القدس المحتلة / سما / سخر الصحافي اليساري الإسرائيلي جدعون ليفي، من الرواية الإسرائيلية التي أعلنت عنها الشرطة في تل أبيب حول استشهاد الشاب عنتر الأقرع، خلال ملاحقة من وصفتهم بالمقيمين غير القانونيين.
وقال ليفي في مقالة له على هآرتس، وانتشرت بشكل كبير في إسرائيل، إن "الأقرع لم يكن يستحق القتل لأنه لم يكن ينوي أن يقوم بأي عمل غير قانوني، وأنه جاء من قرية قبلان في نابلس لكي يجد مصدر رزق له استعدادا لزواجه الذي كان مقررا لحظة قتله بعد أسبوعين".
وأضاف "لقد جاء إلى إسرائيل ليكسر فيها كسرا بحثا عن الرزق كما آلاف الشبان الفلسطينيين"، معربا عن استغرابه لاستخدام الشرطة الإسرائيلية لقب "متطوع حرس الحدود" عن قاتل الشاب الأقرع، مضيفا "إنه لقب غريب مُنح للذي أطلق النار على الأقرع فأرداه قتيلا عند مدخل مقبرة اليركون، ولم توجد السكين التي هدد الأقرع بها، كما زعُم، لكن المتطوع أطلق عليه النار فقتله، متطوعا بالطبع، فكانت رصاصة واحدة وُجهت إلى ماكث غير قانوني فأردته قتيلا دون أي عجب".
وتابع "إن ما سُمي متطوع حرس الحدود الذي يبدو أنه في ملل وأن حياته فارغة جدا، وليس له مكان يتطوع فيه سوى حرس الحدود – وكأنه لا يكفينا ما يوجد في هذا السلاح القاسي حتى من غيره أيضا، وكأنه لا توجد أماكن أسمى للتطوع فيها– مضى إلى مقبرة اليركون التي كانت الملجأ الليلي البائس للماكث غير القانوني الأقرع ورفاقه خشية صياديهم من متطوعي حرس الحدود من مُحبي الحركة في مدينة الأموات، فالكثير من الماكثين غير القانونيين يختبئون يوم السبت فيها".
وواصل "ظهر فجأة صيادو البشر وحاول الأقرع الهرب، فربما خشي أن يُعتقل قُبيل زواجه، ونشك كثيرا في أنه عرض أحدا ما للخطر، أو وقف لحظة وانحنى فاستقر رأي المتطوع للشعب على أنه يوشك أن يرفع سكينا فأطلق عليه النار فأرداه قتيلا، وهكذا حدث ذلك القتل الآثم في المقبرة، فلقي الأقرع حتفه وتلاشى العُرس وبقي ثكل العائلة وألمها، ومن غيرها يهمه الأمر".
وسخر ليفي من إعلان الشرطة الاسرائيلية عن البدء في التحقيق بالحادثة، قائلا "الجميع أصبحوا يعلمون ماذا تكون النتيجة، ففي عام 2007 أقدم متطوعان آخران من حرس الحدود بمهاجمة 4 ماكثين غير قانونيين في يوم بارد جدا ونزعوا عنهم معاطفهم وأحذيتهم ورموهم بالحجارة لطردهم كالحيوانات، ولكن لم يُحكم عليهم بشيء، رغم أن المحاكمة استمرت خمس سنوات، لتصبح حياة الماكث غير القانوني وكرامته هما الأرخص في سلسلة الغذاء الإسرائيلية بل إنهما أرخص من حياة وكرامة المتسلل من أفريقيا".
ويضيف عن العمال الفلسطينيين "إنهم يتجولون بين ظهرانينا كظلال آدميين، ويختبئون في مواقع بناء ومزابل وفي مقابر ومناطق صناعية، وهم ماكثون غير قانونيين في جزء من أرضهم التي هي أرضنا أيضا، ويمكن أن يُروا فينة بعد أخرى يُطرحون بقرب أحد الحواجز مقيدين أذلاء بعد ليلة في الحجز، ولا أمل في أن يجدوا عملا سوى في إسرائيل، فالغالبية منهم يأتون للارتزاق فقط، وهم بتسللهم يسخرون من جدار الفصل، ويمكثون أسابيع طويلة بعيدا عن بيوتهم وعائلاتهم ويترصدهم الخطر ويترصد كرامتهم في كل لحظة، وحتى لو كان مكوثهم غير قانوني فإن معاملتهم ليست أفضل من ذلك، ومن المؤكد أنها غير إنسانية ولا أخلاقية".
وختم "أفكر في الأقرع لأنه لم يكن يستحق الموت، وأفكر في الأقرع لأنه لم يكن يستحق هذه الحياة البائسة، وهو يختبئ طلبا للحياة في مقبرة، ولا يستحق هذا الموت، وقد أُطلقت عليه النار ككلب ضال، هل من الفضول أن نكتب أنه كان إنسانا أيضا كسائر الناس؟ وأن إطلاق النار للقتل يجب أن يكون المخرج الأخير لا الأول؟".


