القاهرة / وكالات / قرر المستشار أحمد سليمان، آخر وزراء العدل في عهد الرئيس محمد مرسي، الخروج عن صمته، والكشف عن تفاصيل ومفاجأت جديدة بشأن كواليس المرحلة التي سبقت الثالث من يوليو/ تموز الماضي، وأكد أنه قبل الثلاثين من يونيو/ ، وخلال توليه وزارة العدل، بعث بخطاب رسمي إلى مرسي، يشكو فيه من تواطؤ أجهزة سيادية وامتناعها عن تقديم معلومات وأدلة تدين رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو ما أدى إلى حصول معظمهم على أحكام بالبراءة.
واضاف أن القضاة كافة، الذين يصدرون أحكاماً مجحفة ضد الرافضين للانقلاب في الوقت الراهن، وفي مقدمتهم قاضي جنايات المنيا المعروف بـ”قاضي الإعدامات”، ارتكبوا جرائم جنائية ودستورية “لا تسقط بالتقادم”.
منذ اليوم الأول لحكم مرسي، رفضت الأجهزة التنفيذية التعاون معه، والوزارات كانت تعطيه بيانات وتحريات وأرقاماً مغلوطة وهذا جزء من نص الحوار:
◄هل واجه مرسي مثل هذا الدور السياسي للقضاة بخلاف قانون خفض سن تقاعدهم؟
* المشاكل كانت معقدة، وأخطرها كان السعي لإفشاله، فمنذ البداية، وحتى قبل أن يبدأ وأثناء جولة الإعادة بينه وبين أحمد شفيق، طالبوه بأن يتنازل لصالح حمدين صباحي، وهناك حقيقة ظهرت بعد ذلك، تفيد بأن الرغبة كانت في إقصاء تيار الإسلام السياسي عن الحكم، وهذا الكلام قاله الكثيرون وفي مقدمتهم وزير الخارجية الحالي نبيل فهمي.
◄ كيف تقيّم الوضع الآن؟
* عام حكم مرسي، كان عام كل المصريين في اعتقادي، ولن يروا مثله مرة أخرى خصوصاً في مجال الحريات.
فالدكتور مرسي كان يتعرّض للسب والشتم في وسائل الإعلام على مدى 24 ساعة يومياً. في المقابل أول خطوة للانقلاب كانت إغلاق القنوات ومصادرة حرية الإعلام حتى الآن، والتضييق على الصحف، وكل يوم يتم منع كاتب صحافي من الكتابة. الآن أجهزة الدولة لا تتحمل فتاة تحمل شعار رابعة، كما أن التقرير الخاص بـ”المجلس القومي لحقوق الإنسان” بشأن الانتهاكات التي وقعت عقب الثالث من يوليو الماضي، وعلى الرغم من أنه مجلس حكومي وديكوري، إلا أنه وضع تقريراً استاء فيه ممّا جرى، لأن ما حدث يفوق الخيال، فهناك توسّع رهيب في السجن الاحتياطي من دون ضوابط، وتجديد الحبس للمتهمين من دون عرضهم على النيابة، وعدم معرفة أماكن بعض المعتقلين، ووجود كثير من الأطفال والنساء بين المعتقلين.
كذلك المحاكمات؛ فعلى سبيل المثال، أحال قاضي جنايات المنيا 683 متهماً وبعدها 529 للمفتي، من الجلسة الأولى في القضية من دون أي اعتبار للإجراءات القضائية، فالمحاكمة تعني عرض أدلة الاتهام على المتهمين ليبدي كل منهم دفاعه ورأيه بشأن الدليل، ويتم سماع شهادة شهود الإثبات والنفي، ثم يتم فض الأحراز، ويُعطى كل متهم فرصة كاملة للدفاع. الإخلال بحق الدفاع جريمة بحسب الدستور الحالي والسابق، ولا تسقط بالتقادم، أي أن القضاة الذين أصدروا هذه الأحكام، ارتكبوا جريمة وفقاً للمادة 99 من الدستور الحالي، وهي جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، ومع هذا، نجد وزارة العدل تحتضن هؤلاء القضاة وتدافع عنهم، وتقول إنه لا يجوز التعليق على الأحكام. ”
◄ ما مصير قضاة “تيار الاستقلال” في ظل ملاحقتهم من السلطة الحالية؟
* لا شك أن القضاء المصري يمر بأسوأ فتراته، وهناك دلائل كثيرة على ذلك، أهمها الإخلال بمبدأ المساواة في التعامل مع القضاة؛ ففي الوقت الذي يُنَكّل فيه بقضاة معارضين للنظام الحالي، فتح رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند، ومعه محمد عبد الرازق، ومحمد عبد الهادي، أبواب “نادي القضاة” لحركة “تمرد”، لتوقيع استمارات انضمام القضاة إلى الحركة في سابقة لم تحدث في تاريخ القضاء المصري نهائياً، ما يعدّ اشتغالاً صريحاً بالسياسة.
كما انضموا للحركة في ميدان التحرير، وهناك مقاطع فيديو لهم بالصوت والصورة، وقدمت ضدهم العديد من البلاغات، ومنها قبل 30 يونيو/ حزيران، ولم يتحرك “مجلس القضاء الأعلى”، بينما “قضاة تيار الاستقلال”، بمجرد صدور بيانهم الذي أذيع من شارع الطيران في القرب من ميدان رابعة العدوية، انهالت الإجراءات في لحظتها، واجتمع النادي في اليوم ذاته، وقرر شطب عضوية القضاة خلافاً للائحة التي لا تجيز هذا الشطب.
◄ بعد الفترة التي كنت فيها في وزارة العدل، هل بالفعل تيقّنت أن هناك “دولة عميقة” تعمّدت إفشال مرسي؟
* بدأ التخطيط لإفشال مرسي منذ اليوم الأول لدخوله القصر، ورفضت الأجهزة التنفيذية التعاون معه، والوزارات كانت تعطيه بيانات وتحريات وأرقاماً مغلوطة، كما أن وزير الداخلية محمد إبراهيم، قال بعد 30 يونيو/ حزيران، إنهم أعادوا عمل “جهاز أمن الدولة” من دون علم الرئاسة، كذلك “جهاز الكسب غير المشروع” رفض التعامل معه.
هناك بالفعل “دولة عميقة”، وهذا يوضح مدى خطورة الدور الذي لعبه “نادي القضاة” بقيادة المستشار الزند، والذي قال صراحة سأشتغل بالسياسة، وطالب القضاة بالاشتغال بالسياسة، على الرغم من أنه محظور على القضاة، ولكن كان لصالح الدولة العميقة، فلم يكن فقط ضد “الإخوان المسلمين” وإنما لصالح نظام مبارك، ومنذ شهرين أرسل الزند لمبارك برقية تحية وثناء وهو في السجن وقيد المحاكمة. كان الهدف إقصاء تيار الإسلام السياسي، باعتراف وزير الخارجية الحالي نبيل فهمي


