في قرار لم يكن مفاجئاً، أصدر مجلس الوزراء المصري عقب اجتماعه الأربعاء الماضي الإعلان باعتبار جماعة الإخوان المسلمين تنظيما ارهابيا، وفقاً للمادة 86 من قانون العقوبات المصري، والتي تحظر إنشاء أية تشكيلات عسكرية او شبه عسكرية.. بعض المحللين والمتابعين والساسة اعتبر هذا القرار متأخراً، إذ ان الجماعة ارتكبت من الجرائم ما كان يتوجب ان تعتبر تنظيما ارهابيا منذ وقت طويل، غير أننا نرى أن هذا القرار لم يكن متأخراً، بل ان لا ضرورة له لا في الماضي ولا الآن.
فإضافة إلى ان مثل هذه القرارات الخطيرة، لا يجب ان يتم اتخاذها في لحظة عصبية وعصيبة كرد فعل على حدث معين، اذ ان هذا القرار اتخذ اثر تفجير مديرية الدقهلية قبل القرار المذكور بثلاثة أيام، ذلك ان المسؤولية التي يجب ان تتحلى بها الحكومات توجب اتخاذ القرارات بعد تمحيص وتدقيق ودراسة الآثار المترتبة على هذه القرارات، غير اننا لا نتوقف كثيرا عند هذا الامر، ذلك اننا نعتقد ان القوانين المصرية، قانون العقوبات كما قانون تنظيم التظاهر، كافية لمواجهة كل اعمال التدمير والتخريب التي لجأت اليها الجماعة بعد ان تم اقصاؤها عن الحكم بموجب الثورة الشعبية المصرية في الثلاثين من حزيران الماضي، خاصة وأن الجماعة تم حظرها وفقا لقرار قضائي، وبالتالي فان القوانين المصرية سارية المفعول كافية لمواجهة هذه الجماعة من دون ان تكون هناك حاجة لقرار وزاري باعتبارها جماعة ارهابية.
وحتى في حال عدم كفاية القوانين الحالية في ملاحقة مرتكبي الجرائم، كتلك التي ترتكبها الجماعة يوميا في عموم جمهورية مصر العربية، فان قرارا باعتبارها ارهابية يجب ان يصدر عبر المؤسسات القضائية وليس من قبل السلطة التنفيذية، كما حدث في قرار قضائي تم بموجبه اعتبارها جماعة محظورة، ذلك ان القرارات الصادرة عن المحاكم والقضاء، اكثر دستورية واقل تشكيكاً في صحتها، اضافة إلى ان مثل هذه القرارات عندما تصدر من قبل المؤسسات القضائية تصبح أكثر الزاماً، بما في ذلك لدى الاطراف الدولية.
اننا نرى في قرار اعتبار جماعة الاخوان المسلمين، جماعة محظورة، ثم جماعة ارهابية يعود بالدرجة الاولى الى قصور اجهزة الامن وحتى الجيش في إعمال القوانين السارية المفعول، اذ كان بامكان هذه الجهات الردعية تنفيذ القوانين تجاه كل من يرتكب جرما وفقاً لهذه القوانين، غير ان أي متابع بامكانه ان يلاحظ ان هذه الجهات عاجزة فعلا عن مواجهة الافعال الاجرامية التي ترتكبها هذه الجماعة مباشرة، أو غير مباشرة من خلال القوى التكفيرية المتحالفة معها، ولا نعتقد ان قرارا باعلان الجماعة "ارهابية" سيغير من ميزان القوى القائم الذي يشير بوضوح الى عدم تمكن الدولة من حفظ الامن وملاحقة المجرمين، خاصة عندما تصبح الاعمال الاجرامية، عملاً ممنهجاً ومنظماً تصدر عن جهات هي الاكثر قدرة على التنظيم والفعل كجماعة الاخوان المسلمين، تاريخها مرادف للمعارضة العنيفة والاغتيالات والجرائم.
لقد قامت السلطات المصرية، وفقاً لمذكرات قضائية بملاحقة ثم سجن عدد كبير من قادة الجماعة، وفقاً للقوانين الحالية، وما تزال تقوم بهذا الأمر عبر ملاحقة من لم تتمكن من القاء القبض عليهم وفقاً لاحكام القوانين السارية المفعول، فلماذا لا تقوم هذه السلطات ذاتها، وبناءً على القوانين هذه بملاحقة كل من يرتكب جريمة واضحة، اليس اقدام الجماعة على منع الطلاب من تأدية امتحاناتهم في الجامعات المصرية، وقيامها بإحراق كراسات الإجابة لمنع التقدم إلى الامتحانات جريمة تشير إلى أن تظاهرات الجماعة ليست سلمية، أليس القانون كافياً باعتقال كل من يقذف سيارة أو مركبة عسكرية بالمولوتوف، من دون أن يكون هناك قانون أو قرار باعتبار هذه الاعمال "ارهابية".
ان قرار اعتبار جماعة الاخوان المسلمين تنظيما ارهابيا، اضافة الى انه لن يغير من معادلة ميزان القوى، الا انه يشير الى ان السلطات المصرية عاجزة، ولا تتمتع بالقدر الكافي من الثقة بالنفس ويعكس قدرا كبيرا من الارباك، وبالتالي فإننا اذ نشد على ايدي السلطات المصرية في هذه المواجهة، وفقاً للقوانين المرعية، الا اننا نرى أنه لم تكن هناك حاجة إلى هذا القرار الذي لن يؤدي الا الى تزايد الشرخ في اوساط الشعب المصري الذي يئن تحت وطأة الافعال الاجرامية التي ترتكبها كافة القوى التكفيرية، وان التعامل مع القضايا الخطيرة بردود الفعل لا يليق بالسلطات التي تتمتع بالمسؤولية السياسية والاجتماعية والامنية.
ومن دون شك فان هذا القرار سيؤثر مباشرة على حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، غير اننا سنتناول هذا الامر في مقال لاحق وبحيث نتابع ردود الفعل على مثل هذا القرار وآثاره على هذه الحركة!!
Hanihabib272@hotmail.com
www.hanihabib.net
هاني حبيب


