خبر : سلطتان فلسطينيتان مأزومتان! ...رجب ابو سرية

الثلاثاء 24 ديسمبر 2013 12:39 م / بتوقيت القدس +2GMT
سلطتان فلسطينيتان مأزومتان! ...رجب ابو سرية



إذا كانت سلطة حماس في غزة وجدت نفسها في ضائقة ليس لها حدود، حين تم إسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر، فجأة منذ الثالث من تموز الماضي، الأمر الذي نجم عنه إغلاق كل الأنفاق التي كانت تربط بين غزة وسيناء، وتقديم الأموال الطائلة لحركة حماس وحكومتها في غزة، فضلا عن فتح "كوة" مهمة في جدار الحصار، فإن سلطة فتح في رام الله، ليست بأفضل حال، رغم أن الإدارة الأميركية في ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية، نجحت في تحريك عجلة المفاوضات التي كانت متوقفة لفترة وصلت إلى ثلاث سنوات.

بعد لجوء حركة حماس لفض الشراكة السياسية مع فتح بالقوة العسكرية في حزيران من العام 2007، ظلت حماس تسعى بكل ما أوتيت من قوة لجر حركة فتح إلى مصالحة دون شروط، فيما كانت فتح تصر على التراجع عن نتائج الانقلاب، وعلى تقديم حماس اعتذاراً للشعب الفلسطيني عما اقترفته من خطئية الاقتتال الداخلي، وظل الحال هكذا إلى حين، كان الطرفان يتجاذبان شد ورخي شعرة معاوية بينهما، أحيانا عبر التراشق الإعلامي المترافق مع اعتقالات لكوادر الطرفين لديهما، وأحيانا أخرى عبر تهدئة إعلامية/ أمنية، وهلم جرا.
ورغم أنهما في أكثر من مناسبة وقعّا على اتفاقات للمصالحة وإنهاء الانقسام، إلا أن ترجمة الاتفاقيات بينهما لم تجد طريقها للواقع أبدا، وكان واضحا أنه وحسب الظروف، يتشدد هذا الطرف هذه المرة فيما يتشدد ذاك تلك المرة، والنتيجة أن حالة "عض الأصابع" بينهما قد طالت واستمرت، إلى حيث يمكن القول إنهما ومعهما الكل الوطني، فضلا عن المصلحة الوطنية العليا وعموم الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده قد خسر جراء هذه الحالة، فلا حماس ظفرت بغزة محررة، رغم كل محاولات الحركة مع حلفائها وكوادرهم في كل مكان، لم تنجح في فتح لا معبر رفح ولا البحر، كما أنها لم تنجح في فتح الأبواب السياسية المغلقة في وجهها من قبل الغرب منذ أن نشأت الحركة.
وباستثناء اتفاقيات التهدئة التي كانت تعقدها الحركة مع الجانب الإسرائيلي عبر الوساطة المصرية، بما في ذلك صفقة تبادل الأسرى مع شاليت، وهي تفاهمات أمنية وليست سياسية، لم تحقق الحركة أي مكسب سياسي، أفضل مما حققته عبر صناديق انتخابات العام 2006.
أفضل لحظة عاشتها الحركة كانت من حزيران 2012 إلى حزيران 2013، أي ذلك العام الذي تولى فيه مرسي العياط منصب رئاسة مصر، حيث لم تبد الحركة أي استعداد لمتابعة طريق المصالحة، وأظهرت ميلا لإغلاقه للأبد، وأكثر من ذلك داعبتها الأحلام، بإقامة منطقة حرة بين غزة ومصر، وحتى فتح قنصلية مصرية في غزة!
طبعاً كل ذلك تبدد مع سقوط حكم الإخوان، حيث سرعان ما تدهورت أحوال غزة، فقد تمت العودة لصيغة إغلاق معبر رفح وفتحه بقرارات إدارية/ سياسية بين فينة وأخرى، وأسوأ أمر كان هو إغلاق الأنفاق، لذا فقد ارتفعت عقيرة حماس بالعودة لأجواء المصالحة ولأول مرة يتم عرض إدارة مشتركة لغزة بين حماس وفصائل العمل الوطني، لكن دعوات حماس قوبلت بآذان صمّاء من قبل السلطة في رام الله، وأبعد ما قوبلت به تلك الدعوات من قبل قادة فتح والناطقين باسمها، هو أنها لم تتضمن أي شيء جديد، وأنها لا تستجيب لمتطلبات إنهاء الانقسام!
طبعا وكأن القدر أو أن يدا خفية تلعب من وراء الكواليس، ففي اللحظة التي كان يسقط فيها حكم الإخوان في مصر، كانت الطريق تنفتح أمام جون كيري ليعيد الفلسطينيين والإسرائيليين للمفاوضات، الأمر الذي وجدت فيه سلطة فتح فرصة للتقدم على خشبة المسرح السياسي، رغم أن المفاوضات جرت، منذ البداية بشكل ملتبس، ودون شروط المفاوض الفلسطيني للعودة للمفاوضات، أصلا، وقد بات مع الحديث عن اتفاق الإطار، أن المفاوضات تجر الطرف الفلسطيني إلى مأزق حقيقي، يضع سلطة رام الله في موقف حرج للغاية، فهي إن قبلت اتفاق الإطار، ستواجه بمعارضة سياسية وشعبية عريضة، وإن رفضته فإنها ستواجه مشاكل جمة على الصعيد الخارجي، ستواجه ضغوطا أميركية وأوروبية، أقل ما يمكن أن ينجم عنها، هو عجزها عن تمويل سلطتها، وفي المقدمة بالطبع فاتورة المرتبات الشهرية.
لن ندخل في هذه المقالة بما يشاع من تفاصيل اتفاق الإطار، ومدخله الأمني، الذي عبر عن توافق أميركي/ إسرائيلي ليس فقط لما يجب أن تنتهي إليه المفاوضات، بل للسياق الذي ستجرى فيه، والذي أقل ما يمكن أن يقال فيه إنه يسعى إلى تمديد المرحلة الانتقالية الحالية، إلى أن تتم إعادة ترتيب الإقليم. لكننا نريد القول بكلمة واحدة فقط، وهي أنه إذا كان الطرفان يعيشان في مأزق حقيقي، فلم كل هذه المكابرة، ومحاولة أحدهما تحقيق النصر على الآخر، رغم أن ثمن ذلك هزيمة كليهما أمام الآخرين، ولم يلجأ أحدهما أو كلاهما، في لحظة الضائقة للآخرين ـ عربا أو مسلمين أو أجانب ـ ولا يلجأ إلى شقيقه، وإلى شعبه، حيث لا بد أن يجد الملاذ، وربما الخلاص، قبل أن يضيق الشعب ذرعا بهما معا ومعهما الاحتلال، وكثير من القوى الإقليمية، وينتفض وفق مقولة ـ يا وحدنا!
Rajab22@hotmail.com