اعتبرت أغلبية فلسطينية العام المنصرم 2013 من أسوأ الأعوام التي مرت على الفلسطينيين، نظراً لأن ذلك العام لم يشهد إنهاء للانقسام، ولم يشهد انطلاقة سياسية، رغم أنه شهد عودة للعملية التفاوضية بين الجانبين: الفلسطيني والإسرائيلي، يضاف إلى ذلك أنه شهد مآسٍ في صفوف فلسطينيي سورية من اللاجئين إلى القطر العربي، منذ العام 1948، إن كان من خلال سقوط الضحايا مباشرة في مخيم اليرموك وغيره من المخيمات، في الحرب الداخلية السورية، والتي لا ناقة للفلسطينيين فيها ولا جمل، أو من خلال ما سمي بالنكبة الثانية، حيث أضطر أكثر من 80% من سكان أكبر مخيمات الفلسطينيين في سورية للجوء إلى خارج سورية، حيث لاحق بعضهم الموت، وهم يسعون إلى الهرب إلى أوروبا غرقاً في البحر المتوسط.
كذلك سجل العام المنصرم عودة الحصار المحكم على قطاع غزة، بل وعودة التوتر على جانبي الحدود بين القطاع وإسرائيل، في الوقت الذي ازدادت فيه الإجراءات الاحتلالية قسوة، إن كان من خلال تواصل وتيرة تهويد القدس، أو من خلال بقاء الحواجز أو البناء الاستيطاني، كذلك تسجيل معدلات بطالة عالية في صفوف الشباب الفلسطيني، في كل من جناحي الوطن، في غزة والضفة، خاصة في صفوف الخريجين من طلبة الجامعات.
لذا فمن الطبيعي أن يتطلع الفلسطينيون إلى العام الجديد: 2014 بنظرة مختلفة، نظرة يشوبها الأمل والترقب بأن يكون هذا العام مختلفاً، بل وأفضل حالاً من سلفه، العام المنصرم. وفي الحقيقة فقد بدأ هذا العام بإشارات مهمة، تدعو للتفاؤل، خاصة على صعيد المصالحة الداخلية، فمع نهايات العام الماضي، ازدادت حدة عقيرة قادة حماس في الحديث عن المصالحة، وضرورة إنهاء الانقسام، حتى وصل الأمر - وهذا يحدث لأول مرة منذ العام 2007 - أن شارك قادة حماس جمهور حركة فتح احتفاله بذكرى الانطلاقة، بإيقاد الشعلة في ساحة الجندي المجهول، في وسط مدينة غزة.
كذلك سجل المراقبون الاتصالات بين كل من خالد مشعل وإسماعيل هنية بالرئيس أبو مازن، وكذلك الاستقبال المختلف للأسرى المحررين من سكان قطاع غزة، كذلك إعلان الرئيس في كلمته للشعب الفلسطيني بمناسبة انطلاقة فتح، وأكثر من مسؤول بأن العام 2014 سيشهد إنهاء الانقسام، وإنجاز المصالحة الداخلية.
على أن ملفاً لا يقل أهمية عن الملف الداخلي، من المتوقع أن يشهد حسماً، أو على الأقل تطورات سياسية غاية في الأهمية، ونقصد بذلك ملف المفاوضات، فما هي إلا أيام، وتظهر إلى العلن نتيجة متابعة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري لهذا الملف منذ مطلع تموز الماضي، والذي من أجله زار المنطقة أكثر من عشر مرات، وإن كان سينجح في إقناع الطرفين: الفلسطيني والإسرائيلي، بما يسمى باتفاق إطار المفاوضات، أو اتفاق أعلان المبادئ، حتى تستمر العملية التفاوضية سنة أخرى - تقريباً، قبل التوصل إلى حل نهائي، طال أمده وطال انتظاره بين الجانبين!
حتى اللحظة التقديرات تشير إلى أن استعصاء ما زال قائماً في طريق التوصل إلى "اتفاق الإطار" سببه عدم القدرة على إيجاد حل وسط بين إرادتي الحرية والاحتلال بين الطرفين، والتي يعبر عنها في كيفية التوافق بين بندي الحدود والأمن، وما زالت كل التسريبات تقول إن ما يطرحه الأميركيون ما زال بعيداً عن قدرة الجانب الفلسطيني على قبوله، ولعل كل ما يشاع عن الاقتراحات الإسرائيلية، وآخرها الحديث عن تبادل المناطق (المثلث بالمستوطنات) وهذا اقتراح قديم أصلاً، ما هو إلا تعبير عن فكرة "يهودية الدولة الإسرائيلية" التي تريد أن تظفر من خلال هذه الفكرة بمكافأة احتلالية مرتين أو بشكل مضاعف من خلال ضم المستوطنات غير الشرعية لها، ومن خلال ترانسفير لنحو 300 ألف فلسطيني/ عربي، بعد أن صمدوا في وطنهم أكثر من ستين سنة!
في الحقيقة إن طبيعة الحكومة الإسرائيلية تجعل من التوصل إلى حل ممكن أمراً مستحيلاً، لذا فإن هناك ما يدعو إلى القول إن العام الجديد سيكون فاصلاً بين حل مقبول أو كفاح فلسطيني جديد، لكن ما هو مؤكد - تقريباً - أن العام الجديد لن يشهد "إهمالاً" أو تجاهلاً للملف الفلسطيني، كما كان الحال خلال العامين الماضيين!
Rajab22@hotmail.com


