خبر : كيري.. أوهامه تسبق جولاته!! ...هاني حبيب

الإثنين 16 ديسمبر 2013 11:24 ص / بتوقيت القدس +2GMT
كيري.. أوهامه تسبق جولاته!! ...هاني حبيب



من المقرر أن يعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب يوم السبت القادم، اجتماعاً طارئاً غير عادي للنظر في المستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومسار المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية برعاية أميركية، أما يوم الاثنين فيعقد وزراء الاتحاد الأوروبي اجتماعاً خاصاً للنظر في اتخاذ قرارات حول رزمة مساعدات مالية وأمنية وسياسية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف حثهما على اتخاذ قرارات مصيرية صعبة من اجل التوصل الى اتفاق سلام!

هذان الاجتماعان، هما في الغالب من ضمن أجندة وزير الخارجية الأميركية جون كيري الذي عاد وزار إسرائيل وفلسطين للمرة الثانية خلال أسبوع والتاسعة منذ توليه مهام منصبه، متجاوزاً ما تمر به المنطقة من أنواء عاتية وعواصف رعدية لم يسبق لها مثيل منذ عقود، وبالرغم من إغلاقات لعدة مطارات وموانئ، إلا أن "كيري" كان على الأرجح على موعد مع تحقيق إنجاز على مسار مساعيه ورعايته للعملية التفاوضية على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، الأمر الذي دفعه إلى التعجيل بهذه الجولة رغم كل العقبات الطبيعية والبيئية، ذلك أنه ظن أن الاجواء السياسية باتت مهيأة لتسجيل انجاز يمكن معه القول ان العملية التفاوضية تمضي الى اتفاق ما، الامر الذي يبرر تمديدها من جديد، اذ ان هذه العملية انطلقت في النصف الثاني من آذار، ولمدة تسعة أشهر تنتهي في النصف الأول من آذار القادم، باتت تتوفر ما يبرر تمديدها من جديد على ضوء هذا الانجاز الذي كان كيري يعتقد انه بات قيد التحقق!!
حسابات كيري لم تكن دقيقة ومنطقية الى حد لا يجب ان تغفر له، وهو وزير لخارجية دولة عظمى كالولايات المتحدة، سوء ادراكه لحقائق الوضع، خاصة فيما يتعلق بالموقف الفلسطيني، فقبل اسبوع، ولدى جولته الثامنة واجتماعه مع الرئيس عباس، أصرّ الرئيس الفلسطيني على ضرورة تعديل المخطط الذي حمله كيري حول الجانب الامني المتعلق بغور الاردن، والمتمثل برفض فلسطيني قاطع لتواجد أي شكل من اشكال الامن والعسكرة من الجانب الاسرائيلي على هذه المنطقة، واذا لزم الامر فهناك امكانية لتولي حلف الناتو وبرعاية اميركية هذه المسألة، وهو ما أشار اليه الجنرال "جونز" في خطته، مع ذلك عاد كيري ليلتقي بالرئيس عباس، حاملاً رؤية اسرائيلية ـ أميركية، تصر على تواجد أمني عسكري واسع في غور الاردن مع رقابة اميركية عبر الاقمار الصناعية ومحطات إنذار مبكر، اهمها من على جبل العاصور، وهي ثاني أعلى قمة بعد قمة جبل الشيخ.
حتى الآن لا يمكن فهم الاسباب التي دعت كيري الى التراجع عن رؤية جونز والامتثال للرؤية الاسرائيلية رغم رفض الجانب الفلسطيني، كما لا ندري كيف كانت ملامح كيري الذي تلقى رفضا مكتوبا وموثقا لرؤيته تلك بعد اجتماعه لنصف ساعة مع الرئيس ابو مازن مساء الخميس الماضي، ولا ندري حتى الآن اذا كانت الرسالة الرافضة الموثقة كانت مطلبا اميركيا، ام انها جاءت لتأكيد اصرار الجانب الفلسطيني على مواقفه ازاء الخطة الامنية المشار اليها، واشارة من قبل الجانب الفلسطيني، ان البحث في هذا الامر قد انتهى وان على الجانب الاميركي حل الازمة مع الجانب الاسرائيلي بهذا الشأن، اذ لم يعد للجانب الفلسطيني ما يقوله سوى الاصرار على موقفه القاطع.
ربما كانت الاوهام هي التي عززت من رؤية كيري، بان الجانب الفلسطيني، محدود الخيارات، والقابل للاستجابة للضغوط ، مهيأ لتقبل اصرار اسرائيل واميركا على تواجد امني، حتى لو كان غير مرئي، ما يشكل إنجازاً سعى اليه كيري خلال جولته النهائية قبل جولته الاخيرة الثامنة التي شكلت مفاجأة غير متوقعة وضربة حاسمة للتوافق الاميركي ـ الإسرائيلي بشأن هذه الخطة، دون ادراك من قبل الولايات المتحدة واسرائيل، ان ضعف الوضع الفلسطيني ومحدودية الخيارات، لا تشكل مبررا لكي يقبل الجانب الفلسطيني بما لا يمكن قبوله.
الاجتماعان اللذان اشرنا اليهما في البداية، يشيران الى ان كيري كان متأكدا من تقبل الجانب الفلسطيني لخطته من دون النظر الى الرفض الفلسطيني، هناك دعم واسع من قبل الاتحاد الاوروبي وهناك اجتماع عربي لدعم الموقف الفلسطيني في حال قبوله بهذه الخطة، وستغطي المنظومة العربية الجانب السياسي لهذا "الانجاز"!!
لكن ـ والحق يقال ـ إن الجانبين الاميركي والإسرائيلي، وضعا المسألة الامنية وكأنها حجر الاساس لاي تسوية سياسية، وظهرت اسرائيل وكأنها دولة مهددة وتستشعر ضرورة توفير الامن لها، في حين ان الواقع خلاف ذلك بشكل حاسم وقاطع، فاسرائيل هي التي تهدد جوارها الفلسطيني، وهي التي تشعل الحروب وتستمر في اعمالها الاحتلالية، وحسب هذه المعطيات المؤكدة فان الجانب الفلسطيني هو الأولى بالرعاية الامنية في مواجهة الاحتلال وإجراءاته العدوانية والارهابية لكن استمرار تناول هذا الملف، بالشكل الحالي، هو مكسب اسرائيلي حتى لو كان هناك رفض فلسطيني.
Hanihabib272@hotmail.com
www.hanihabib.net