خبر : هذا الشرخ الذى يتسع ...عماد الدين حسين

الخميس 02 يناير 2014 10:04 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هذا الشرخ الذى يتسع ...عماد الدين حسين




أحد طلاب كلية التجارة بجامعة الأزهر قال بعد ان منعه طلاب الإخوان المسلمين من الدخول: «ما ذنبى، وماذا فعلت أنا وزملائى لكى يمنعنى هؤلاء من دخول الامتحانات؟! هل يعتقدون أننى سأنضم إليهم إذا عطلوا الامتحانات؟!.

لسان حال هذا الطالب يمكن تطبيقه على شرائح كثيرة تتضرر من الطريقة الذى يحتج بها الإخوان. يمكن تخيل والد هذا الطالب أو غيره وهو ينفق على ابنه طول العام، منتظرا ان يتخرج لكى يساعده أو ليزوجه ويفرح به.

الطبيعى أن هذا الأب سوف ينقم على الإخوان وأى شخص أو جماعة تتسبب فى تعطيل حياته وحياة أسرته.

وبالتالى فإن الشرخ النفسى بين غالبية المصريين وأعضاء الجماعة يتسع.

قبل أحداث الجامعات فإن ذلك حدث بالفعل أيضا من قبل أولئك الذين تعطلت مصالحهم وأصيبت حياتهم بالشلل بسبب اعتصامات ومسيرات ومظاهرات الإخوان.

لكن الشرخ الأكبر الآخذ فى الاتساع هو الذى يحدث داخل المؤسسات بين غالبية الناس والإخوان إذا حدث وتواجدوا داخل هذه المؤسسة أو الشركة أو الهيئة.

فى الأسابيع الماضية استمعت إلى عشرات القصص والحكايات عن «الجيتو الإخوانى» الذى بدأ يتكون داخل هذه المؤسسات.

الإخوان ــ أو الذين يقولون لسنا إخوانا ولكننا متعاطفون معهم ــ بدأوا ينعزلون نفسيا عن بقية زملائهم، لديهم إحساس عال بالاضطهاد وان هناك مؤامرة تحاك ضدهم فى مكان العمل. أحد الأصدقاء أخبرنى ان زملاءه الإخوان ــ الذين كانوا أصدقاءه ــ توقفوا عن الأكل معه، وبدأوا يتجنبون الجلوس معه فقط لأنه مؤيد لثورة 30 يونيو. وانهم بدأوا يتحركون وكأنهم أسرى فى معسكر اعتقال، وبعضهم يرفض رد السلام عليه.

فى وزارة أخرى قرر أحد الإخوان الاستقالة والاتجاه للعمل الخاص حتى لا يرى «الانقلابيين» كل صباح.

حالة ثالثة اختار صاحبها العمل فى وردية ليلية ليكون بعيدا عمن صار يكرههم قدر الإمكان.

بطبيعة الحال استطيع أن اتفهم شعور الإخوانى فى هذه الأيام، قوم كانوا فى السلطة وبانتخابات نزيهة، ثم فجأة وجدوا أنفسهم فى السجون ومطاردين وملاحقين وبعض اقاربهم قتل او أصيب والأخطر أنهم صاروا منبوذين من الجميع.

لسوء الحظ هم لا يرون حقيقة ان حكمهم كان فاشلا، وان الشعب هو الذى ثار عليهم وخلعهم مثلما خلع حسنى مبارك والجيش انحاز للشعب فى الحالتين.

وبغض النظر عمن هو المصيب ومن المخطئ فإن هذه العزلة عند الإخوان شىء فى غاية الخطورة وليس شيئا هامشيا كما يعتقد البعض.

وإذا استمرت هذه الحالة واتسعت، فقد تتسبب فى أمراض اجتماعية غاية فى الخطورة على مستقبل السلامة النفسية للمجتمع، وليس فقط على الإخوان باعتبارهم جزءا من المجتمع وليسوا كائنات غريبة هبطت علينا من المريخ كما يحاول البعض ان يقنعنا الآن.

وإذا كان الإخوان أو بعضهم مخطوفين ذهنيا وزمنيا، فقد وجب على المجتمع ان يساعدهم وليس ان يزيد من حشرهم فى الزاوية.

كل إخوانى يمكننا أن نعيده إلى المجتمع إنسانا طبيعيا، فإننا بذلك ننزع فتيل قنبلة محتملة يمكن ان تنفجر فى وجه المجتمع فى أى وقت.