خبر : دعوة إلى تكثيف الجهود اللغوية في ظل الثورة المعلوماتية

الإثنين 24 فبراير 2014 01:06 م / بتوقيت القدس +2GMT



غزة / سما / نظم مركز اللغات بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية يوما دراسيا بعنوان تعريب العلوم الواقع والمأمول، والذي يأتي ضمن فعاليات اليوم العالمي للغة الأم، وذلك بحضور ومشاركة كل من الأستاذ الدكتور رفعت رستم رئيس الكلية، الأستاذ الدكتور يوسف رزقة رئيس مجمع اللغة العربية بغزة، الدكتور بسام مهرة رئيس اللجنة التحضيرية، السيد محمود جلمبو رئيس مركز اللغات، إضافة إلى نخبة من الأكاديميين والمختصين ولفيف من المهتمين ومدرسي اللغة العربية في عدد من المؤسسات الأكاديمية وجمع من الطلبة.

وفي بداية اللقاء رحب الأستاذ الدكتور رفعت رستم بالحضور، وأكد أن الكلية الجامعية أدركت أهمية اللغة العربية كلغة تواصل وتخاطب وإبراز للذات وبناء للمهارات، كما كانت المبادرة في تقديم نموذجا جديدة لمفهوم تعريب العلوم ليس فقط بترجمتها، بل بنقل العلوم بمفهوم جديد يوصل للقارئ كافة المفاهيم التي نسعى أن تكون مقبولة ومعرفة لدى طلبتنا وقراءنا.

وقال رستم أن الكلية نجحت عبر مشروع تعريب العلوم الذي تنفذه بتمويل من دول مجلس التعاون وبإشراف البنك الإسلامي للتنمية في تعريب 10 مؤلفات في موضوعات مختلفة في الإدارة والقانون والعلوم، وذلك باستشعار المتطلبات اللازمة للترجمة وتوحيد المصطلحات العلمية، وهو ما يتطلب جهدا كبيرا من فريق العاملين الذي يجمع نخبة من الخبراء والمختصين.

من جانبه هنأ الأستاذ الدكتور يوسف رزقة الكلية الجامعية على تناولها هذا الموضوع المتميز وطرحه على مائدة البحث والدراسة بمشاركة أساطين اللغة العربية وكوكبة من الخبراء والمختصين، مبينا أن التعريب يمثل قضية لغوية قديمة، وأن الكلية الجامعية نجحت بجهدها المتميز ودورها الريادي في تعريب مناهج العلوم المختلفة التي تدرس في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية باللغات المختلفة.

وأفاد رزقة أن الدراسات أثبتت أن دراسة العلوم المختلفة باللغة العربية أفضل بكثير من دراستها باللغة الأجنبية، وهو لا ينفي ضرورة اتقان الطلبة للغات أجنبية أخرى مثل الإنجليزية والفرنسية، خاصة وأن الدول المنتجة للمعرفة والحضارة والثقافات والعلوم المختلفة هي بالأساس دولا أجنبية ولا بد من اتقان لغاتها للاستفادة من الثورات المعرفية والتقديم الكبير الذي تعيشه وتنقله للإنسانية في مختلف أنحاء العالم.

وفي كلمة رئيس اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي، ذكر الدكتور بسام مهرة أن تعريب العلوم عملية متكاملة من تأليف وترجمة للمناهج العلمية والدراسية في الجامعات، مشددا على أن التعريب لا يعني اهمال اللغات الأخرى غير العربية، بل يجب التركيز عليها لتعزيز وعي الطلبة وإكسابهم المعرفة العلمية في مختلف العلوم، ودعا في ذات الوقت كافة المشاركين إلى الخروج بتوصيات قابلة للتطبيق ليتم رفعها إلى جهات الاختصاص للعمل بها.

ومع انطلاق وقائع اليوم الدراسي، قال الدكتور إبراهيم أحمد شيخ العيد من جامعة الأقصى أن قضية التعريب إلى اللغة العربية من اللغات الأخرى وجدت منذ العصر الجاهليّ في بعض الألفاظ غير العربية، وهو ما أدى إلى انتشار الألفاظ الدخيلة في المجتمع المدني أكثر منه في البوادي؛ لتمسّكهم بسليقتهم، وبمجيء الإسلام عرّب العلماءُ بعض الألفاظ لتوافقَ لغتَهم؛ إما بتغيير وزنها أو حروفها، واختلف التعريب عندهم من تعريب اللفظ وتعريب النصّ، وأصدرت مجامع اللغة العربية قرارات حول التعريب، ومنهم من نادى بتعريب التعليم بأشكاله، ورأَوا أنه يدور حول الأستاذ والطالب والكتاب، وقد وجد التعريب عند القدماء والمحدثين.

من جانب آخر تحدث الدكتور علي الخطيب مساعد النائب الأكاديمي في الكلية عن المعيقات والمشاكل الرئيسية التي تواجه عملية تعريب العلوم، وعدد أشكال الفوضى المصطلحية الناشئة عن غياب التنسيق بين مراكز التعريب، ومنها التعددية المصطلحية، وازدواجية المصطلحات، وضبابية المصطلح، وخلو معظم المعاجم اللغوية من التعاريف التي توضح دلالة ألفاظها في الاختصارات العلمية والطبية، إضافة إلى صعوبة المصطلح العربي أو عدم استساغته مثل تفضيل كلمة البنكرياس على المعتكلة.

وخلال مشاركته استعرض الدكتور محمد البع من الجامعة الإسلامية دور المجمع اللغوي في القاهرة في تعريب العلوم والمصطلحات الأدبية والعملية ومواكبته للوسائل التكنولوجية الحديثة، من خلال تسليط الضوء على التعريب وأهميته ودور المجمع فيه، والكشف عن نماذج من المصطلحات العلمية المعربة في الفترة السابقة، ومدى تماشي هذه الجهود مع دور المجمع وأهمية اللغة العربية، وقدرتها على مواكبة الوسائل التكنولوجية الحديثة والمتلاحقة.

وحول أهم الحلول الممكنة في تعريب العلوم، اقترح الدكتور حسين العايدي من جامعة الأقصى أن يتم تنظيم الاتصال بين المجامع اللغوية العلمية العربية وتنسيق جهودها، والعمل على توحيد المصطلحات العلمية والفنية والحضارية العربية ونشرها، وتفرغ أعضاء هيئة التدريس المعنيين بالتعريب، وضع قواعد بيانات بأسماء المهتمين بتعريب العلوم في الجامعات العربية، وإنشاء رابطة بينهم، وتأسيس علاقة وطيدة بين الأكاديميين المنخرطين بتعريب العلوم ومجامع اللغة العربية، إضافة إلى إنشاء أكاديميات عربية مهتمة بشؤون التعريب يكون من مهامها عقد دورات تدريبية منتظمة.

من ناحية أخرى تحدث الدكتور إبراهيم بخيت عن وسائل اللغة العربية في التوسع اللغوي وبيان أهميتها في مواكبة اللغة لحضارة العصر وتتمثل في النحت، الاشتقاق والإدخال والتعريب والنقل المجازي حيث منها القديم والحديث، وأشار إلى مدى أهمية اللغة العربية استعمالاً ومضموناً في تيسيرها على المتعلمين والناطقين من أبناءها وغيرهم، ومدى انخراط اللغة ومواكبتها للحضارات عبر الأزمان فهي لغة حية بفضل القرآن الكريم وتعهد الله بحفظها.

وعن أثر بنوك المصطلحات العربية في تعريب العلوم الحديثة، بين الأستاذ حسين دراوشة ماهية بنوك المصطلحات وأنواعها، وطريقة معالجتها للمصطلحات العلمية الأجنبية والمستجدة في العلوم الحديثة، وتوضيح إنجازاتها وجهودها العلمية في تعريب مصطلحات العلوم الحديثة بشتى ألوانها المتعددة، مع الكشف عن دور الحاسوب في دعم بنوك المصطلحات، والتركيز على بيان دور هذه البنوك في التعريب وانعكاس ذلك على اللغة العربية وديمومتها.

وخرج المشاركون في اليوم الدراسي بمجموعة من التوصيات، في مقدمتها ضرورة تكثيف الجهود اللغوية في ظل الثورة المعلوماتية، وأن يتم ترجمة الألفاظ على منهاج العرب في النطق والوزن، والتركيز على العلاقة الوطيدة بين المصطلح والترجمة والتعريب؛ لأن التعريب يتحقق وينهض بالمصطلح والترجمة، فيمهدان الطريق للتأليف العلمي بالعربية، والبحث المتصف بالابتكار والإبداع، وهذا يؤدي إلى نمو اللغة العربية.

ودعا الباحثون إلى العمل على حل ازدواجية المصطلح بين البلدان العربية، وعدم تحديد معنى موحد له، ويتضمن ذلك توضيح دلالة ألفاظ المصطلح وخاصة العلمية والطبية، وإعداد كشافات وفهارس للمصطلحات العلمية في المؤسسات التعليمية وخصوصا مؤسسات التعليم العالي، فضلا عن إعداد نشرات لغوية دورية بالندوات والمؤتمرات وورش العمل والأيام الدراسية والاجتماعات واللقاءات التي تعقد من أجل المصطلحات العلمية الحديثة.

وأكد المشاركون على أهمية قيام الجهات الرسمية بوضع خطة طويلة الأمد لترجمة الكتب والأبحاث المتخصصة، تُحدد فيها قائمة بالكتب المطلوب ترجمتها في التخصصات المختلفة في مدة زمنية محددة، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى، والتعرف على الآليات التي تستخدمها في ترجمة الأبحاث والمصطلحات وطرق المحافظة على اللغة القومية، ومبادرة المؤسسات المعنية بالترجمة عند التوصل إلى مصطلحات موحدة إلى نشر هذه المصطلحات في مطبوعات أو نشرات تصل إلى خاصة الناس وعامتهم.

وفي اختتام اليوم الدراسي تم تكريم أعضاء اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي وأعضاء اللجنة العلمية والباحثين والمشاركين بأوراق العمل والتقاط الصور التذكارية لهم.