خبر : فتح وحماس ومستقبل مشروعنا الوطني..د. أحمد يوسف

الخميس 26 ديسمبر 2013 02:38 م / بتوقيت القدس +2GMT
فتح وحماس ومستقبل مشروعنا الوطني..د. أحمد يوسف



تعوَّد السياسيون أن يقولوا ويكثروا القول، وكنا دائماً نسمع لهم، لنكتشف بعد أن طال علينا الأمد وأدركتنا الشيخوخة أن الكثير مما يقولون يأتي في سياق "لحن القول" ورياضة الحناجر، وأنهم في معظم الأحيان كالشعراء يقولون ما لا يفعلون.

لم يكن أحدٌ يتحدث عن المصالحة - خلال السنوات السبع الماضية - بصوت مرتفع وبثقة عالية وبنشوة تفاؤلية مثلي، حيث أني كنت قريباً من مطابخ السياسة وصالوناتها، وكانت دائرة مجالسها هي من يمنحني هذا الحماس للتبشير بقرب تحقيقها، فالجميع يبدي الحرص ولديه الإحساس بالمسئولية العالية، والكل يتحدث بلغة تقديم المصلحة الوطنية على أية اعتبارات حزبية أو أيدولوجية أخرى.

الحقيقة المُرَّة والمفزعة أنه وخلال تلك السنوات السبع التي أعقبت الأحداث الدامية في يونيه 2007م، حاول كل طرف في فتح وحماس – للأسف – العمل على شيطنة أو تخوين الطرف الآخر، بهدف تجريده من وطنيته ووضعه في دائرة التصفية والاستهداف المعنوي، الذي ينتهي بمواقف وتوجهات أشبه بحالة "اقتلوهم حيث ثقفتموهم"..!!

لقد تابعت جهود المصالحة كل تلك السنوات السبع عن كثب، وسافرت للقاهرة أكثر من مرة كانت فيها التوقعات عالية، وأنها ربما تكون الجولة الأخيرة، والتي سنعود منها وقد تحددت ملامح وشكل الحكومة التي ستضع حداً لحالة القطيعة وعمر الانقسام.

أصابني الاحباط وأدركني اليأس - كما الشارع الفلسطيني - لكثرة ما أظهره كل طرف من المماحكات السياسية، ومحاولات تبرئة نفسه وتخطئة الطرف الآخر وتحميله كامل المسئولية، والقول بأن الكرة في ملعبه، وعليه بالتالي أن يثبت مصداقية ما لديه من نوايا وادعاءات.

لم أسمع من أي طرف منهما ولو لمرة واحدة القول بأن الكرة في فضاء منتصف الملعب أو على خط النص أو بين يدي الحكم، وأن الجميع سيتحرك معها لحظة اطلاقها وملامستها أرض الملعب، ثم سوف تتناقلها الأقدام، مما يعني أن فرص الطرفين متساوية، وأن خيرهما الذي يبدأ بالسلام، ويضع لمسات صناعة الهدف من تلك النقطة وليس أمام دربكات وإرباكات خط المرمى.

خلال تلك السنوات السبع كان هناك -دائماً - طرفٌ يعطل المصالحة، ويتخذ من الذرائع – بالحق والباطل – ما يدفع لتحميل المسئولية للطرف الآخر.

الكل كان يراهن على إمكانية خداع الشارع للحفاظ على طهارة مواقفه وسياساته، وعلى إمكانية أن الظروف القائمة تخدمه أو أن الزمن يعمل لصالحه فلما – بالتالي - التعجل وتقديم التنازلات.

هذه المشاهدات في تبدل المواقف عشتها واستمعت لمن كان يُنظِّر لها، وربما سجلت اعتراضاتي عليها بين إخواني وأصدقائي في كل من فتح وحماس؛ حيث إن المسألة بالنسبة لي لم تكن أننا في لعبة تنافسية، حيث يسعى كل طرف لتحقيق هزيمة قاتلة للطرف الآخر، بل نحن في عملية سباق تكاملية للحفاظ على مستقبل مشروعنا الوطني، حيث يتوجب على كل منا الحرص على أن يخرج الآخر بمعنويات عالية وبشعور المنتصر أيضاً.

لقد مررنا في مراحل كان بالإمكان فيها بشيء من المرونة ولغة التآخي التوصل لاتفاق تتحقق معه المصالحة وينتهي الانقسام، لكن كان هناك - للأسف – الكثير من قصيري النظر التي تنبني قراراتهم ومواقفهم على حسابات اللحظة، وليس لهم في التخطيط الاستراتيجي وعمليات التنبؤ واستشراف المستقبل نصيب، حيث كانوا يضعون العراقيل ويقطعون الطريق ويسدون فضاء الأمل، ونجد أنفسنا معهم بأن مسيرة الوطن تأخذنا خارطة الطريق فيها إلى متاهات التضليل والأوهام؛ أي أننا كلما حاولنا تجاوز عتمة النفق الطويل باتجاه انفراجة النور، ظهرت لنا مسارات نفق جديد أشد إيلاماً وظلمة.!! لغز يحتاج إلى من يفك رموزه من أساطين الفكر ودهاقنة السياسة، لماذا ينتهي مشهد خلاصنا دائماً بنتائج صادمة؛ "نفق في نهاية الضوء.!!"

المصالحة الوطنية: فرضيات وحلول

إذا كان الطريق لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام هو تقديم تنازلات من طرف حماس لصالح السلطة في رام الله، فالجواب لدى حماس: نحن جاهزون، وقد عبَّرت الحركة والحكومة في غزة عن ذلك في أكثر من مناسبة وأكثر من حديث لرئيس الوزراء إسماعيل هنية والأستاذ خالد مشعل؛ رئيس المكتب السياسي للحركة، وكنا على بعض ذلك من الشاهدين.

منذ ثلاث أشهر أو يزيد ولقاءات الأخ إسماعيل هنية مستمرة مع قيادات الفصائل الوطنية والإسلامية، والتي بدأها في 16 نوفمبر الماضي بمقر مجلس الوزراء، حيث اقترح تشكيل لجنة وطنية لبحث آليات المصالحة، وكذلك مع مؤسسات المجتمع المدني كتلك التي انعقدت في فندق رويال بلازا بتاريخ 21 أغسطس، حيث دعا فيها إلى حوار وطني جامع ينهي الانقسام باتجاه معركة التحرير القادمة، وأكد الأخ أبو العبد هنية على البدء بعملية توسيع المشاركة في إدارة قطاع غزة؛ لأنها ليست حكراً على أحد، وأضاف قائلاً: إن الوطن يتسع للجميع. ثم كان اللقاء الموسع مع المفكرين والإعلاميين والنخبة المثقفة في فندق الكومودور بتاريخ 27 نوفمبر الماضي، والذي أعاد فيه الأخ رئيس الوزراء كل المعاني السابقة، واستمع في لقاء لاحق استمر حوالي أربع ساعات لكل الأفكار التي عرضها جمهور الحضور من النخب الفكرية والسياسية والإعلامية ومن المستقلين حول آليات الخروج من نفق الأزمة القائمة، ووعد بدراسة كل تلك المقترحات مع قيادات الحركة والحكومة في غزة.

لم تقتصر كل تلك الجهود من طرف حماس على تكل اللقاءات بل صاحبها أيضاً اتصالات هاتفية قام بها الأخ أبو العبد هنية والأخ خالد مشعل بالرئيس أبو مازن أكثر من مرة.. وهذا يعتبر خير دليل وبرهان على أن حماس - الحركة والحكومة في غزة - حريصة على تحقيق تقدم في اتجاه العلاقة مع الأخ الرئيس أبو مازن والأخوة في حركة فتح.

وكان أيضاً لقاء الأخ خالد مشعل مع الأخ عزام الأحمد في الدوحة، على هامش مؤتمر "مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني"، الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتاريخ 7-9 ديسمبر الماضي، واتصاله بعد ذلك بالرئيس أبو مازن، وما أثير حول استعداد حماس لحكومة وفاق وطني برئاسة رامي الحمد الله.

أنا أعتقد أن حركة حماس قد قدمت ما هو متوجب عليها من حيث إرسال إشارات كافية تؤكد حرصها على جاهزيتها لكل ما تتطلبه المصالحة الوطنية من تنازلات سياسية وما توجبه الأخلاق من توطئة للأكناف، لاستعادة القوة والزخم لمشروعنا الوطني الذي يتعرض لأخطار كارثية إذا استمرت الحالة الفلسطينية على ما هي عليه من الضعف والتراجع والتهميش عربياً وإسلامياً ودولياً.

السلطة الوطنية والرئيس أبو مازن يتعرضون لضغوط كبيرة من جهة الأمريكان والإسرائيليين لتمرير مخططات كارثية على الشعب والقضية، والمسألة تحتاج جمع الصف الفلسطيني للوقوف صفاً واحداً لتعزيز موقف الرئيس لرفض تلك الضغوط، وليس اللجوء لسياسة التجريح والتشهير، فالرئيس وإن كان لنا الكثير من التحفظات على طريقة تعامله مع بعض الملفات إلا أنه أكد أكثر من مرة حرصه على ثوابت القضية الفلسطينية وأنه لن يسمح لأحد بالتفريط في أيٍّ منها.

صحيحٌ أن السياسيين "أشبعونا حكي"، وأرهقونا في مجاراة مارثون الطموحات والآمال وفلسطين الغد الذي يصنعونها لنا، لكن علينا أن ندرك أن الأوراق ملكيتها بأيدينا ولن يستطيع أحدٌ مهما كان موقعه أن يمرر علينا ما لا نرغب فيه، ولذا فالمطلوب منّا جميعاً أن نحث إخواننا في فتح وحماس على التواصي بالكلمة الطيبة التي تجمع ولا تفرق، وأنه بدل الملاسنات وتبادل الاتهامات العمل على تكثيف اللقاءات والبحث عن مخارج لأزماتنا الوطنية، وأن نسجل مواقف كريمة من "شدِّ الأزر"، كتلك التي شاهدنا بعضها خلال كارثة المنخفض الجوي الذي ضرب قطاع غزة، وساهم الجميع مشكورين في جهود الإغاثة وتقديم يد العون للتخفيف – بقدر الاستطاعة - عن المنكوبين.

المراوحة في المكان حتى إشعار آخر.!!

في ظل أوضاعنا المأزومة، يأتي سؤال الشارع الفلسطيني المُلِّح والمشروع: لماذا لا تتحرك ملفات المصالحة ويتأخر إنهاء الانقسام؟!

أنا قد أتفهم انشغالات طرف الوساطة المصرية بهموم مصر الداخلية، وأعي أن من الصعوبة - الآن - أن تدخل مصر على خط الوساطة بين فتح وحماس وحملة استهداف حماس وشيطنتها ما تزال قائمة – للأسف - في وسائل الإعلام المصرية، وأدرك أن أجواء العلاقة مع القاهرة مشحونة بالكثير من ظلال الشك والتوتر، وليست بالمستوى الذي يسمح بالعودة إلى ما كان قائماً - في السابق - من ثقة واطمئنان وأريحية في التعامل، فالمسألة تحتاج إلى معالجات لإصلاح ذات البين بيننا وأشقائنا في الحكومة المصرية التي جاءت بعد عزل الرئيس محمد مرسي.. كما أنني استوعب ما يشغل بال الرئيس أبو مازن تجاه ملف التفاوض، ومحاولة إرضاء أمريكا والغرب - بشكل عام - في استمرار ما أجمعت عليه فصائل العمل الوطني والإسلامي بأنه "محادثات عبثية" (Futile Talks)، وأنها جهد لا طائل من ورائه (Waste of Time)، وطوق نجاة لحكومة نتانياهو التي تعاني من فقدان ثقة العالم الغربي بها، ولكنها - وهذا ما يبدو - تمثل في الوقت نفسه ورقة ضغط على الرئيس أبو مازن لا يملك إلا الانصياع لها، باعتبارها ممراً إجبارياً للوصول إلى الدعم المالي الذي تعاني السلطة - منذ قيامها - من غيابه، بشكل يحفظ لها هيبتها وقوة مواقفها.

الكرة في ملعب حماس..!!

إذا افترضنا أن الكرة الآن في ملعب حماس والحكومة في غزة فما الواجب أو المتوجب عمله لتحقيق نقلة حقيقية باتجاه المصالحة وإنهاء الانقسام؟

جرت العادة في المناظرات السياسية وطرح الخيارات والبدائل وتداول السيناريوهات للخروج من أزمة أو ورطة سياسية التفكير بطريقة أن تضع نفسك في مكان الطرف الآخر، ثم تبدأ الدراسة والبحث والتحليل. أنا هنا سأضع نفسي في مكان الطرف الآخر؛ أي حركة فتح، وأقدم ما يعتقدونه تنازلاً حقيقياً من جهة حماس، وتعبيراً عن جدية رغبتها في الخروج من الحالة الراهنة، والتي تمثل عملية استمرارها حالة خسارة للمشروع الوطني الفلسطيني.. سأحاول - هنا – مجاراة مطالبهم ووضع بعض النقاط التي أرى أنها ربما تسهم في حل إشكالية ما هو قائم من تعقيدات حول علاقات بعضنا البعض، وتؤثر على تصورات ومواقف بعضنا تجاه بعض، وهي في نظري لا تتعدى الخطوات التالية:

1) إعلان حماس رسمياً عن رغبتها بالتخلي عن السلطة في قطاع غزة، والدخول في تفاصيل آليات تحقيق ذلك، وهذا يستدعي موقف مسئول من جهة الرئيس والسلطة في رام الله لكيفية التنسيق لقيام حكومة انتقالية من التكنوقراط، ولكن بشرط التفاهم بين كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي حول اختيارات الاشخاص والمدة الزمنية للانتخابات التشريعية، ووضوح طبيعة المهمة في تلك الفترة، من حيث الإعداد للانتخابات وترك الملف السياسي للأخ الرئيس أبو مازن يتعاطى أبعاده بالتنسيق مع الجامعة العربية والمجتمع الدولي لحين تشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي تعقب الانتخابات البرلمانية.

2) التوقيع على ميثاق شرف (Memo of Understanding) على احترام نتائج الانتخابات، والتعهد باستقرار عمل المؤسسات الأمنية والبرلمان بغض النظر عن حظوظ الحركة فيما تفرزه الانتخابات من نتائج.

3) التعامل مع الأجهزة الأمنية والشرطية باعتبارها جزءاً من مؤسسات السلطة، واستمرار عملها بعيداً عن الانتماءات الحزبية خدمة للمصلحة الوطنية العليا للوطن.

4) التوافق على قيادة وطنية وإسلامية كمرجعية عليا تحكم في كل ما يمكن أن يستجد من خلافات وإلزام الأطراف بكل ما تمَّ التوقيع عليه في القاهرة والدوحة من اتفاقات وتفاهمات.

5) البدء بعملية استيعاب المستنكفين تدريجياً، وخاصة في مجالات الصحة والتعليم والقطاع الشرطي، والتعامل الأخوي مع الجميع.

6) يستمر عمل الحكومة في قطاع غزة كحكومة ظل، فيما تباشر الحكومة في رام الله مسئوليتها الكاملة عن الوضع في مناطق السلطة الفلسطينية باعتبارها الحكومة المركزية، وهي صاحبة الولاية السياسية والقانونية والتمثيل لشعبنا في الداخل والخارج.

7) بعد استقرار الأوضاع الداخلية وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية بسنة أو حسب ما تقتضيه الحال، يتم الدعوة لانتخابات رئاسية، وضروري أن يسبق ذلك أيضاً اختيار أعضاء المجلس الوطني بالتعيين والانتخابات، حسب نسب يتم التفاهم حولها في المجلس التشريعي المنتخب.

8) إيجاد تفاهم بين الرئيس أبو مازن وقيادة حركة حماس حول كيفية توفير مصادر دعم ثابتة للسلطة لتغطية احتياجات الوضع في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث إن الشراكة تتطلب تحمل الطرفين لكامل الأعباء والمسئوليات المالية، كما هو الحال في التنسيق المطلوب لكافة الملفات السياسية والأمنية.

السؤال الآن: ماذا لو كانت الكرة في ملعب حركة فتح والرئيس أبو مازن؟ ما الذي يتوجب عليهما فعله؟

كما حاولنا أن نقدم جل ما يطلبه الفتحاويون من حركة حماس، فإن لحركة حماس أيضاً ما تنتظره من حركة فتح والرئيس أبو مازن حتى نهيئ الظروف لجمع الشمل، ونمهد الطريق لحركة السير باتجاه أهدافنا الوطنية، وتحقيق التوافق الذي يجتمع عليه الكل الوطني والإسلامي على صعيد واحد.

ولعلي هنا أطرح ملامح لبعض ما هو مطلوب من خلال عرض التطلعات التالية:

1) إن حركة فتح اعتادت التفرد بالقرار الوطني الفلسطيني والتصرف بصلاحيات مطلقة، مانحة لنفسها الشرعية دون الآخرين، ومتخذة من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي تحظى فيها بالأغلبية غطاء لتمرير كل ما تريد، بالرغم من النداءات المتكررة لفصائل العمل الوطني والإسلامي بضرورة العمل لإصلاح المنظمة وإعادة هيكلتها، بالشكل الذي يسمح بتمثيل عادل للجميع داخل مؤسساتها، واحترام ما يصدر عن مجالسها من قرارات.

2) الوضوح في التعاطي السياسي، ووضع الجميع في صورة ما يجري من اتصالات دولية أو داخل دائرة المفاوضات وليس احتكار المواقف والأسرار التي تكرس مظنَّات السوء وتبعث على الشكوك.

3) التأكيد على مبدأ الشراكة السياسية في أية حكومات قادمة، والتفاهم الواضح والصريح حول سبل مقاومة الاحتلال وأليات عمل ذلك سلمياً أو إذا استدعت متطلبات الحال عسكرياً، حيث إن اعتماد نهج التفاوض وحده لا يكفي، وأن باب البدائل الأخرى لا بدَّ أن يبقى مفتوحاً، فالتاريخ علمنا أن الحق يحتاج دائماً لقوة تحفظه وتحميه. ولذا، فإن البرنامج السياسي لأي حكومة فلسطينية يجب ألا يغفل حقيقة المزاوجة بين المقاومة والمفاوضة؛ فكلاهما من أدوات النضال لتحقيق التحرر والاستقلال.

4) العمل من خلال لغة الخطاب والمواقف السياسية على التأكيد على وطنية حركة حماس والاعتراف بمسيرتها النضالية، والابتعاد عن كل ما يجرح أو يشكك في تضحيات أبنائها أو يبعث على التبخيس بعملياتها الجهادية.

5) الابتعاد عن ممارسة سياسة الإقصاء والتهميش لكوادر حماس في الضفة الغربية، وتجنب ملاحقة واعتقال قياداتها تحت دواعي وذرائع أمنية واهية، والعمل فتح مجالات العمل المشترك معها، والسماح لها بمباشرة أنشطتها المجتمعية بروح أبناء الوطن الواحد.

6) ضرورة التفاهم حول عودة المجلس التشريعي للعمل حتى إجراء الانتخابات القادمة، مع التوافق على صيغة ألا تصدر أية قرارات عنه دون تحقيق الإجماع المطلق حولها.

7) تبقى ترتيبات وأعمال الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة على ما هي عليه لحين تحقيق حالة الأمن والاستقرار، وإيجاد لجنة مشتركة من كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي كمرجعية تنسيقية عليا وضابطة لعمل الجميع.

8) التعامل مع ملفات السجناء والمعتقلين والأسرى المحررين على قدم المساوة، من حيث قواعد التوظيف والتعويض، وإيجاد آليات تنسيق واضحة الشفافية بين غزة ورام الله حتى لا يُظلم منهم أحدا.

ختاماً: من حقنا أن نفكر.. برجاء اسمعونا

من حرصنا على هذا الوطن الغالي وهذا الشعب العظيم أن ننصح خارج عباءاتنا التنظيمية، ونحاول أن نكون أكثر انحيازاً لوسطية القول، حيث ترابط مواقف الأغلبية الصامتة وأصحاب الوطنية الصادقة.. صحيحٌ؛ أن هذا التموقع لا يلقى دائماً الاستحسان، ويضطر المرء - أحياناً - لدفع أثمان باهظة قد لا يقوى عليها في كل الأحيان، وخاصة إذا كان المقابل مغريات المال والمنصب.. لقد كنت أعتب كثيراً على بعض الأصدقاء في قيادات حركة فتح عندما نتشارك المنصة في الندوات والمؤتمرات، وأرى في بعضهم جنوحاً لمغازلة الحركة والاطناب في مدح قياداتها وتبرير بعض سلوكياتها الخاطئة.. هذا الأمر، وهو الخشية من أن يتهدد راتبه القطع أو يحرم من التقدم داخل دائرته الحركي هو ما يمنعه عن قول الحقيقة، ويلجئه للنفاق السياسي، وهذه الظاهرة ليست - بالمناسبة - مقصورة على تنظيم بعينه، حتى الإسلاميين يميل الكثير منهم إلى سياسة "امشي الحيط الحيط"، و"خليك قريب من ذكر البط"، ونحو ذلك؛ باعتبار أن هذا السلوك في التنظيمات هو الذي يمنح المقاعد المتقدمة والتزكيات التي يتصدر بها أهل الولاء على أصحاب الكفاءات والتميز.

ولعل واحدة من أبرز عثراتنا السياسية في الساحة الفلسطينية هي أن الرائد لا يصدق أهله، وأن عمليات التدليس السياسي تجري على قدم وساق، حيث تتسيَّد البطانة الفاسدة وأصحاب لغة المجاملات والأستاذية القاصرة التي لا تملك الشجاعة والمعرفة والعلم لتنصح ولاة الأمر وتقدم لهم الرأي السديد.

إن قياداتنا السياسية اليوم محاطة بالوجوه العاجزة من النواب والمستشارين الذين شكلوا حالة من الصنمية والتضليل، فمن أين يأتي لهم - بهذه الجوقات – صوت الحكمة والصلاح، ويتحقق ما نصبو إليه من الحكم الرشيد.؟

سؤال برسم الجواب.!!

إن على الجميع في فتح وحماس أن يعي بأن البيت المنقسم على نفسه لا يمكنه الصمود، فحركة فتح ستبقى "قُرَّة عين" لحركة حماس، وقوة ضاربة للوطن، وكذلك الحال بالنسبة لحركة حماس، وعلى الحركتين توطين القناعة في ذهنية كوادرهما بذلك، حتى يمكننا الحديث عن إمكانيات الإنجاز؛ سواء على صعيد التصدي والمواجهة لكافة أشكال العدوان الإسرائيلي أو حتى على جبهة التفاوض بهدف إيجاد حل سياسي مشرِّف للقضية الفلسطينية.

أتمنى ونحن على أبواب عام جديد، أن يكون العام القادم؛ عام 2014م، هو عام تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، وأن يكون هو عام الرجاء والأمل بنهاية أحزان هذا الوطن وفرقة أهله، والشعار الذي يرفعه الشباب على أكتافهم، ويتحركون لترسيمه واقعاً معاشاً على الأرض.