".
بعد أيام قليلة، يتبين أن الحرب الأميركية، اتجهت نحو الحرب على الإرهاب من خلال الحرب على "داعش" وليس "القاعدة"، كما أفاد تصريح كلابر، ولم يمض وقت طويل، حتى حل الرئيس الأميركي أوباما هذا اللغز، عندها وفي حالة نادرة، اضطر إلى الاعتراف في 28 أيلول الماضي، وفي مقابلة تلفزيونية، أن رئيس أجهزة المخابرات الوطنية الأميركية أقر بأنهم لم يحسنوا تقدير تطور الأوضاع في سورية والتنبؤ بظهور "داعش" بكل هذا التنظيم والقوة، وفي المقابل، لم تحسن هذه الأجهزة تقدير قوة الجيش العراقي، وبالغت في قدراته.
وباختصار، فإن هذا الاعتراف، يشير إلى حقيقة ما كان لها أن تغيب يوماً، وهي ان هذه الأجهزة الاستخبارية، مهما تمتعت من قدرات، فإنها لا تصل دائما إلى حقائق الأمور، وان جمع المعلومات، لا يؤدي بالضرورة إلى حسن التصرف بها، ونقصد هنا أن الأهم من المعلومات هو القدرة على تحليلها، موقع الخلل الاستخباري الذي نحن بصدده، يتعلق ليس فقط بجمع المعلومات حول مدى قوة وقدرات تنظيم "داعش"، بل ـ وهو الأهم ـ إمكانية تمدد هذا التنظيم من "الرقة" في سورية، لكي يحتل شمال العراق في وقت محدود وبلا قتال تقريباً، التعرف على "الخطوة القادمة" هو جوهر العمل الاستخباري، من خلال استباق العدو بخطوة واحدة على الأقل للتصدي لخطوته اللاحقة، من هنا فإن القدرة على جمع المعلومات، ليست بالضرورة كافية لسبق الخصم أو العدو بخطوة واحدة على الأقل، في ظل عجز عن تحليل هذه المعلومات!
أسبوعان فقط بين تأكيد كلابر من أن "القاعدة" هي الخطر، وبين اعتراف أوباما، بأن الخطر يتمثل في "داعش".. لم يمض وقت طويل حتى يمكن أن يقال إن المعادلات والتقاطعات والمعلومات قد تغيرت، ما لم يتغير حقاً، هو فشل أجهزة الاستخبارات في تحليل ما توصلت إليه من معلومات!
والفشل بهذا السياق، لا يقتصر على الاستخبارات الأميركية، بل وأيضاً في الحرب الأميركية على الإرهاب وخاصة الحرب الدائرة الآن ضد "داعش" ومن خلال التحالف الذي تقوده واشنطن ضد هذا التنظيم في العراق وسورية، إذ من الملاحظ، أنه ورغم الضربات الجوية المتلاحقة من قبل الأميركان وبعض العرب لمواقع هذا التنظيم، إلاّ أن "داعش"، تزيد من تمددها على الأرض، وتحقق إنجازات عسكرية متزايدة، وباتت بعد العراق وسورية، تهدد تركيا، التي لم تنضم بعد إلى التحالف الأميركي (!) والغريب أن أميركا نشرت صوراً لبعض المواقع "المضروبة" تظهرها قبل وبعد توجيه الضربات الصاروخية إليها، ويمكن ملاحظة، أن هذه الضربات لم تكن حاسمة أو موجعة حقاً، بالمقارنة مع الضربات التي ألحقتها إسرائيل ببعض المواقع المدنية في قطاع غزة، وكأن هذه الضربات ـ كما يتبين من الصور والفيديوهات ـ مجرد ضربات صوتية ليس إلاّ، أو وكأنما، هذه الحرب على الإرهاب، لا يقصد بها حقاً، إبادة "داعش" بل نشر الفوضى في المنطقة، وتقسيمها بين "سنّة وشيعة" خاصة ونحن لسنا ببعيدين زمنياً عما حدث في استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، وهذا السكوت المعلن عن كل ما جرى هناك.
وربما أن اعتراف "أوباما" المشار إليه يهدف فيما يهدف إلى التأكيد على أن المعركة ضد "داعش" ستستمر طويلاً، نظراً لقوة وإمكانيات هذا التنظيم، وهو مبرر مسبق ـ ربما ـ لفشل هذه الحرب الأميركية على "داعش"، لأن الحرب ليست حرباً، بل أداة تحكّم في مستقبل الخارطة السياسية لهذه المنطقة من العالم!!
Hanihabib272@hotmail.com

هاني حبيب