خبر : هل من حرب أخرى على غزة؟ ...بقلم: د.ناجى شراب

الجمعة 15 أغسطس 2014 12:43 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل من حرب أخرى على غزة؟ ...بقلم: د.ناجى شراب





إستوقفنى أحد المواطنيين في غزة والذين دمر منزلهم وفقد أسرته بسؤال غريب أصابنى بحالة من الذهول والصمت والعجز ، هل من حرب أخرى قادمه على غزة؟ وكان سؤالى لماذا هذا السؤال وهذه الحرب لم تنتهى بعد؟ اجاب إجابة نزلت كالصاعقة علي لأننى اريد أن أتزوج، وأجدد بناء أسرتى التي فقدتها ، وأخشى أن أنجب طفلا ، وما إن يصير عمره ثلاث أو أربع سنوت وتتجدد لحرب، ويقتل، وعنده أفقد ما تبقى لي من أمل في الحياة ، وأننى لم أعد قادرا على تحمل حزن فراق ألأهل وألأحباب.بعد لحظة من الصمت والعجز عن الإجابة قلت له لا بد أن تتزوج ، وتعيد بناء أسرتك، وتجدد الحياة الفلسطينية ، وهذا هو قدر الشعب الفلسطينى ، وهذا هو الإنتصار الحقيقى لهذا الشعب على مدار عقود طويلة من النضال والكفاح، وهو قدرته على الصمود والبقاء ، وقدرته على تجديد ذاته، وفشل إسرائيل رغم هذه الحروب المدمرة في كسر إرادة الحياة للفلسطينيين، وذهبت لأشجعه على الحياة وقلت له لو أننا سلمنا لهذا الخوف ما كان الشعب الفلسطينى بهذا العدد والتوالد الذاتى، وبهذه القدرة ، ولتحول إلى أقلية صغيرة ، وما كان لدينا شعب له هويته وسماته الوطنية ، وهذه هى القوة الحقيقية التي لن تستطيع أن تقتلعها ، وتستأصلها آلة الحرب الإسرائيلية مهما دمرت وقتلت.

هذا الشعب الذي ننتمى له جميعا ولنا أن نفتخر بهذا الإنتماء، رغم الحرب ، وصعوبات الحياة ، ورغم فقدان ألأهل والأحباب، هذا الشعب الذي اعاد بالحرب الأخيرة الكرامة الوطنية لكل ما هو عربى وإسلامى وإنسانى. وهذه الحقيقية السكانية السياسية الوطنية هى من فرضت وجودها كحقيقة وكينونة سياسية وحضارية وتاريخية ، لا مندوحة أمام إسرائيل إذا أرادت البقاء والأمن إلا أن تعترف بها وبحقوقها المشروعة ، وبحقها في قيام الدولة الفلسطينيةالكاملة .

ولعل من أغرب أسطورات هذا الشعب وهو مثل كل شعوب ألأرض يريد الحياة ، ويريد السلام والبناء ولا يريد الحرب ، ولا يريد إن يفقد ابنائه، لكن قدره السياسى أن يعيش تحت الإحتلال ، والحرب ، هذا الشعب باتت لديه قوة ومناعة لا توجد لأى شعب آخر في الجمع بين الأمرين القدرة علي الجمع بين الرغبة في الحياة ، والإستعداد للموت في سبيل أن يحيا حياة حرة كريمة إنسانية على أرضه، ، لا توجد لدى ألإسرائيليين الذين قد يكونوا حريصين على البقاء والحياة فقط لقلة عددهمأو لأساب اخرى ، اما الفلسطينيون فعلى العكس من ذلك ، وهنا تكمن قوة هذا الشعب ومصدر عطائه، قلت لهذا المواطن الشاب الذي بدت ترتسم على وجهه بعضا من قسمات التفاؤل في تجديد الحياة ، إن الشعب الفلسطينى والذى هو واحد منه يملك هذه القدرة ، وكم من أسر أبيدت بالكامل، وكم من فقدوا أسرهم، ولكنهم مصرون علي الحياة والبقاء، وبجرعة إيمانية دينية كامنة في قلب هذه الشخصية أجبته أننا لا نعيش على الغيب، والتمنى ، وإنما نعيش الواقع نفسه، نحيا من أجل الحياة والبناء حتى لو كان في العمر يوما واحدا. عندها أخذ بيدى وقال لي بصوت عال سأذهب وأتزوج لأجدد حياة أبى وأمى وأخى ، وسأنجب طالما في الحياة عمر. وبعد أن أنصرف ململما قوته ومسلحا بالأمل في الحياة وألإستمرارية التي هى الهدف من أجله خلق الله الإنسان وألأرض ليعمرها لا ليدمرها، ألأصل الحياة ، وألإستثناء هو القتل والحرب. وجدت نفسى فجأة أعيش في نفس هذا الخوف من حرب قادمة على أسرتى وأحفادى ، وفكرت للوهلة ألأولى وقررت أن احزم حقائبى وأذهب بهم بعيدا عن الحرب القادمة ، وقلت في نفسى إذا كانت هذه الحرب بهذا الدمار والقتل، فكيف الحرب القادمة ، التي ستكون بالتأكيد اشد إيلاما وقتلا ودمارا لنا جميعا. وهنا إستجمعت قواى وواهما نفسى بالشجاعة ، والحقيقة أن الخوف فطرة في النفس البشرية ، والكل يفكر في أطفاله وأحفاده.

وكان السؤال فعلا من حرب أخرى ؟ وتحت أى مسمى ؟ هل حر ب الحرير الكاملة ؟ وكيف وبأى طريقة سيتم التحرر الكاملة ؟ أدركت إن التحرير لن يكون بالحرب ، ولكن بالسلام فقط، هذا هو الطريق والخيار والبديل للحفاظ على حياة أطفالنا في المستقبل.وسأبقى رغم الحرب، ورغم أن هناك من قد يقلل أو قد يستهزأ من هذه الدعوة ، سأظل أرفع شار السلام بإعتبار ه الطريق الوحيد لبقائنا وبقاء أطفالنا ، وأطفالهم ، فالهدف الذي ينبغى أن نحرص عليه وهو الحياة والبناء والإعمار لن يتم بالحرب، لأن الحرب لن تحقق ألأهداف السياسية منها ، أليست هذه الحرب وقبلها حروبا كثيرة أثبتت فشل الحرب، لا يبقى إلا السلام ، وهنا تقع المسؤولية علي الجميع، وعلى المجتم الدولى ، وعلى ألأمم المتحدة أن يبذلوا الجهد من اجل إرساء السلام ، والبحث عن صيغة للتعايش،أعرف أن ما اقوله قد يكون سراب أو حلما وبعيدا عن الواقع في زمن الحرب، لكن افضل وقت للتفكير في السلام هو في زمن الحرب. علينا أن لا نجعل هناك حربا أخرى علي غزة ، وهذه دعوة لكل من يبحث عن الحياة والسلام، ولا يبحث عن الحرب والقتل والدمار. ولقد آن ألآوان يعيش الشعب الفلسطينى في سلام. فالقوة الحقيقية في السلام وليس في الحرب.
drnagish@gmail.com