خبر : نتنياهو ومحاولة "مسخ" الذاكرة الفلسطينية ...بقلم : عبد الناصر النجار

الأحد 05 يناير 2014 07:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT
نتنياهو ومحاولة "مسخ" الذاكرة الفلسطينية ...بقلم : عبد الناصر النجار



رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الأكثر تطرفاً وعنصرية على مدار العقود الماضية، يحاول قذف الفلسطينيين بحجارة وبيتُه من زجاج أرخص بكثير مما يتوقع.

نتنياهو يُصعّد هجمته على شخص الرئيس محمود عباس، فيعلن أنه لا يوجد شريك فلسطيني، فتارةً يصبُّ جام غضبه بحجة عدم استنكار الرئيس "أبو مازن" لعمليات إرهابية، وتارةً تصل حالة الهيجان السياسي والتصريحات المملة التي يطلقها الى حد وصف لقاء أبو مازن مع الأسرى المحرّرين بأنه دعم للإرهابيين و"للقتلة الملطخة أيديهم بالدماء"...
نحن لا نعرف عن أيّ دماء يتحدث نتنياهو؟!! هل يتحدث عن الدماء الإسرائيلية، متناسياً عشرات آلاف الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا بأيدي الإسرائيليين من كل الفئات ... ابتداءً من العمليات الإرهابية التي نفذتها عصابات القتل الصهيونية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ومروراً بالمجازر التي ارتكبت بحق الأطفال والنساء والشيوخ في العام 1948 وعلى رأسها "دير ياسين"، وبشهادات إسرائيلية، وليس انتهاءً بالمجازر التي تلت ذلك ومنها مجزرة كفر قاسم .. ومجزرة قبية والسموع ...
وفي العام 1967، هل يذكر نتنياهو ما حصل في سيناء باعتراف الضباط الإسرائيليين الذين قاموا بجمع الأسرى المصريين من عسكريين وغيرهم وتركوهم مقيّدين تحت أشعة الشمس حتى ماتوا عطشاً .. وبعضهم أُطلق الرصاص على رأسه (كما نشرت ذلك الصحافة الإسرائيلية) ...إنه لا يذكر ذلك.
هل نسي نتنياهو مذبحة مدرسة بحر البقر المصرية التي ارتكبتها قواته بحق الأطفال؟ ...
إذا لم تسعفه الذاكرة، أيضاً، فإننا نحاول إنعاشَها له من خلال المجزرة التي شاركت فيها قواتُه في مخيمي صبرا وشاتيلا وقرى جنوب لبنان، أم هل نسي شهداء عائلة ابو جامع وعملية الباص 300 الذين اغتالتهم قواته بعد أسرهم، وفضحت الجريمة صحيفة "حداشوت" الإسرائيلية بعد ذلك؟... وماذا عن تصفية مَن تسمّيهم أجهزة مخابراته بالمطلوبين، وهناك شهاداتٌ حقوقية حول ذلك؟ ...
بمعنى آخر، على نتنياهو أن يتمهّل كثيراً قبل أن يصف الأسرى المحرّرين بالقتلة ... ما الذي أجبرهم على دخول المعتقلات الإسرائيلية؟ أليس حقهم في المقاومة الذي تكفله كل الشرائع الدولية والإنسانية والأخلاقية؟... أم أن نتنياهو، أيضاً، لا يعترف بوجود الاحتلال؟... ولا يعترف أن دولته هي آخر احتلال في هذا العالم؟ وبالتالي الهجمة الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو اليوم، تأتي بعد هجمة مماثلة قادها وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان... وتهدف بالأساس إلى محاولة خلط الأوراق... وإيجاد آليات ضغط ترهيبية باتجاه القيادة الفلسطينية وخاصةً الرئيس، لأن موقفه واضح بالنسبة لكل العملية السياسية، وهو: الحقوق الفلسطينية الكاملة مقابل السلام الدائم والعادل... هذه المعادلة البسيطة، كيف يمكن لنتنياهو وقيادته العنصرية الإيمان بها؟؟! ... أم أن إيمانهم ما زال مقتصراً على مفهوم يهودية الدولة وأرض الميعاد والأجداد، والحق الإلهي... وكأنّ الله لم يخلق إلاّ شعبهم !!!
من السهل على نتنياهو أن يجمع ويُحرّض الغوغائية الاستيطانية، والعصابات التي تقطّع الأشجار وتُدمّر المزارع، وتخط شعاراتها العنصرية على المساجد والكنائس، وتُسمِّم المواشي... ولكن ليس من السهل عليه بالمطلق (رغم محاولاته المستميتة) مسخَ الذاكرة الفلسطينية أو تشويشَها. سيظلّ الشعب الفلسطيني مقتنعاً ومقدّراً لشهدائه وأسراه القابعين في سجون نتنياهو.
القضيةُ هي تشويشٌ سياسي رخيص في ظل دخول المفاوضات إلى أخطر مراحلها... ولكن كل هذه الضغوط لن تثنيَ القيادة الفلسطينية ومن خلفها الشعب الفلسطيني عن التمسك بموقفهم: إما سلامٌ عادل ودائم وحقيقي يُلبّي الحقوق الفلسطينية المشروعة أو أن يتحمّل الاحتلال مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع في المستقبل.

abnajjarquds@gmail.com