خبر : فتح وحماس: تحالف لا مفر منه ...بقلم: شلومي الدار

الأربعاء 03 سبتمبر 2014 07:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
فتح وحماس: تحالف لا مفر منه ...بقلم: شلومي الدار






منذ البداية كان الأمر زواج "مصلحة"، العريس لم يشتهي عروسه، وهي أيضاً تبغضه، سنوات طويلة من العداء بين الاثنين غُفرت ونُسيت في لحظة ضائقة مشتركة واحدة؛ أبو مازن يائس من المسيرة السلمية التي انهارت ويخشى على الرئاسة، ومشعل يمسك بكل ما أوتي من قوة بحبل النجاة الذي قدمه خصمه من رام الله لغزة المخنوقة.
حكومة الوحدة الفلسطينية (حماس – فتح) سارت في طريق وعر زاخر بالألغام في 2 يونيو 2014، ولكن وقبل ان تكتمل مائة يوم من الفرحة كان واضحاً ان شهر العسل ليس هنا، حتى وان اعتقد طرف واحد على الأقل ان بالإمكان جسر الهوة الذي لا يبدو للعيان، اختطاف وقتل الشبان الثلاثة في غوش عتصيون (12 يونيو) من قبل حماس، وعملية "الجرف الصامد" في غزة، واكتشاف الشاباك الاسرائيلي ان حماس خططت انقلاباً على السلطة في رام الله؛ كل هذه الأمور فضحت قبل الأوان عمق الأزمة بين طرفي تحالف الزواج المصلحي، وبالرغم من ذلك فهما لا يستطيعان الافتراق، وهل يسير اثنان سوية ما لم يكونا على موعد؟
وفق اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقع بوساطة مصرية بين حماس واسرائيل في الـ 26 أغسطس، معابر الحدود مع غزة سيتم تشغيلها ومراقبتها بأيدي رجال السلطة الفلسطينية، وبدون أبو مازن فإن اتفاق المعابر كان سيبدو مختلفاً، ومن دون عملية "الجرف الصامد" فإن رجال أبو مازن ما كانوا ليحظوا على ما يبدو بموطئ قدم على أرض غزة رغم اتفاق المصالحة.
في الحوار الصعب الذي دار في قطر أثناء الحرب بين خالد مشعل وأبي مازن (21 أغسطس)، والذي نشرت تفاصيله هذا الأسبوع (1 سبتمبر) في صحيفة "الأخبار" اللبنانية، اشتكى رئيس السلطة لرئيس المكتب السياسي لحماس من أن حركته لا تتسلل فقط تحت السلطة الفلسطينية، وانما تحرض عليها رغم اتفاق المصالحة.
"أي حكومة وفاق؟ وزير الصحة وصل الى غزة فاعتدوا عليه حتى شارف على الهلاك" غضب عباس أمام الأمير القطري حمد بن خليفة الثاني الذي حضر الجلسة، وقصد أبو مازن زيارة جواد عوض وزير الصحة في حكومة التوافق الذي ذهب الى غزة أثناء عملية "الجرف الصامد" وهوجم من قبل عشرات الفلسطينيين، مرة أخرى يتضح ان أحداً من رجال عباس ان وصل الى غزة "مملكة حماس" فلن يكون آمناً، بل ويخاطر بحياته، أي وحدة هذه؟ وأي نوع من المصالحات؟
ووفق التقرير في "الأخبار" فقد التقى رئيس "الشاباك" الاسرائيلي أثناء الحرب على غزة أبا مازن، وتحدث أمامه عن أدق تفاصيل تخطيط حماس وتجهزها في الضفة والهدف مهاجمة رجال السلطة والسيطرة على الضفة الغربية.
الحقائق التي قدمها رئيس "الشاباك" لعباس كانت مدعمة دامغة، غير ان ورقة الطلاق بين فتح وحماس لم تُشهر، عملية "الجرف الصامد" كشفت فعلاً الفجوات الكبيرة بين السلطة الفلسطينية في الضفة وبين مملكة حماس في غزة، ولكن وبطريقة فارقة، فمع انتهاء القتال اشتد هذا التحالف وقوي عوده، التحالف الذي لا مفر منه قد تعزز.
حماس بحاجة لعباس ليراقب المعابر، أبو مازن من ناحيته متخوف من فك التحالف رغم انكشاف الوجه الحقيقي لحماس أمامه، وفي هذا اعتراف بأن لا فرصة لرجال فتح ان تحط أقدامهم أرض القطاع الذي طردوا منه بالقوة قبل حوالي سبع سنوات بدون هذا التحالف.
حكومة فتح وحماس التي يمسك بها الطرفان بكل قوة لتبقى حية، هي الأمر الوحيد الذي يمنح الأمل – وإن كان ضعيفاً – للوحدة الفلسطينية، فمن دونها الضفة وغزة كيانان منفردان، دولتان فلسطينيتان لشعبين متصارعين، ولعباس الذي خبر صراعات مرة في حياته فإن هذه الفكرة لا تطاق.
التحالف لا يعني فقط التوقيع على اتفاق المصالحة وتصريحات ودية مشتركة؛ فلدى حماس اليوم قوة عسكرية منظمة قوية وكبيرة أكثر بعشرات المرات من قوات أمن الرئيس عباس، وميزان القوى هذا في غير صالح السلطة، فقد لف عباس في السابق طرد قواته من غزة وفقدان سيطرته هناك وبشكل مذل، وحالياً فإن فارق القوة بين الطرفين بات أكبر، ويبدو ألا أحد في هذا العالم يستطيع مزج الجيشين وتحويلهما الى "الجيش الفلسطيني".
يتهم الفلسطينيون الاحتلال الاسرائيلي بالوقوف وراء كل ضوائقهم، وفي أحداث كثيرة على مدار السنين معهم الحق، الاحتلال الاسرائيلي للمناطق يقرر نظام حياتهم وطريقتها، ولكن القيادة السياسية الفلسطينية لا تستطيع ان تتملص من مسئوليتها وتنفض يديها وتتنصل من فشلها.
في الوسط يقبع سكان المناطق، لو لم تقع الحروب الداخلية التي حولت حياة الفلسطينيين الى جحيم؛ كان من الممكن أن تكون رؤية حل الدولتين لشعبين، الفلسطينيين والإسرائيليين، كان ليتحقق دون أن يأخذ مفهومه الجديد، دولتين لشعبين؛ ذلك القاطن في غزة والآخر في الضفة الغربية.

ترجمة: أطلس للدراسات