خبر : إسرائيل ..وغزة...عمر قاروط

الثلاثاء 24 ديسمبر 2013 01:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
إسرائيل ..وغزة...عمر قاروط



بالتزامن مع المفاوضات الجارية بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" بوساطة أمريكية والتي يبدو إنها تسعى لجرنا إلى كامب ديفيد جديد مهجن تتركز الاهتمامات الإسرائيلية على الأوضاع في قطاع غزة بصورة ملفتة في الأسابيع الأخيرة والتي برز منها في الأسابيع الأخيرة تلك التمارين الذي أجراها جيش الاحتلال على القتال في مواقع شبيهة بمناطق قطاع غزة في منطقة عسقلان حيث تحاكي هذه العمليات طبغرافيا شبيه بطبوغرافيا القطاع.

ومن تابع المواقف والآراء التي عبر عناها قادة الاحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة سواء المستوى السياسي أو العسكري أو الأمني يلاحظ على أن الاحتلال ينظر لغزة نظرة مختلفة تماما عن سياق نظرته للقضية الفلسطينية والصراع مع الفلسطينيين، حيث تبدو هذه الرؤية لها طابع الخصوصية والاستقلال عن النظرة للشأن الفلسطيني بصورة عامة والتي يعالجه من خلال العلاقات المباشرة مع السلطة، والمفاوضات والأطراف الدولية. هذه الرؤية تقوم أساس إبقاء قطاع غزة معزولا، ومنفصلا عن الضفة الغربية، وإدارة الصراع معه بصورة خاصة ومستقلة عن الصراع مع الفلسطينيين، باعتبار أن القطاع صار منفصلا تماما عن وضع الضفة الغربية، وأن يقع الآن بين فكي كماشة، وله قيادة خاصة وظروف مختلفة تتيح للاحتلال إحكام الحصار عليه بصورة أكبر، ويمكن قراءة النظرة الإسرائيلية لقطاع غزة على النحو التالي:

أولا: المنظور الأمني: تعتبر سلطات الاحتلال قطاع غزة هو بمثابة التهديد الأمني الأكثر خطورة وتهديدا لأمنها وحدودها خصوصا في أعقاب الكشف عن النفق في جنوب القطاع قبل نحو أكثر من شهر، والذي اعتبر بمثابة ضربة أمنية قوية من وجهة نظر الاحتلال للمقاومة، نظرا للمواصفات والتأهيل العالي الذي ظهر فيه هذا النفق، حيث نشط الاحتلال في إطلاق حملة أمنية مكثفة ضد قطاع غزة بهدف الكشف عن الأنفاق، والوقوف على بنيتها في غزة، حيث وظف لذلك عدد من عملائه، لجمع المعلومات، وجمع التربة التي تكون منتشرة في التلال التي يعتقد أنه من مخلفات حفر الأنفاق، كما نشط عمليات المسح الميداني للمناطق الحدودية. ويرى الاحتلال أن عمليات الإجهاض المبكر من خلال عمليات امنية مركز في القطاع كافية في هذه المرحلة للتعامل مع مستوى الأخطار المحتملة.

وفي إطار هذا المنظور جدد الاحتلال من إجراءات الحصار والقيود المفروضة على القطاع، حيث عادة لمنع مواد البناء وقائمة من السلع الحيوية من الدخول لغزة، كما أعاد تقنيين المواد المسموح بها بالدخول لغزة، حيث خفض عدد الشاحنات من 450أو يزيد إلى ما دون 250شاحنة، كما أنه يصر على رفض المطالب الرسمية بإدخال مواد البناء وغيرها اللازمة لقطاع غزة حتى في الحالات الإنسانية، وربما الجميع تابع تصريحات يعلون والتي قال فيها ردا على قراره بمنع دخول المساعدات الإنسانية لغزة في أعقاب المنخفض، فليتقدموا إلى هنية. وتشير التقارير والأخبار التي أعلن عنها مؤخرا بأن الاحتلال يصعد من أعماله الأمنية في غزة سواء عبر الوسائل التكنولوجية أو تجنيد العملاء.

ثانيا: المنظور العسكري: يعتبر الاحتلال المواجهة مع قطاع غزة مسألة وقت، هناك عملية تصفية حساب من نوع مختلف لا بد منها في مرحلة ما، خصوصا بعد أن تراجعت مستويات التهديدات في محيطه الإقليمي. وما يشغل الاحتلال في هذه المرحلة ليس توقيت وطبيعة المواجهة المحتملة مع قطاع غزة، وإنما هو أهداف هذه المواجهة وحدودها. فالاحتلال منكب في هذه المرحلة على دراسة وتقييم كافة المتغيرات والتطورات التي تمكنت المقاومة الفلسطينية من إدخالها على مستويات ونوعية تسليحها، وتكتيكاتها العسكرية، وقدراتها في التصدي ومواجهة أي هجوم عسكري محتمل للاحتلال على غزة.

فالاحتلال يدرك أن المقاومة تمكنت في السنوات الأخيرة من إدخال تغييرات جوهرية على سيناريوهات إدارة المواجهة والقتال في غزة بصورة تمكنها من إحداث خسائر موازية لدى الاحتلال تشكل نوع من التوازن في أي عدوان جديد على قطاع غزة تجعله يفكر كثيرا قبل الإقدام على عمليات عسكرية وسط القطاع، ولذلك هو يفكر كيف يصفي هذه البنية للمقاومة في غزة في فرصة تاريخية يعتقد إنها لن تعوض وفقما قال غانيتس في تصريحات نقلتها عنه صحف عبرية الأسبوع الماضي حيث قال: يعتقد أن الوضع في الشرق الأوسط يوفر لإسرائيل "فرصة إستراتيجية". وأنه خلافا لما كان عليه الوضع قبل عشر سنوات، قبل الغزو الأمريكي للعراق وقبل الإطاحة بأنظمة عربية وقبل الأزمات العربية، فإنه لا يوجد أي دولة يمكن أن تهدد إسرائيل اليوم. فمصر ليست مستقرة، وكذلك سورية، في حين أن الأردن، التي لم تشكل تهديدا منذ البداية، تعيش صراعات. وبحسب ضابط كبير في الجيش، تحدث مؤخرا مع غنتس، فإن "الإسرائيليين أنفسهم بدءوا يفكرون في كيفية استغلال هذه الفرصة الإستراتيجية".

وتشير تصريحات الاحتلال إلى أن رؤية الاحتلال للحسم العسكري مع غزة ستكون ضرورية في حالات محددة منها:

أن تكسر المقاومة الفلسطينية قواعد التوازن القائمة حاليا والاستقرار على الحدود، أو في حالة دخول المفاوضات في مرحلة حاسمة قد تفضي إلى اتفاق أو بعد التوصل لإلى اتفاق سياسي من نوع ما في المفاوضات، أو في حالة تعرض الاحتلال لأزمة سياسية داخلية تجعله يهرب للخروج منها نحو مواجهة جديدة مع غزة بأهداف يجري التعبئة لها سريعا من قبل النخبة السياسية والأوساط العسكرية والأمنية.

ثالثا: المنظور السياسي: لا يرى الاحتلال أية فرصة للتعاطي السياسي مع قطاع غزة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأن النخبة السياسية في غزة بالنسبة له ما هي مجموعات إرهابية ليس إلا، ولا تريد السلام مع "إسرائيل". كما ترى ان الوضع الرهن هو الوضع الأنسب لها لإبقاء قطاع غزة خارج المعادلة الفلسطينية، والحد من تأثيره على السياسة الفلسطينية من جهة، وتحجم قوى المقاومة بصورة محكمة، تحد من قدرتها على الحركة والمناورة.