خبر : وحيد عبدالمجيد: أخطاء «الإنقاذ» سهلت دفن 25 يناير.. وتحل ذكرى 30 يونيو وشباب الثورة بالسجون

الأحد 29 يونيو 2014 02:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
وحيد عبدالمجيد: أخطاء «الإنقاذ» سهلت دفن 25 يناير.. وتحل ذكرى 30 يونيو وشباب الثورة بالسجون



القاهرة سمافى 30 يونيو 2012 حلف الرئيس السابق محمد مرسى اليمين «مُكرها» أمام المحكمة الدستورية العليا، بعد فوزه فى أول انتخابات رئاسية حرة فى تاريخ مصر.

وفى 30 يونيو 2013 خرج ملايين المصريين رافضين استمراره فى الرئاسة، بعد صراع حاد أخذ فى التصاعد منذ تأسيس جبهة الإنقاذ الوطنى، 22 نوفمبر 2012، التى قادت النضال ضده وصولا إلى ذلك اليوم.

وفى 30 يونيو 2014 يقبع مئات من الشباب، الذين قاموا بأدوار رئيسية فى كل من 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، فى السجون التى تستقبل المزيد منهم تباعا، فيما تعانى أحزاب ومكونات جبهة الإنقاذ ــ التى تعتبر الصانع الرئيسى لثورة 30 يونيو ــ من التهميش، بعدما سُحب البساط من تحتها وانتقلت من قلب الحياة السياسية، حين كان أى اجتماع لها يتصدر المشهد المصرى ويحظى باهتمام دولى، إلى هوامشها.

كان الإحباط هو سيد الموقف فى مصر، عندما أصدر مرسى إعلانا «دستوريا» لتحصين قراراته من أى طعن قضائى عليها، وذهب بذلك إلى أقصى مدى يمكن أن يصل إليه رئيس حنث بوعوده وضرب عرض الحائط بتعهده بإقامة نظام جديد يقوم على شراكة وطنية لتحقيق أهداف الثورة، وسلم مصر إلى قيادة جماعة «الإخوان» التى أعماها الطمع فلم تدرك أنها تصعد إلى هاوية.

ولولا إعلان تأسيس جبهة الإنقاذ بعد ساعات قليلة على إصدار الإعلان «الدستورى»، لربما وقعت مصر فريسة لهذه الجماعة لفترة طويلة. غير أن تأسيس هذه الجبهة أعاد الأمل الذى كان يعنى، لدى من أسسوها، ارتباط إنقاذ مصر باستعادة ثورة 25 يناير ممن سرقوها، وصعدوا إلى السلطة عليها، وليس بالإجهاز عليها عبر تشويهها على النحو الذى حدث بين 30 يونيو 2013 و 30 يونيو 2014.

كان تأسيس جبهة الإنقاذ نجاحا استثنائيا للأحزاب والقوى الوطنية الديمقراطية فى مصر، فلم يشهد تاريخ الحياة الحزبية تجربة مماثلة لتأسيس جبهة عريضة بهذا الحجم، والحفاظ على تماسكها رغم الخلافات بين مكوناتها، والنجاح فى قيادة حركة شعبية أخذت تتنامى حتى تحولت إلى موجة ثورية فى 30 يونيو.

غير أن هذه الجبهة التى نجحت فى مواجهة نظام «الإخوان»، وقامت بالدور الرئيسى فى إسقاطه فشلت فى القيام بدورها الأكثر أهمية، وهو ضمان أن تكون 30 يونيو استعادة لثورة 25 يناير وتصحيحا لمسارها.

فما أن أُسقط ذلك النظام، حتى انسحبت أحزاب وقوى الجبهة من المشهد تدريجيا وتركت الساحة خالية أمام قوى أخرى شاركت فى ثورة 30 يونيو سعيا لدفن ثورة 25 يناير، وليس لتصحيح مسارها. فقد كان المشاركون فى 30 يونيو من مشارب مختلفة ومتناقضة لم يجمعهم إلا مواجهة نظام «الإخوان».

ولكن أعداء ثورة 25 يناير بينهم كانوا أبعد نظرا من أنصارها فى جبهة الإنقاذ، الذين ظن كثير منهم أن دورها انتهى فى الوقت الذى كان مفترضا أن ينتقل إلى مرحلة أكثر أهمية.

ولم يكن ممكنا للهجمة على 25 يناير، والتى يبدو أصحابها فى أوج قوتهم الآن، أن تحقق ما نجحت فيه رغم كل ضراوتها لو أن جبهة الإنقاذ واصلت دورها، وانتقلت به إلى المرحلة الأكثر أهمية.

غير أن الأخطاء الكبيرة المتوالية التى ارتكبها كثير من أعضاء هذه الجبهة سهّلت تماما مهمة من سعوا إلى سحب البساط من تحت أقدامهم، تمهيدا لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير. ولا يتسع المجال لتعداد الأخطاء الكبيرة والمتوالية التى ارتكبها كثير من أعضاء جبهة الإنقاذ انطلاقا من الخطأ التأسيسى وهو الاعتقاد فى أن مهمتها انتهت.

كان الخطأ الأول هو القرار الذى اتخذته فى يوم 27 يونيو 2013 بتعيين د. محمد البرادعى ممثلا وحيدا لها فى أى مفاوضات تُجرى، فى الوقت الذى كان كثير من أعضائها يعرفون قلة خبرته السياسية ومحدودية صبره رغم عظيم إيمانه بالثورة وأهدافها.

وترتب على ذلك خطئين كبيرين ارتكبهما البرادعى: أولهما أنه لم يتشاور مع أعضاء الجبهة خلال الاتصالات التى قادت إلى إعلان 3 يوليو، وانفرد بالتعبير عن موقفها، ووافق على تهميش موقعها لحظة إصدار هذا الإعلان، والتى لم يكن ممكنا الوصول إليها بدون نضال الجبهة الطويل.

وواصل البرادعى انفراده بالتصرف خلال عملية تشكيل الحكومة، وفى الاتصالات والمباحثات التى استهدفت إيجاد حل لأزمة اعتصامى «رابعة» و«النهضة» قبل فضهما. وحتى من طلب مساعدتهم، لم يستمع إليهم.

وجاء الخطأ الأكبر عندما قدم استقالته فى لحظة شديدة الحرج دون أى تقدير لتأثيرها على القوى الوطنية الديمقراطية كلها، بما فيها مكونات جبهة الإنقاذ. فكانت استقالته طعنة قاتلة لهذه القوى لأنها أظهرتها عاجزة عن تحمل المسئولية، وأتاحت فرصة ذهبية لأعدائها الذين كانوا يشحذون سكاكينهم للإجهاز على ثورة 25 يناير.

وتزامن ذلك مع تخبط كثير من الوزراء المنتمين إلى الجبهة وتيارها الوطنى الديمقراطى فى حكومة الببلاوى. فكانت مشاركتهم فيها خطأ عظيما آخر نبه إليه بعض أعضاء الجبهة، محذرين من أن هؤلاء الوزراء سيكونون صيدا سهلا هم والقوى الديمقراطية التى ينتمون إليها.

كما ساهمت بعض أحزاب الجبهة فى إضعافها وإنهاء دورها عندما تغلب عداؤها ضد «الإخوان» على إيمانها بالحرية والديمقراطية بل حتى على حرصها على نفسها، فقد تواطأت مع انتهاكات ــ كان ممكنا وضع حد لها فى بدايتها ــ حتى عندما طالت شبابا من أعضائها، وليس فقط من قوى وحركات مدنية أخرى.

ولهذا كله، وغيره كثير لا يتسع المجال له الآن، فشلت كل محاولات إحياء جبهة الإنقاذ رغم جهود متواصلة بذلها بعض أعضائها ثم توقفت عقب اخفاق المحاولة التى أفضت إلى اجتماع أخير بدا مبشرا حين عقد فى الأول من فبراير 2014 بحزب الوفد.

غير أن المواقف الفعلية لبعض أعضاء الجبهة فى الأيام التالية أظهرت أن ما اتُفق عليه فى ذلك الاجتماع وهو إحياء الجبهة من أجل حماية المسار الديمقراطى لم يكن إلا حبرا على ورق.