خبر : حان الوقت لتستيقظي يا أوروبا \ بقلم: بوعز بسموت \ اسرائيل اليوم

الإثنين 26 مايو 2014 02:08 م / بتوقيت القدس +2GMT



          يبلغ يهود بلجيكا 0.3 بالمئة من عدد سكانها. ولا يحتاج منفذو العمليات الى أكثر من هذا لجعل بلجيكا هدفا ارهابيا مفضلا. كانت العملية الاولى في فصح 1979 حينما هاجم ثلاثة مخربين فلسطينيين مطار زبنتام في بروكسل. وكانت الاخيرة أول أمس في المتحف اليهودي في مركز بروكسل. ووقعت كثيرات اخرى بين هاتين العمليتين الفظيعتين. وهو ما يثير الخشية من أن العملية في أول أمس لم تكن هي الاخيرة. فقد اصبحت بلجيكا خاصة واوروبا عامة (مرة اخرى) مكانا غير آمن لليهود.

          يجب على بلجيكا – ومعها اوروبا كلها – أن تحاسب نفسها لترى كيف مكّنت القارة التي وقعت فيها قبل سبعين سنة واحدة من أفظع الاحداث في تاريخ البشر، كيف مكّنت معاداة السامية من أن تُنبت جناحين مرة اخرى؛ إما باسم الاسلام المتطرف وإما باسم اليمين المتطرف المريض. وهذا ميتة وذاك أكيلة سبع. وأصبح اليهودي يجد نفسه بين المطرقة والسندان.

          حبذا وجود اسرائيل لكن اسرائيل هي السبب ايضا. إن معاداة الصهيونية تمنح معاداة السامية الحديثة الشرعية اليوم وليس هذا شيئا جديدا. وقد ازدادت هذه الظاهرة زخما في اثناء الانتفاضة الثانية بين 2000 و2004. وذكرتنا عملية أول أمس في بروكسل والهجوم على الأخوين اليهوديين الشابين في أطراف باريس حينما كانا متجهين الى صلاة المغرب، ذكرتنا مرة اخرى بأن زيارة مؤسسة يهودية – الكنيس أو المتحف – شيء خطير لسبب ما. وهذا فظيع.

          سُجل في 2013 في بلجيكا 88 شكوى على خلفية معاداة السامية. فالحديث عن زيادة قياسا بسنة 2011 (62) و2010 (57). وذلك في دولة يعيش فيها في الحاصل العام 34 ألف يهودي. وينبغي أن نعتقد أنه وقعت حوادث كثيرة اخرى لم يسجلها الاحصاء ألبتة.

          وفي فرنسا حيث توجد المجموعة اليهودية الكبرى وقعت حوادث اكثر. فقد وقعت 614 حادثة بسبب معاداة السامية في فرنسا في 2012 قياسا بـ 389 حادثة قبل ذلك بسنة. ومعاداة السامية في فرنسا ايضا في ازدياد. فيجب ألا نفاجأ حينما نسمع الحديث بالفرنسية كثيرا في شوارع اسرائيل.

          اصبحت بلجيكا في السنوات الاخيرة شديدة الانتقاد لاسرائيل. وهي لا تختلف اختلافا مميزا عن اكثر دول الاتحاد الاوروبي. فاسرائيل تُرى في الصراع الاسرائيلي أنها معتدية ومحتلة ومضطهدة. ووسائل الاعلام الاوروبية ايضا غير متوازنة في علاجها للصراع، هذا اذا لم نشأ المبالغة. وماذا عن اسرائيل؟ إنها "دولة فصل عنصري". فهل أجهد أحد ما منهم نفسه ليفحص كيف يعالج أعداؤنا في المستشفيات الاسرائيلية؟.

          ما العجب من أن اصبح محمد مراح الارهابي الفرنسي الشاب من اصل جزائري الذي قتل ثلاثة اولاد يهود ومعلما في مدرسة "أوتسار هتوراة" في طولوز في 2012، اصبح بطلا وحفز الى اعمال اخرى بسبب معاداة السامية. وقد اصبح مراح عند الشباب الاوروبيين الذين يعودون من الجهاد: من افغانستان أمس ومن سوريا اليوم، اصبح بطلا واصبح اليهودي هدفا.

          يجب على حكومات اوروبا أن تستيقظ وقد أخذت الجماعات المسلمة في القارة تزداد عددا. وليس كل المسلمين ناسا عنيفين بل تريد اكثريتهم الكبرى العيش في كرامة وتربية أبنائهم جيدا. لكن ماذا نفعل اذا كان ينشأ من بين تلك الجماعات التي أخذت تكبر، في كل يوم اشخاص جدد على شاكلة محمد مراح. قد يكون أحد هؤلاء مسؤولا عن القتل في بلجيكا. بل إن منفذ العملية في بروكسل استطاع مثل محمد مراح التحقق من القتل ببرود اعصاب كي لا يبقى يهودي حياً، لا سمح الله.

          صدر قبل بضع سنوات في فرنسا كتاب عنوانه "هل يحل انتقاد اسرائيل؟". وذلك يحل بيقين. لكن لا أحد يمنع ذلك الانتقاد من أن يكون متزنا ايضا.

          يجب على حكومات اوروبا أن تستيقظ لأن للانتقاد غير المضبوط احيانا على اسرائيل ثمنا ايضا؛ ثمنا باهظا. صحيح أن من المغري ارضاء الجماعة المسلمة الكبيرة، لكن الحساب الانتخابي خطأ في هذه الحال. كانت معاداة السامية موجودة دائما وستوجد دائما، غير أن الاسباب تتغير. واسرائيل الآن هي السبب. يجب على حكومات اوروبا أن تكافح هذه الظاهرة وألا تصب الزيت على النار. فعرض اسرائيل على أنها شيطان يرتد على اوروبا مثل عصا مرتدة. والشيطان الحقيقي يحيا بينهم.