خبر : عام 2013: كشف حساب ثقيل ...اشرف العجرمي

الأربعاء 01 يناير 2014 09:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT
عام 2013: كشف حساب ثقيل ...اشرف العجرمي



انقضى العام 2013، وكان عاماً ثقيلاً على كل الصعد وفي مختلف المجالات. والمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية لم تفض إلى أي اختراق أو تقدم حقيقي في أي موضوع، على الرغم من مرور خمسة أشهر على بدء العملية التفاوضية. ومع مرور الوقت واستمرار اللقاءات كانت المطالب الإسرائيلية ترتفع إلى مستوى لا يمكن قبوله فلسطينياً بأي حال، فلا المطالب الأمنية ولا المطالب السياسية يمكن التعايش معها أو قبول البحث فيها، لأنها تنسف العملية السياسية من أساسها.

ويبدو أن الدور الأميركي يتعقد ويصبح أكثر صعوبة مع الشروط الإسرائيلية. وحتى في إطار ما يتم الحديث عنه من إمكانية التوصل إلى اتفاق إطار، لا يظهر أن هذه المهمة سهلة؛ لأن الأميركيين ووزير الخارجية جون كيري على وجه التحديد، لا يمكنه أن يقدم مشروع اتفاق إطار للتسوية الدائمة تتناقض تماماً مع الموقف الإسرائيلي، وخاصة في مسألة العودة إلى حدود العام 1967 وتبادل أراضٍ متفق عليه، فإسرائيل تريد الاحتفاظ بغور الأردن لفترة طويلة قادمة. وإن هو أخذ بالموقف الإسرائيلي وتبنى الطروحات الإسرائيلية بشأن غور الأردن والتواجد العسكري وعدم البحث في مسألة القدس أو اللاجئين أو حتى الحديث عن الانسحاب من 100% من مساحة المناطق المحتلة، لن تقبل القيادة الفلسطينية بذلك على الإطلاق.
ويبدو أن العام الجديد بالنسبة لكيري عام التحدي الأكبر مع تقدير غالبية العارفين والخبراء والمحللين أنه لن ينجح في طرح أي اتفاق إطار إلا إذا كان يريد تحميل طرف مسؤولية فشل الإدارة الأميركية، وإذا كان هذا هو الحال فعلى الأغلب سيكون الطرف الفلسطيني من يتحمل المسؤولية، بسبب الانحياز الأميركي التاريخي لإسرائيل، وكما حدث بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد التي أفشلها رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود باراك وتحمل الفلسطينيون المسؤولية ودفعوا الثمن.
ومن غير الممكن التوصل لاتفاق مع الجانب الإسرائيلي عندما تقرر اللجنة الوزارية لشؤون التشريع وتصادق على ضم غور الأردن بالحدود والمستوطنات والطرقات إلى إسرائيل. ولا ندري كيف يمكن الاستمرار في المفاوضات تحت تهديد إقرار مشروع الضم من الكنيست. ومجرد أخذ قرار من هذا القبيل، يشير إلى أن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لا يملك التأثير على وزرائه بأي اتجاه إيجابي حتى لو رغب في ذلك، وطبعاً هناك شكوك حقيقة في حصول ذلك، فالحكومة مبنية على ائتلاف يضم أقصى اليمين في إسرائيل، وخصوصاً حزب نتنياهو" الليكود" والبيت اليهودي.
والعام 2013 كان عام الكوارث الطبيعية بالنسبة للفلسطينيين وخاصة المنخفض الجوي السابق الذي أتى لنا بثلوج لم نرها منذ أكثر من قرن حسب معلومات الأرصاد الجوية. ولكن أهم ما في الموضوع هو انكشاف عدم قدرتنا على التعامل مع الكوارث حتى لو لم تكن بحجم كبير كما يجري في مناطق مختلفة من العالم. الثلوج والأمطار كانت أكبر مما نحتمل ولو تكررت لكانت الكارثة أعظم وكانت الخسائر أكبر. ومع ذلك نحمد الله أن الخسائر في الأرواح لم تكن بمستوى الفشل في التصدي لها.
وربما يمكننا أن نجد عزاءً في فشل إسرائيل الدولة العظمى بمستوى الإقليم في التعامل مع الثلوج التي أغلقت شارع القدس – تل أبيب، وقطعت الكهرباء عن مناطق واسعة وتسببت في شلل الكثير من الأحياء والأجهزة في المناطق التي تساقطت فيها الثلوج وخاصة في القدس. وتسببت العاصفة الثلجية بإحراج شديد لحكومة نتنياهو الذي تعرض لانتقادات لاذعة من الإعلام والأوساط السياسية المعارضة على الفشل في التصدي لعاصفة كانت مقدرة ومعروفة سلفاً.
ولم يكن العام 2013 بأفضل حال في المحيط العربي إلا من زاوية فشل التيارات الإسلامية في البقاء في السلطة في مصر بعد الإطاحة بنظام محمد مرسي، أو الحصول على ما تريد إقليمياً ودولياً في الحالة السورية. ولكن حجم الأضرار كان كبيراً وخاصة على مستوى فقدان آلاف المواطنين ليس فقط في سورية ومصر بل وكذلك في العراق واليمن ولبنان، ولدينا وإن كان العدد لدينا لا يقارن بما يحصل في الدول العربية المذكورة، وعلى الأقل شهداؤنا يسقطون بنيران العدو، بينما شهداء العرب وقتلاهم يسقطون بنيران الأخوة الأعداء.
وعلى الرغم من هذه الحالة المأساوية يمكن تسجيل انتصار للشعب المصري في التخلص من حكم "الإخوان المسلمين" حتى لو كان الثمن الذي يدفعه باهظاً بسبب الإرهاب الدموي الذي يرفض التسليم بإرادة الشعب. ويمكن كذلك الحديث عن انتصار في سورية لعدم تعرضها لحرب مدمرة على غرار ما حصل للعراق بعد التدخل الروسي الفاعل والقوي الذي منع الحرب وأوجد مخرجاً للأزمة بتدمير السلاح الكيماوي السوري الذي كانت التضحية به تساوي الحفاظ على ما تبقى من سورية وعلى وحدة البلاد. ويبدو أن النظام السوري وحلفاءه يحققون إنجازات على الأرض بعد فشل فكرة التدخل العسكري الدولي في سورية، وبعد اقتتال حلفاء الأمس في المعارضة، وسيطرة الجماعات الإسلامية المتطرفة على مقدرات المعارضة وإضعافها الجيش الحر بشكل ملموس. ولم يبق سوى معارضة تكفيرية دموية مقابل نظام قمعي تكون المفاضلة فيه لصالح النظام لدى جهات داخلية سورية وإقليمية ونسبياً دولية.
ولا يتبقى سوى الأمل بأن يكون العام المقبل عام التسوية السياسية للحرب السورية بانعقاد مؤتمر "جنيف 2". رحم الله العرب ووفقنا لتحديد خياراتنا الوطنية ليكون العام 2014 الجديد عام خير على شعوبنا وعالمنا.

أشرف العجرمي